غزة-الأيام-تواجه جمعيات التوفير المنتشرة بين المواطنين في قطاع غزة خطرا متواصلا يهددها بالتوقف حال استمرت الأوضاع الاقتصادية للمواطنين في التدهور.
ومع بداية كل شهر حيث موعد صرف الرواتب تتضح عمق المشكلة في جمعيات التوفير اذ يمتنع كثير من المشاركين فيها عن دفع أقساطهم الشهرية نتيجة تردي أوضاعهم المعيشية ما يهدد استمرار وجود هذا النشاط الاجتماعي الاقتصادي الذي تعتمد عليه كثير من الأسر في تدبير أمورها وإقامة مشاريعها الصغيرة.
وتقول المواطنة منيرة خاطر (52 عاما)، من مدينة غزة، انها تعتمد على جمعيات التوفير بشكل أساسي في تلبية جميع متطلباتها ومشاريعها الأسرية من زواج أبناء أو شراء او بناء شقة لاحد افراد أسرتها مؤكدة انها طريقة ناجحة في تحسين وضعها ومساندة زوجها في تنفيذ الأمور الكبرى.
وأشارت في حديث لـ"الأيام" الى انها تشترك بشكل دائم في هذه الجمعيات وما ان تنتهي من جمعية حتى تشترك في أخرى مباشرة موضحة ان الاشتراك يبدأ قبل فترة من بدء عمل "جمعية التوفير" لكي تتمكن من حجز دور لها.
وتابعت، "في أيام الخير والشغل كنت اشترك بجمعتين وثلاث في نفس الوقت لكن مع أحوال البلد الصعبة لم يعد لدي المقدرة الا الاشتراك في جمعية وحدة وبمبلغ يتناسب مع امكانياتي".
وتحرص خاطر على الاشتراك بجمعيات التوفير مع اشخاص تعرفهم واهل ثقة بالنسبة لها كجاراتها او احدى قريباتها بالإضافة إلى سؤالها عن ظروف المشتركين معها في نفس الجمعية لكي تشعر بالأمان لافتة إلى ان تدهور الأوضاع الاقتصادية في الفترة الأخيرة ساهم في تراجع جمعيات التوفير والسداد بالوقت المناسب.
بدورها، أكدت ام اياد زيارة (60 عاما) التي تشترك في جمعيات التوفير منذ ما يزيد على 25 عاما على فاعليتها ونجاحها في سد الاحتياجات المالية للأسر، لافتة إلى ان الغالبية تلجأ اليها بدلا من القروض البنكية لتوفير مصادر مالية لتنفيذ مشاريعهم بعيدا عن الفائدة البنكية.
وأضافت، ان الثقة موجودة بينها وبين المشتركين لوجود العشرة الطويلة بين غالبيتهم مبينة ان الجمعية تبدأ في الغالب من شهر كانون الثاني وتنتهي مع نهاية العام في شهر كانون الاول.
ولفتت زيارة الى ان الاشتراك بمبلغ كبير في جمعية التوفير يكون لأسباب عدة منها الزواج، بناء شقة، او أداء فريضة الحج بينما الاحتياجات الأخرى الاشتراك يكون بمبلغ أقل لافتة إلى انها تسمح باشتراك اعداد كبيرة من الناس لمساعدتهم ودعمهم.
وتابعت، "لدي الآن 110 مشتركين معي بجمعية توفير لكن بمبلغ قليل وتسليم 4 أشخاص في الأسبوع وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية للمواطنين التي تراجعت واثرت على كافة مناحي الحياة للمواطن الغزي".
وأكدت زيارة أن "جمعيات التوفير" حتى وان كانت بمبلغ بسيط إلا انها فرصة لتلبية الاحتياجات الاسرية، لافتة إلى ان جمعيات التوفير ما زالت مستمرة وعليها إقبال لكنها اقتصرت على مبالغ محدودة في إمكانيات ظروف الغالبية المتشابهة.
من جهته، أكد المختص بالشأن الاقتصادي حسن الرضيع ان اقتصاد قطاع غزة يعاني من تراجع يكاد يكون هو الأعلى منذ عقود ما انعكس سلبا على شتى مناحي الحياة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
وبين الرضيع في حديث لـ"الأيام" أن جمعيات التوفير هي فكرة رائدة وغير ربوية تعزز التكافل وتساعد على الادخار وتقلص الاستهلاك وهي فكرة تشتهر بها غزة منذ القدم مؤكدا انها وسيلة ناجحة في توفير الأموال للبدء في أي مشروع أي كان.
وتابع، "رغم أهمية الجمعيات إلا انها تأثرت سلبا بالوضع الراهن لعدم قدرة البعض دفع الأقساط الشهرية بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة، لافتا انه هناك المئات من جمعيات التوفير فشلت بسبب تعثر دفع مشتركيها أقساطها.
وأكد الرضيع انه في حال تحسن الوضع الاقتصادي يمكن لجمعيات التوفير ان تعود لسابق عهدها خاصة انها تقلل من أعباء الاقتراض من البنوك والمؤسسات التي تستغل الفقراء وصغار الموظفين.