رام الله- وفا- جعفر صدقة-أبلغ رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، ان هناك مفاوضات متقدمة مع عدد من الشركات العالمية للدخول ضمن تحالف جديد لتطوير حقل الغاز الفلسطيني قبالة سواحل غزة، بعد خروج شركة "شل" من المشروع في أوائل نيسان الماضي.
وقال مصطفى، "لدينا مناقشات جدية مع عدد من الشركات العالمية ذات الاختصاص. سنقدم توصية لمجلس الوزراء باعتماد الشركة الاكثر خبرة وتتمتع بالإمكانيات الفنية اللازمة لاعتمادها شريكا في تطور هذا المشروع".
في مطلع آذار، صادق مجلس الوزراء على خروج شركة "رويال داتش شل"، وهي شركة بريطانية هولندية، آلت اليها حقوق تطوير حقل الغاز قبالة سواحل غزة بعد استحواذها، في العام 2015، على شركة "بي جي" البريطانية، والتي حصلت بدورها على عقد امتياز تطوير الحقل في العام 2000، وفي مطلع نيسان الماضي.
وقال مصطفى "شل شركة عالمية كبيرة، وكنا نرغب ان تستمر في المشروع، لكن وضعها الداخلي تغير. كما هو معروف، قررت شل بيع جزء من أصولها لأسباب داخلية تخصها، وللأسف كان مشروع الغاز الفلسطيني جزءًا من هذه الأصول".
وكانت "شل" أعلنت فور اتمام استحواذها على "بي جي" في صفقة بلغت نحو 53 مليار دولار في مطلع العام 2016، نيتها بيع أصول تزيد قيمتها عن 30 مليار دولار، على مدى ثلاث سنوات، لتحسين وضعها المالي، وكان حقل الغاز الفلسطيني واحدا من هذه الاصول.
قرار مجلس الوزراء في مطلع آذار المصادقة على خروج "شل"، وأيضا منح حقوق تطوير الحقل لتحالف جديد، يضم صندوق الاستثمار الفلسطيني وشركة اتحاد المقاولين العالمية (سي سي سي)، مع تفويض صندوق الاستثمار بالتفاوض مع شركة عالمية لتكون طرفا ثالثا في هذا التحالف بدلا من "شل".
ثقل فلسطيني واضح
"مارين غزة" اكتشف في العام 2000، بواسطة شركة "بي جي" البريطانية، التي منحتها السلطة الوطنية حقوق تطوير الحقل، بحصة تبلغ 60% مقابل 30% لشركة "سي سي سي" و10% فقط للسلطة الفلسطينية، وحولت هذه الحصة الى صندوق الاستثمار الفلسطيني، الذي أسس في العام 2003 ليدير الأنشطة التجارية التابعة السلطة، وبات بمثابة الصندوق السيادي لفلسطين.
وبعد سنوات، تمكن صندوق الاستثمار من رفع حصته في المشروع الى 17.5% لتنخفض حصة "بي جي" الى 55%، وانتقلت فيما بعد نفس الحصة لشركة "شل"، فيما انخفضت حصة "سي سي سي" الى 27.5%، وبقي هيكل الملكية وفقا لهذه النسب الى ان أحالت الحكومة حقوق التطوير الى التحالف الجديد، بعد خروج "شل"، مع رفع حصة صندوق الاستثمار على حساب الشريك الدولي المحتمل، لتصبح 27.5%، وهي حصة مماثلة لحصة "سي سي سي"، وبذلك تصبح ملكية الشريكين الفلسطينيين مجتمعة 55%، فيما خصصت الحكومة للشريك الدولي حصة تبلغ 45%.
وقال مصطفى: كنا نرغب ببقاء "شل" في المشروع، لكن نتيجة شعورنا بأهمية الموضوع، توصلنا معهم (شل) بشكل سريع، وكان هناك تنسيق بين الحكومة وصندوق الاستثمار من اجل خروج سلس وشفاف لشركة شل، وهذا ما حصل بالفعل، لضمان نجاح المشروع في المرحلة القادمة".
واضاف: خروج "شل" اعطانا فرصة للامساك بزمام الامور بثقل فلسطيني واضح وقوي، لضمان امكانية تطوير المشروع بأسرع وقت ممكن. تم نقاش الموضوع بالتفصيل بناء على عرض قدمناه الى مجلس الوزراء، وهو في اللحظة التي اخلى بها "شل" من التزاماتها، اعطى حقوق تطوير الحقل لتجمع جديد، ووزع الحصص كالآتي: صندوق الاستثمار 27.5% ومثلها لشركة سي سي سي، وابقى 45% لتكون من نصيب شركة دولية صاحبة خبرة في هذا المجال".
واوضح مصطفى: هذه النسب هي حصص الشركاء الثلاثة في التحالف صاحب حقوق تطوير المشروع، وليس لها علاقة بالدولة، فالدولة لها حقوق اخرى سواء في ملكية المشروع او الضرائب، وهي حقوق مختلفة عن حقوق المطور".
وتابع: مجلس الوزراء كلف صندوق الاستثمار بتقديم توصية لاعتماد شركة عالمية كشريك ثالث في تطوير المشروع، والآن نبحث عن الطرف المناسب. لدينا مناقشات جدية مع مجموعة من الشركات العالمية ذات الاختصاص".
