بدء موسم قطف الزيتون وسط تحديات تواجه المزارعين

Publishing Date
متطوعون يساعدون أهالي قرية بيتا جنوب نابلس في قطف ثمار الزيتون علي قمة جبل صبيح التي أقام الاحتلال عليها بؤرة استيطانية-تصوير وفا

غزة / رام الله (شينخوا) بدأ المزارعون الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية قطف ثمار الزيتون من داخل أراضيهم الزراعية وسط تحديات جمة تواجههم.

ويبدأ موسم قطف الزيتون في الأراضي الفلسطينية في بداية شهر أكتوبر الجاري ويستمر لمدة 40 يوما، حيث يجني المزارعون محصولهم الذي يترقبونه على مدار عام كامل أملا في أن يكون موسم سنوي مميز لهم اقتصاديا.

ورغم الأجواء الاحتفالية التي تغلب على عمل المزارعين في هذه الأيام إلا أن التحديات في ندرة المحصول في غزة واعتداءات جماعات المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية تنغص عليهم فرحتهم.

ويقول عمار حجي الذي يملك والده أرضا بمساحة 250 دونما على الأطراف الشرقية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن موسم الزيتون العام الحالي 30 في المائة مقارنة مع العام الماضي.

ويضيف حجي (29 عاما) ووالد 4 أطفال بينما يتواجد برفقته عشرات العمال أن العام الحالي لم يشهد الأشجار حمل ثمار الزيتون بسبب قدوم موجة برد في موسم الزهر وهو ما أثر سلبا على كمية الإنتاج.

ويتابع حجي الذي بدا وجهه عابسا لقلة كميات ثمار الزيتون داخل الأرض أن موسم قطف الزيتون ينتظره المزارعين والعاملين بفارغ الصبر باعتباره عرس فلسطيني ويمثل مصدر رزق لدى الكثير من العائلات.

ويشير إلى أن أبرز المعيقات التي تواجه المزارعين وأصحاب الأراضي هي استيراد زيت الزيتون من الخارج، داعيا السلطات الحكومية إلى إعطاء أولوية للمنتج المحلي وتسويقه وبيعه بأريحية.

ويتجمع المزارعون وأصحاب الأراضي الزراعية حول أشجار الزيتون، وهم يحملون الأكياس الفارغة والسلالم الطويلة التي تصل إلى أعالي الأشجار لقطف حبات الزيتون يدويا وتعبئتها وللزيتون ارتباط رئيس بعادات وتقاليد سكان قطاع غزة.

ويتسلق فتية وشبان صغار أشجار الزيتون التي عادة ما تكون قد تجاوزت أعمارها عن 100 عام من أجل قطفها، فيما يقوم آخرون بقطف الأجزاء السفلية منها، بينما تعمل النساء على ما جمع ما تساقط أرضا من حبات الزيتون.

ويمثل موسم قطف الزيتون طوق نجاة للشاب عامر فايز (30 عاما) من مدينة غزة في توفير مصدر رزق لإعالة أسرته المكونة من 5 أفراد في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في القطاع وعدم توفر فرص عمل.

ويقول فايز الذي يعمل لمدة 12 ساعة يوميا في قطف ثمار الزيتون لوكالة أنباء ((شينخوا))، إننا ننتظر شهر أكتوبر بفارغ الصبر كونه يمثل فرصة كبيرة من أجل إيجاد فرصة عمل مناسبة مقابل 10 دولارات في اليوم الواحد.

ويضيف فايز بينما كان يمسك بأغصان الأشجار بحثا عن ثمار الزيتون إن الموسم يمثل مصدر رزق لعشرات الشبان وأرباب العائلات في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في القطاع وعدم توفر فرص عمل.

ويتابع الشاب بينما كان تواجد عشرات العمال من حوله أن الأجرة اليومية من وراء العمل "لا تكفي" حاجة أسرته من احتياجات ومأكل ومشرب ولكن ندرة العمل في القطاع يدفع الشباب للقبول بتلك الأعمال.

ويعد محصول الزيتون مصدرا غذائيا واقتصاديا رئيسا بالنسبة لسكان قطاع غزة ويتم زراعة ثلاثة أصناف رئيسة منه هي (السري) و (الشملالي) و (بارنيع).

