رام الله-أخبار المال والأعمال-أطلقت هيئة سوق رأس المال الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، منصة " ابتكر" الرقابية للريادة في القطاع المالي غير المصرفي، خلال ورشة عمل حول "التكنولوجيا المالية في فلسطين ما بين الفرص والتحديات"، نظمتها الهيئة تحت رعاية رئيس الوزراء محمد اشتية، الذي شارك في الجلسة الافتتاحية للورشة بحضور رئيس مجلس إدارة الهيئة نبيل قسيس، ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي عبد الرحمن الحميدي، ووزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي، ونائب رئيس الممثلية الألمانية في فلسطين ميشيل هيرولد.
اشتية: تبنينا التكنولوجيا المالية وسنسخرها للقفز عن حواجز ومعيقات الاحتلال
وقال اشتية إن "التكنولوجيا المالية بما فيها العملة الرقمية والدفع والتأمين والبنوك والأسواق الالكترونية وتطبيقاتها الذكية قادمة بقوة، ونحن تبنينا هذه التكنولوجيا الحديثة، وسنسخرها للقفز عن حواجز ومعيقات الاحتلال، للنهوض باقتصادنا الوطني واللحاق بركب العالم".
وشدد رئيس الوزراء على أهمية هذا المؤتمر وإطلاق منصة "ابتكر"، في ظل التطور التكنولوجي العالمي، مشيرًا إلى أن الأهمية ليست في توفر المال وإنما بتوفير وتسهيل سبل الوصول إليه واستثماره في العديد من المجالات.
وأضاف رئيس الوزراء أن "جائحة كورونا التي يعيشها العالم أجمع خلقت فرصة لكيفية تجيير التكنولوجيا بما يخدم تطوير الأداء الاقتصادي وكافة مناحي الحياة، وقد عملنا على وضع خطة إنعاش اقتصادي في هذه الجائحة لتعويض العديد من القطاعات المتضررة خاصة قطاع السياحة، وقمنا بإنشاء صندوق (استدامة) بالتعاون مع سلطة النقد، لتوفير قروض ميسرة للشركات الصغيرة والمتوسطة للحفاظ على أدائها واستمرار عمل موظفيها".
وتابع اشتية: "حصل انكماش اقتصادي خلال العام 2020 بمقدار 11٪، ونتوقع نموا اقتصاديا هذا العام بمقدار 6-8٪، فاقتصاد فلسطين اقتصاد صغير سريع التأثر وسريع التعافي".
وأردف رئيس الوزراء أن "العالم يعمل على إعادة هيكلة الأنشطة الاقتصادية لديه لكي تتلاءم مع التطور التكنولوجي، وإعادة الهيكلة بالنسبة لنا هي من خلال الانفكاك عن الاحتلال والنهوض بالمنتج الوطني".
وأشار اشتية إلى انه "تم التعاون مع مؤسسة ألمانية لإعادة صياغة المهارات والخبرات بين الشباب من خلال تدريبهم على البرمجة، وخلال أيام سيتم تخريج الدفعة الأولى من هذا البرنامج الممول بشكل كبير من الحكومة، وهذا سيعطي علامة جديدة لفلسطين أمام العالم لتنافس في هذا المجال ويضعها على الخارطة الدولية، بالإضافة الى انه تم الغاء 120 تخصصا تقليديا في الجامعات الفلسطينية وإدخال 60 تخصصا جديدا من أجل مواكبة التطور التكنولوجي في العالم".
واستطرد رئيس الوزراء أن "المال جزء أساسي من التطور العالمي الذي نعيشه، والآن نشهد الاختفاء التدريجي للنقد بشكله التقليدي ليتحول عالميا الى نقد غير ملموس وافتراضي، ولهذا التطور قمنا بإنجاز موضوع الدفع الالكتروني وتعاقدنا مع شركات فلسطينية لتطبيقه خلال منتصف هذا العام، بما سيساهم في الحفاظ أيضا على المال العام وسرعة انجاز المعاملات".
