رام الله-أخبار المال والأعمال- شكّل إعلان رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، عن التوصل لاتفاق مع الحكومة الإسرائيلية على منح خمسة آلاف جمع شمل للعائلات الفلسطينية كدفعة أولى، على طريق إنهاء هذا الملف بالكامل في إطار جدول متفق عليه، بارقة أمل لآلاف العائلات الفلسطينية في المحافظات الشمالية والجنوبية، والتي ترفض إسرائيل الاعتراف بقانونية وجود أحد أفرادها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعلن الشيخ، يوم الاثنين، عن استئناف العمل بملف جمع شمل العائلات، وكمرحلة أولى سيتم تسوية أوضاع المواطنين الذين دخلوا لأرض الوطن بموجب تصريح زيارة أو تأشيرة سفر (فيزا)، ومنحهم المواطنة وجواز السفر الفلسطيني، على أن يستمر العمل والمتابعة من أجل البدء بملفات المواطنين القاطنين خارج الوطن.
"لم الشمل حقي"
وكان المئات من المواطنين الباحثين عن حقهم في "لم الشمل" مع عائلاتهم، قد أطلقوا حملة منذ مطلع العام الجاري، تحت شعار "لم الشمل حقي"، عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تنظيم وقفات أمام مقر الهيئة العامة للشؤون المدنية في رام الله، إلى جانب وقفات مماثلة في قطاع غزة.
ولا تملك السلطة الفلسطينية أي صلاحيات لإجراء أي تغيير على السجل السكاني للفلسطينيين، سوى تسجيل المواليد والوفيات واستبدال بطاقات الهوية الشخصية التالفة.
وتشترط إسرائيل للاعتراف بقانونية وجود الفلسطينيين، في الضفة وغزة، أن يكونوا من المقيمين في المنطقتين إبان احتلالها لهما في يونيو/حزيران 1967، وهو ما أدى إلى تشتت شمل عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية.
وعقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، وافقت إسرائيل على "لم شمل" آلاف العائلات الفلسطينية، لكنها عادت وأوقفت منح قرارات "لم الشمل" منذ 2009، عقب تولي بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود، مقاليد الحكم.
وتبرز المشكلة بوجه خاص، لدى العائلات التي دخل بعض أفرادها إلى الضفة وغزة بتصاريح مؤقتة أو "سياحية"، ولدى الفلسطينيين الذين تزوجوا بجنسيات أخرى، دون أن يحصلوا على قرار "لم الشمل"؛ حيث إن إسرائيل تعدّهم "مقيمين غير شرعيين"، وفي حال اضطر بعضهم إلى السفر، فإنه لا يستطيع العودة للعيش مع أسرته.
كما يتشعب ملف "لم الشمل" ليشمل أيضًا العائلات التي تقيم داخل فلسطين، لكن بعض أفرادها يقيمون في مناطق مختلفة مثل الضفة والقدس وقطاع غزة، إذ تتعمد إسرائيل الفصل بين تلك المناطق، ومنع تواصل الفلسطينيين بينها، إلا وفق تصاريح خاصة.
10 سنوات بلا حرية
ديانا قدورة، واحدة من الناشطات في حراك "لم الشمل حقي"، دخلت الضفة الغربية قادمة من الأردن عام 2011، بتأشيرة سياحية إسرائيلية، وفي مدينة البيرة تزوجت شابا فلسطينيا، وهي اليوم أم لطفلين.
تقدمت قدورة (35 عامًا) عبر هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، بطلب للم شملها بزوجها ومنحها الهوية الفلسطينية، لكن ملفها يراوح مكانه منذ 10 سنوات.
وتقول قدورة في لقاء سابق مع وكالة "الأناضول": "تزوجت منذ 10 سنوات، وأُعَد مخالِفة (للأنظمة)، لأنني قدمت من الأردن بتأشيرة إسرائيلية (انتهت)".
وعن حرمانها من لم الشمل، تقول إنه أضرّ بها كثيرا "لا يوجد معي إثبات شخصية، وهذا يؤثر في كل شيء، جميع الحريات مفقودة ومعدومة؛ حرية التنقل والأهم حرية السفر".
سجناء في مدنهم
وتقول قدورة، إنها تعيش في ما يشبه "السجن"، مضيفةً أن "من حق الشخص الطبيعي أن يزور أهله ويزوروه، لا أحد يزورنا ولا نزور أحدًا".
وتضيف "فقط نتحرك (المحرومون من الشمل) داخل محافظاتنا، لم أزر أي محافظة فلسطينية، فقط مشوار (زيارة واحدة) إلى (مدينة) أريحا". وتخشى ديانا كثيرا انتشار جيش الاحتلال في أغلب المناطق، فقد يوقفها ويبعدها خارج الضفة.
وتقول إنها لا تحاول الاقتراب من حواجز الاحتلال وأماكن وجودها، مضيفة "لما أشوفهم (حينما أراهم) أخاف، خاصة إذا سألوني عن (بطاقة) هويتي".
وأشارت ديانا قدورة إلى أن حملة "لم الشمل حقي" أُطلقت منذ شهور وساعدت كثيرا على التعريف بقضية طالبي لم الشمل، وانتشر وسم "لم الشمل حقي" على نطاق واسع.
وذكرت أن زوجات وأزواجا وأبناء من جنسيات عدة، يقيمون في الضفة، ولا يعترف الاحتلال بوجودهم، بعضهم من الجزائر، وتونس، وسوريا، ومصر، وآخرون من دول غير عربية.
معطيات
ويتقدم بطلبات "لمّ الشمل" فلسطينيون يقيمون في الأراضي المحتلة، لمصلحة أزواجهم أو أقربائهم من الدرجة الأولى من غير المسجّلين في سجل السكان الفلسطيني الذي تديره إسرائيل منذ 1967، والذين حضروا بطرق مختلفة منها تصاريح دخول إسرائيلية.
وكانت آخر مرة وافقت فيها إسرائيل على قوائم لم الشمل الفلسطينية قبل نحو 12 سنة حين تمت الموافقة على نحو 50 ألف فلسطيني، لكنها جمّدت الملف بعد ذلك.
ولا تتوفر معطيات حديثة عن عدد طالبي (لمّ الشمل).
من جهته، يقول مسؤول الإعلام بهيئة الشؤون المدنية، عماد قراقرة، إنهم "بالآلاف"، في حين تقدّرهم حملة "لم الشمل حقي" على صفحتها بفيسبوك بنحو 22 ألفا.
ووفق منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، جمّدت إسرائيل عام 2000 عملية تسجيل المستجدات والتغييرات في نسخة سجل السكان الذي لديها، ولا تعترف بالتغييرات التي تجريها السلطة الفلسطينية.