حوالي عقدين مرا على توقيع اتفاقية تطوير الحقل مع "بي جي"، ومن ثم "شل"، ولم يتقدم المشروع حتى الآن، فيما عزاه مصطفى لـ "اسباب سياسية"، وقال "20 عاما على منح حقوق التطوير لـ"بي جي" ولم تفعل شيئا. الآن نبحث عن شركة مهتمة، وحجمها مناسب، ولديها استعداد اعلى للمخاطرة، وتفهم سوقنا بشكل افضل، ولديها الامكانية المالية والفنية، ونحن نتحدث عن مشروع بحاجة الى استثمارات تبلغ حوالي مليار دولار قبل ان يحصل المستثمر على مليم واحد. هناك مخاطرة عالية. استثمار في ظل وضع صعب سياسيا وامنيا يمثل تحديا كبيرا".
التأخير أسبابه سياسية
لكن مصطفى استدرك بالقول ان "اسباب التأخر في تطوير المشروع جلها سياسية، فبئر الغاز التي نتحدث عنها موجودة في عرض البحر، وليس من السهل الوصول اليها حتى لو قررنا. هذا بحاجة الى ترتيبات خاصة كتوفير بارجة، والحفر في عمق البحر، ما يتطلب تنسيقا امنيا مع اطراف مختلفة. هذا يعني ان المشروع لن يرى النور الا اذا كان هناك قبول سياسي من الاطراف ذات العلاقة، ومن ضمنها اسرائيل".
واضاف: خلال الفترة الماضية، حصل تطور ايجابي وحيد مع الجانب الاسرائيلي، وهو اعتراف اسرائيل بأن هذا الغاز هو فلسطيني، ما يعني ان لا نزاع على ملكية الغاز، لكن السماح بالترتيبات التي تمكننا من استخراج هذا الغاز لم تنجح حتى الآن، لأسباب سياسية اولا، وثانيا بسبب الظروف التي مرت بها "بي جي" مؤخرا، و"شل" فيما بعد. نحن لم نضيع الوقت، فعملنا بشكل جدي مع الاطراف التي يمكن ان تضغط على اسرائيل لتحسين ظروف المشروع، ورغم ان لا شيء مضمون مع الإسرائيليين الا ان هناك ما يدعو الى التفاؤل".
إسرائيل لم تعد مهتمة بشراء الغاز الفلسطيني
احد دوافع اسرائيل لتأخير تطوير حقل الغاز الفلسطيني قبالة سواحل غزة، بحسب مصطفى، "طمعها بشرائه، وبصفتها دولة احتلال، لم نكن نفضل بيع الغاز لها، وايضا، ولأنها المشتري الوحيد، خشينا ان تعرض سعرا غير مقبول، فنحن نسعى للحصول على اكبر عائد من هذا المشروع. الآن اسرائيل لم تعد مهتمة بالغاز الفلسطيني حيث باتت مصدرة للغاز، وهذا تطور ايجابي".
في الترتيبات الاخيرة، تحاول الحكومة الفلسطينية وصندوق الاستثمار تدارك التأخير الذي حصل في تطوير حقل الغاز، "بالسعي لتحسين الظروف السياسية المحيطة بالمشروع، واستقطاب مطور جريء وقوي، ولديه الإمكانية لمواجهة المخاطر، اضافة الى زيادة دورنا في هذا المشروع، حيث كانت حصتنا محدودة وصوتنا ليس قويا. الآن المعادلة تكاملت بطريقة تعطينا سببا للتفاؤل" قال مصطفى.
الأولوية للاستخدام المحلي
تطور ايجابي آخر طرأ خلال الفترة الأخيرة فيما يخص تسويق الغاز، من شأنه تحفيز عملية تطوير الحقل، يتمثل بتطوير محطات فلسطينية لتوليد الكهرباء ستستهلكك الجزء الاكبر من الغاز المستخرج.
وقال مصطفى، "نبني بنية تحتية في قطاع الطاقة، وخصوصا توليد الكهرباء، ستمكننا من الاستفادة من غازنا بشكل ممتاز. لم يعد التصدير اولوية لنا، فاستراتيجيتنا تغيرت باتجاه الاستهلاك الداخلي كألوية، بدءا من محطة توليد الكهرباء في جنين، المتوقع ان تحتاج نصف كمية الغاز الذي سننتجه، اضافة محطة التوليد في غزة، والتي نعمل على توسيعها وتحويلها للغاز بدلا من السولار".
اضافة الى محطات توليد الكهرباء، اعرب مصطفى عن امله بأن "تستفيد الصناعة الفلسطينية من هذا المشروع، اذ ان القدرة التنافسية لهذه الصناعة ستكون اكبر مع وجود مصدر كفؤ ونظيف ورخيص للطاقة".
واضاف: لدينا خطة متكاملة للاستفادة داخليا من غازنا قدر الامكان، وما يتوفر، هناك اتصالات مع عدة اطراف لبيعها الغاز، من ضمنها شركة الكهرباء الاردنية، التي ابدت رغبة اولية بشراء جزء من الغاز الفلسطيني".
ويقع حقل "مارين غزة" في عرض البحر الابيض المتوسط، على بعد 35 كيلومترا من ساحل قطاع غزة، وبعمق اربعة كيلومترات تحت الماء، ووفقا للتقديرات "بي جي"، تبلغ احتياطياته تريليون قدم مكعبة (28 مليار متر مكعب) من الغاز.