كما استعرض رئيس الوزراء أهم التحديات التي تواجه التطور التكنولوجي، لا سيما التشريعات التي تعالج التكنولوجيا، بالإضافة الى تحدي أمن المعلومات، وحمايتها من الاختراق، وحماية خصوصية الافراد وبياناتهم من بيعها وتداولها ما بين الشركات المختلفة، مشيرا إلى أن التحدي الأكبر هو ان التطور التكنولوجي لا حدود له.
قسيس: التكنولوجيا المالية فرضت نفسها على أجندات الهيئات الرقابية في القطاع المالي
بدوره، قال قسيس، إن التكنولوجيا المالية فرضت نفسها على أجندات الهيئات الرقابية في القطاع المالي لما لها من دور جوهري في تبسيط وتسريع العمليات المالية وتسهيل مناحي الحياة المختلفة التي تجلت خلال جائحة "كورونا".
وعبر عن اعتزازه بالشراكة مع وزارة الاقتصاد الوطني والوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ والممثلية الألمانية في دولة فلسطين والعمل على تطوير المشروع المتعلق بالخدمات المالية البديلة في فلسطين.
وأكد قسيس اهتمام هيئة سوق رأس المال بقطاع التكنولوجيا المالية من منطلق مسؤوليتها عن الرقابة والإشراف على القطاع المالي غير المصرفي فلسطين، وانعكس ذلك على استراتيجيتها الخمسية (2021-2025) التي ركّزت على ثلاثة محاور رئيسية تمثلت بتعزيز استخدام التكنولوجيا المالية في القطاعات التي تشرف عليها الهيئة، إضافة، الى النهوض بخدمات وأدوات التمويل الاسلامي، واستدامة القطاعات المالية تحت اشراف الهيئة وتعزيز مساهمتها في التنمية الاقتصادية.
وأشار إلى أن الهيئة تسعى إلى توفير خيارات ووسائل تمويلية غير مصرفية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وريادي الأعمال، تستند إلى التكنولوجيا المالية وما توفره من إمكانيات تسهم في تعزيز الوصول والاستخدام، وتقليل تكاليف التمويل أمام المشاريع الريادية.
الحميدي يشير إلى أهمية حشد الموارد لدعم التحول الرقمي
من جهته، شدد الحميدي على أهمية إطلاق منصة "ابتكر" لما له من دور تفعيل دور الشمول المالي الرقمي وتعزيز برنامج التحول الرقمي للقطاع المالي غير المصرفي وما لذلك من أثر في دعم البيئة الملائمة للابتكارات المالية في إطار من التفاعل البنّاء بين الجهات الرقابية ورواد الأعمال ومبتكري المنتجات والخدمات المالية مع الحفاظ على حقوق مستخدمي الخدمات المالية الرقمية.
وأشار الحميدي إلى أهمية حشد الموارد لدعم التحول الرقمي ودوره في خلق فرص عمل جديدة ونفاذ للخدمات الرقمية لمختلف فئات المجتمع، بما يسهم في معالجة تحديات البطالة ويخدم تحقيق آليات النمو المستدام والرفاه الاجتماعي ويوفّر ركيزة أساسية في دعم النمو الاقتصادي وتخفيض نسب الفقر.
وأكد أهمية الحلول التي تقدمها التقنيات المالية الحديثة لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة والناشئة من خلال القنوات الرقمية ووسائل التمويل البديل، إلى جانب تنوع أدوات التمويل الرقمية وانخفاض تكلفتها، وسرعة الحصول على التمويل المطلوب، وتسهيل عملية التشبيك والاندماج ما بين الشركات مع جهات أخرى.
العسيلي: إقرار العديد من الإجراءات لتسهيل التمويل أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة
من جانبه، أشار العسيلي إلى إقرار الوزارة للعديد من الإجراءات لتسهيل التمويل أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومن ضمنها إطلاق سجل الأموال المنقولة، ومراجعة المنظومة التشريعية الخاصة بقانون المنافسة، وقانون حماية المستهلك، وقانون الشركات وغيرها من القوانين والإجراءات الناظمة لتوطين الخدمات المالية التكنولوجية.
