رام الله- الحياة الجديدة- أيهم ابوغوش-تشير الأرقام المتوفرة لدى وزارة النقل والمواصلات إلى أن المركبات المسجّلة في دوائرها للمرة الأولى خلال العام 2020 بلغت نحو 18 ألف مركبة، سواء كانت جديدة (صفر كيلو أو مستخدمة) ما يعني أن هناك تراجعًا بنسبة 35% في مجموع المركبات المستوردة أو المحوّلة من الجانب الاسرائيلي خلال العام الماضي مقارنة مع العام 2019 والذي تم تسجيل فيه نحو 28 ألف مركبة جديدة.
ويقول موسى رحّال المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات لصحيفة "الحياة الجديدة" إن السبب الرئيسي لتراجع تسجيل المركبات للمرة الأولى في دوائر السير هو وقف الاستيراد خلال فترة توقف التنسيق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بتعليمات من الرئيس محمود عباس عقب إعلان اسرائيل نيتها ضم الأغوار قبل أن يستأنف مجددًا خلال تشرين الأول الماضي.
وحسب الأرقام المتوفرة في وزارة النقل والمواصلات، بلغ عدد المركبات التي تم ترخيصها خلال العام 2020 نحو 270 ألف مركبة وهو رقم مماثل تقريبًا لما تم ترخيصه من مركبات في العام 2019، لكن ذلك يعد اجمالا تراجعًا طفيفًا إذا ما أخذ بعين الاعتبار النمو الطبيعي لعدد المركبات سنويًا وكذلك النمو السكاني.
وتمثل المركبات الخصوصية ما نسبته 82% من مجمل المركبات المسجلة في العام 2019، بينما تبلغ نسبة باقي أنواع المركبات بينها مركبات النقل العام نحو 18% من مجمل المركبات المسجلة.
صعوبات جمة خلال عام الجائحة
ويستعرض رحال لـ"الحياة الجديدة" مجموعة من التحديات التي واجهتها الوزارة بشكل خاص، وقطاع النقل والمواصلات بشكل عام خلال العام 2020 والذي طبقت فيه حالة الطوارئ بسبب تفشي فيروس كورونا.
ويقول رحال إن من أبرز الصعوبات التي واجهتها الوزارة تمثلت في إغلاق المديريات خلال فترة الإغلاق، قبل أن تستأنف عملها لاحقًا وفق بروتوكولات صحية خاصة، مشيرًا إلى صعوبات واجهها المواطنون في ترخيص مركباتهم ورخصهم خلال فترة الإغلاق، ما حدا بالوزارة إلى اتخاذ قرار بتأجيل سريان رخص المركبات ورخص السائقين أكثر من مرة، لتمكين المواطنين من التحرك بمركباتهم بصورة قانونية.
وينوه رحال إلى أن الوزارة اضطرت في بعض المديريات بعض الفترات من العام إلى تمديد العمل حتى الساعة السادسة مساء لتمكين المواطنين من تلقي الخدمة التي يريدونها، بالإضافة إلى إطلاق تطبيق يتيح المجال أمام المواطنين لتجديد رخصة القيادة أو المركبة بالتعاون مع المديريات وبعض البنوك لتخفيف الضغط عن المديريات والتسهيل على المواطنين.
ويلفت رحال إلى أن الوزارة اضطرت أيضًا في بعض الفترات إلى وقف إجراء الفحوصات النظرية والعملية قبل أن تعود إلى تنظيمها لاحقًا وفق بروتوكولات صحية خاصة، وكذلك تخفيف الأعباء عن النقل العام الذي تعرض لخسائر تشغيلية بسبب الإغلاقات، وذلك بالسماح للمركبات التي تحمل سبعة ركاب في الظروف الطبيعية بتحميل خمسة ركاب، والمركبات التي تحمل خمسة ركاب بتحميل ثلاثة ركاب فقط ضمن الإجراءات الصحية، في محاولة لتخفيف الأعباء عن السائقين والمواطنين على حد سواء، بحيث ساد نوع من التوازن، يتحمل السائق كلفة خسارة راكب، فيما يتحمل الركاب تكلفة راكب آخر.
خسائر بالملايين
تشير الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء إلى أن مساهمة قطاع النقل والتخزين في الناتج المحلي الإجمالي بلغت مع نهاية الربع الثالث من العام 2020 نحو (180) مليون دولار، بينما كانت بلغت في الفترة المناظرة من العام 2019 نحو (200) مليون دولار، ما يعني ان القطاع تكبد خسائر بنحو (20) مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بتراجع نسبته 10%.
ويسهم قطاع النقل والتخزين بأقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مع العلم إن ذلك لا يشمل قطاع استيراد المركبات وبيعها والتي يدخل تصنيفها في قطاع التجارة والتجزئة.