وبعد جني الثمار يتوجه المزارعون بأغلب كميات الزيتون إلى المعاصر لإنتاج الزيت الذي يتوقع أن يصل إنتاج قطاع غزة منه إلى ما يزيد عن ألفين و500 طن لهذا العام.

كما أن المخلفات الناتجة عن عصر الزيتون أو ما يعرف بالجفت يستخدموها مزارعو غزة في عمل قوالب منه تستخدم في التدفئة إلى جانب الحطب بالإضافة إلى استخدامه كسماد للتربة.

ويزرع قرابة 40 ألف دونم بأشجار الزيتون في القطاع 32 منها منتجة وذلك بسبب التغييرات المناخية التي تركت أثارا سلبية على المزارعين الذين ينتظرونه بفارغ الصبر كما تقول وزارة الزراعة الفلسطينية في غزة.

ويقول أدهم البسيوني المتحدث باسم الوزارة لـ((شينخوا)) إن العام الحالي شهد تراجعا في نسبة إنتاج الزيتون وصلت إلى 65 في المائة بسبب ظروف المناخ الذي ساد في موسم الشتاء الماضي.

ولم يكن الحال أفضل في مدن وقرى الضفة الغربية التي يواجه فيها المزارعون الفلسطينيون "اعتداءات" شبه يومية من قبل المستوطنين الإسرائيليين تزامنا مع قطف ثمار الزيتون تصل في بعض الأحيان إلى حد الاشتباكات بين الجانبين.

وفي مواجهة ذلك انطلقت أول أمس الأحد، حملة شعبية فلسطينية للسنة الثانية على التوالي تحت اسم "فزعة" لقطف ثمار الزيتون من مناطق مهددة بالاستيطان الإسرائيلي تشمل 25 موقعا في الضفة الغربية تستمر لمدة 14 يوما.

وتوجد "فزعة" في الموروث الفلسطيني منذ عشرات السنين وتعني النفير لتقديم المساعدة والعون لمن يحتاجها في مواجهة أي اعتداء يتعرض له خاصة من قبل المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي.

ويقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية وليد عساف لـ((شينخوا)) إن الحملة بدأت من قرية "بيتا" جنوب نابلس لرمزية المكان بعد أن سالت فيه الدماء لمواجهة الاستيطان كونها منطقة مهددة بالمصادرة وأكثرها سخونة.

ويضيف عساف بينما تواجد حوله عدد من الجنود الإسرائيليين وحدثت بعض الاحتكاكات الخفيفة بين الجانبين أن الهدف من الحملة تمكين المزارعين من قطف ثمار الزيتون بأمان واستقرار وتوفير الحماية لهم أمام هجمات المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي.

وتشهد "بيتا" مواجهات شبه يومية منذ أكثر من 4 أشهر ضمن فعاليات احتجاجية ضد إقامة بؤرة استيطانية على قمة جبل صبيح في البلدة على مساحة 20 دونما، تهدد بقطع تواصل البلدة والاستيلاء على أراضيها.

ويقوم على الحملة التي يشارك فيها عشرات الفلسطينيين والمتطوعين وأصحاب الأراضي الزراعية، وزارة الزراعة الفلسطينية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية ولجان المقاومة الشعبية.

وبدت السعادة على وجه المزارع محمد خبيصة (68 عاما) بينما وطأت قدميه أرضه لأول مرة منذ الأول من مايو الماضي بسبب تحول الأراضي الزراعية على جبل صبيح إلى نقطة عسكرية لقوات الجيش الإسرائيلي.

ويقول خبيصة بينما يصعد على السلالم لقطف ثمار الزيتون إن "شعوري لا يوصف لدخول الأرض بمشاركة النشطاء الشباب في مساعدته وحماية أرضه البالغة عشرات الدونمات الزراعية وتضم أشجار الزيتون".

ويتابع خبيصة أن دخول الأرض بعد طول غياب مثل "لقاء الأخ لشقيقه الذي جاء بعد سفر طويل، متهما المستوطنين بتعمد "تخريب الموسم كون الشجرة تمثل لنا الصمود والبقاء وتعني لهم أن وجودهم على الأرض غير شرعي".