وأكد مضي الوزارة قدمًا وضمن رؤية الحكومة في التحول إلى الاقتصاد الرقمي وتعزيز مساهمة التكنولوجيا المالية في القطاعات الإنتاجية، والتحول إلى مركز رائد في الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية. وقال: "يأتي إطلاق منصة ابتكر بمبادرة هيئة سوق رأس المال الفلسطينية نقطة بداية هامة في هذا المجال".
هيرولد: "ابتكر" أول منصة ابتكار رقابية في فلسطين
من ناحيته، بين هيرولد، أن منصة "ابتكر" تعتبر أول منصة ابتكار رقابية في فلسطين ومن ضمن أوائل المنصات في الشرق الأوسط، مؤكدًا أن هذه الخطوة تظهر التزامًا عاليًا من قبل هيئة سوق رأس المال تجاه تطوير خدمات وأدوات مالية جديدة في القطاع المالي غير المصرفي.
وأضاف أن "جهود الهيئة المبذولة في هذا القطاع تحظى بتقدير عال من الحكومة الألمانية بدعم من وزارة الاقتصاد بشراكة بدأت منذ عام 2014".
جلسة نقاش فنية حول التكنولوجيا المالية في فلسطين
وتخلل ورشة العمل جلسة نقاش فنية حول التكنولوجيا المالية في فلسطين، بمشاركة مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية شاكر خليل، ومدير عام الإدارة العامة لخدمات التمويل الرقمي والابتكار في هيئة سوق رأس المال بشار أبو زعرور، ونوران يوسف من قسم تطوير القطاع المالي في الدائرة الاقتصادية لدى صندوق النقد العربي، وتوماس رهان مدير مشروع الخدمات المالية البديلة في وكالة التعاون الألماني.
واستعرض المتحدثون أهمية التكنولوجيا المالية والدور الرئيسي الذي تلعبه هيئة سوق رأس المال في توفير البيئة الصديقة والممكنة للابتكارات المستندة الى التكنولوجيا المالية في القطاع المالي غير المصرفي، إضافة الى الدور المحوري لاستخدام التكنولوجيا المالية في تعزيز الشمول المالي في فلسطين، من خلال توفير وسائل وأدوات تمويلية جديدة ومبتكرة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ورياديي الأعمال، عبر تعزيز الوصول والاستخدام للخدمات والمنتجات المالية التي تقدمها قطاعات سوق رأس المال في فلسطين.
وأكدوا أهمية إطلاق هذه المنصة من قبل هيئة سوق رأس المال وكونها من أوائل المنصات الرقابية التي تطلق في المنطقة العربية في القطاع المالي غير المصرفي.
وتطرقت الجلسة إلى التحديات والمتطلبات الواجب توافرها لتمكين استخدام التكنولوجيا المالية ومن ضمنها ضرورة توافر إطار تشريعي ملاءم وبنية تحتية تكنولوجية مساعدة مع أهمية التوازن في طرح الابتكارات المالية، وأن تكون منضبطة بما يحقق احتياجات الفئات المستهدفة تحديدًا المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورياديي الأعمال، وحماية حقوق المستهلكين والمحافظة على نزاهة القطاع المالي واستقراره.
وأوصى المشاركون بأهمية اتباع مناهج رقابية تتلاءم مع متطلبات وديناميكية الحلول والتطبيقات والأفكار المستندة الى التكنولوجيا المالية، إضافة الى ضرورة تعزيز النظام البيئي الممكن لإستخدام التكنولوجيا المالية تحديدًا من حيث الأطر التنظيمية والتشريعية والربط البيني ما بين الشركاء الرئيسيين، وضرورة التركيز على حماية حقوق المستهلكين وأمن المعلومات الشخصية للمستخدمين، وأن توجه الحلول والأفكار الجديدة نحو تعزيز الشمول المالي وتوسيع نطاق القطاع المالي الرسمي والتوسع الأفقي للخدمات والمنتجات المالية غير المصرفية.