انخفاض في استيراد المركبات
يؤكد جلال ربايعة رئيس اتحاد السيارات المستوردة لـ"الحياة الجديدة" أن مستوردي المركبات تلقوا خسائر بلغت قيمتها نحو (70) مليون شيقل بسبب حجز مركبات استوردوها من الخارج في الموانئ الاسرائيلية ولم يسمح لهم بنقلها إلى الأراضي الفلسطينية بسبب وقف التنسيق بين السلطة الوطنية واسرائيل.
وقال ربايعة إن المستوردين اضطروا لدفع ثمن أرضيات في الموانئ طيلة فترة وقف التنسيق ما كبدهم خسائر كبيرة.
وقدّر ربايعة حجم التراجع في استيراد المركبات خلال العام الماضي بنحو 40% مقارنة مع عام 2019 وهو رقم قريب من الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة النقل والمواصلات.
وأرجع ربايعة هذا التراجع إلى عدة أسباب أبرزها وقف التنسيق بين السلطة الوطنية واسرائيل لعدة أشهر، وكذلك قلة العرض العالمي على المركبات في ظل وجود طلب متزايد بسبب جائحة كورونا، إذ أصبح الناس يفضلون النقل الخصوصي على النقل العام خوفًا من الإصابة بالفيروس، وكذلك تراجع القوة الشرائية للمواطنين الفلسطينيين بسبب الانكماش الاقتصادي والظروف الصعبة التي مروا بها.
وحول أسعار المركبات حاليًا في السوق الفلسطيني، يوضح ربايعة أنها مستقرة رغم انخفاض قيمة الدولار، معللا ذلك إن انخفاض قيمة الدولار وتراجع القوة الشرائية تزامن مع رفع للجمارك من قبل وزارة المالية على المركبات المستوردة بنسبة 6%.
"لعبة تجار"
يؤكد المحلل الاقتصادي د. بكر اشتية، أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، أن قطاع النقل المواصلات في فلسطين تضرر على أكثر من صعيد، فهو تضرر في مجال النقل العام كون المركبة العمومية يسمح لها فقط بنقل عدد محدد من الركاب في ظل جائحة كورونا، كما أن هذا القطاع خسر في ظل الإغلاقات المتوالية التي فرضت خلال فترة الطوارئ.
ويضيف: "كذلك تضرر قطاع الشحن والنقل التجاري بسبب الاغلاقات وتراجع القوة الشرائية وانخفاض الواردات، تزامنا مع صعوبات واجهتها التجارة الدولية، وكذلك تراجع التجارة الداخلية".
أما فيما يتعلق بتراجع استيراد المركبات خلال العام 2020، فيوضح د. اشتية أن ذلك منطقي نتيجة عدة عوامل، منها وقف التسيق الأمني وتكبد التجار لخسائر نتيجة حجز مركباتهم في الموانئ، وثانيا القدرة الشرائية للمواطنين سواء كانوا موظفين في القطاع العام أو الخاص تراجعت بسبب أزمتي المقاصة وكورونا والانكماش الاقتصادي.
أما حول عدم تراجع أسعار المركبات في فلسطين رغم انخفاض أسعار الدولار وتراجع القوة الشرائية، يقول اشتية بأن موضوع الأسعار في فلسطين ومن بينها المركبات هي "لعبة تجار"، موضحا أن 7% فقط من إجمالي الواردات الفلسطينية تأتي من بضائع مقومة بالدولار، بمعنى أن تأثير قيمة الدولار على الأسعار في فلسطين يظل محدودا كون ان غالبية البضائع تستورد من دول غير مقومة بالدولار.
ويضيف "حينما كانت قيمة صرف الدولار ترتفع، كان التجار يمارسون لعبة رفع الأسعار بدعوى أن قيمة الدولار مرتفعة، لكنهم يعرفون أن معظم منتجاتهم استوردت من دول غير مقومة بالدولار ولم يتأثروا حقيقة بسعر الصرف، والأمر ذاته ينطبق حينما انخفضت قيمة صرف الدولار كون أن معظم البضائع تستورد من دول غير مقومة بالدولار إلا في حدود مدخلات ما يتطلبه المنتج من مواد خام مستوردة بالدولار، ولهذا ليس صحيحا أن الانخفاض في قيمة صرف الدولار أو ارتفاعه يجب أن تنكعس بنفس القدر على سعر السلعة نفسها".
ويزيد "بلد المنشأ يلعب دورا في تحديد سعر السلعة، ومعظم وارداتنا من تركيا والصين وهما بلدان عملتهما غير مقومتين بالدولار، وفي قطاع السيارات معظم الواردات من كوريا وألمانيا، وبالتالي غالبا لن تتأثر الأسعار بقيمة صرف الدولار إلا في حدود ادخال بعض المواد الخام المستوردة بالدولار".