رام الله-الحياة الجديدة- براء مصلح- طالب عدد من التجار التقتهم "الحياة الجديدة"، بفرض ضرائب على التجارة الالكترونية، التي يشتري بموجبها المستهلك النهائي سلعا من دول أخرى، وتصله في البريد إلى بيته، في وقت يقول فيه متسوقون على الانترنت إنهم يحصلون على بضاعة جيدة وأسعارها مناسبة، أما وزارة الاقتصاد الوطني فترى أن هذا النمط من الشراء يحمل مخاطر عالية.
وانتشرت في الاونة الاخيرة ظاهرة التسوق عبر الانترنت وذلك بسبب الانتشار الكبير لوسائل التكنولوجيا المتطورة وسهولة استخدامها والوصول إليها، وقد حاول الجهات ذات العلاقة على المستويين الوطني والدولي، السيطرة على هذا النوع من التسوق لتوفير الحماية اللازمة للمستهلك الذي يشتري المنتجات من منزله في نقطة اخرى من العالم، وتم وضع مسودة لقانون عالمي لضبط الرقابة على التسوق الالكتروني في مؤتمر التجارة العالمي للمنافسة وحماية المستهلك (2016- 2017) في جنيف.
فلسطينيا يقول المدير العام لحماية المستهلك ابراهيم القاضي: "نعمل حاليا على نظام فلسطيني خاص مشتق من النظام العالمي بهدف توفير تأمينات لحماية المستهلك، بحيث لن يتم فرض أي ضرائب على التسوق الالكتروني كونه تسوقا شخصيا".
واكد القاضي عدم وجود بيانات محددة موثقة حول عدد الأفراد الذين يتوجهون لهذا النوع من التسوق، كونه يتم مباشرة بين المستهلك والشركة المزودة من خلال شركات النقل، "وهناك العديد من الأفراد الذين يستخدمون البريد الاسرائيلي وليس الفلسطيني ما جعل من الصعب احصاء هذه الكمية".
وأوضح أن التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخطر من التسوق عبر الصفحات العالمية "لكون الرقابة عليها صعبة ولا يتوفر ضمان وأمان على هذه الصفحات لأنها صفحات متغيرة، وهناك اكثر من 200 صفحة تجارية في فلسطين، وقد ظهرت العديد من الحالات التي تم فيها تسويق سلع فاسدة تسببت بأضرار للمستهلكين، وهناك عدد من الشكاوى التي وصلت بسبب المنتجات التي لا تتناسب مع المواصفات المطلوبة".
وتابع: "من حق المواطن عرض السلع كما يرغب ولكن لا يجب على المشتري الدفع عبر الفيزا الالكترونية او غيرها الا بعد الحصول على السلعة والتأكد من المواصفات المطلوبة، ومن خلال المواقع المحمية والتي عليها تأمينات عالمية".
وقال: "أرى أنه لا يجب علينا ان نستبق الامور، بالنسبة لنا هذا السوق جديد وواعد خاصة لما نعانيه من قرصنة لعائدات الضرائب من قبل الاحتلال، ونحن كشعب فلسطيني مستهلك قد يؤدي هذا النوع من التسوق الى خسائر وربما لا يؤدي الى خسائر لانه افضل، أي أنه قد لا يكون حجم هذا الضرر كبيرا وبالتالي لا يجذب المسؤولين او صناع القرار لوضع اي رقابة على هذه المنتجات، ويمكن ان يتم الاكتفاء فقط برسوم التوصيل و البريد".
وتباينت آراء عدد من التجار المحليين حول فكرة فرض ضرائب على التسوق الإلكتروني، فمنهم من أيّد الفكرة لتخوفهم من تحوله الى مشكلة تؤثر على السوق المحلي سلبا، وذلك بسبب الاقبال من قبل المواطنين للتسوق عبر الانترنت، ومنهم من عارض الفكرة.
يقول صاحب محلات باسم في رام الله حسن عبد الحي: "نحن لم نصل بعد لمرحلة أن يصبح التسوق الإلكتروني سببا في تراجع المبيعات، ولكن يمكن أن يكون له تأثير كبير بالمستقبل"، وبين باسم انه يجب فرض القوانين على التسوق الإلكتروني وذلك بهدف مراقبة كل من يعمل في هذا المجال، خاصة مع ارتفاع عدد الأفراد الذين يعملون بشكل فردي غير مراقبين، ما قد يضر بمصلحة المستهلكين ويعرضهم للغش.
ويدعو صاحب محلات مودا كوزمتكس في رام الله ايمن عبد ربه لفرض الضرائب على السلع المستوردة عبر الانترنت، مؤكدا على ذلك بقوله: "يجب أن يتحملوا كما نتحمل نحن"، وبين عبد ربه انه استطاع استغلال مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لمحله وهو يدفع ما نسبته 16.5% تخصم عند تعبئة الفيزا بالبنك.
فيما عارض صاحب محل جدايل في رام الله رامي المالكي فرض الضرائب على التسوق الالكتروني، ولكنه أيد سن قوانين تنظم هذا القطاع، وأوضح أن الأفراد يتوجهون الى الاسواق الإلكترونية في محاولة لتوفير المنتجات التي لا يستطيعون الحصول عليها، بالإضافة الى أن أسعارها منخفضة.
وعبر عدد من المواطنين عن اعجابهم بالأسعار المناسبة والجودة العالية للسلع المستوردة عبر الصفحات الإلكترونية، والبعض الآخر أبدى استياءه من الاسواق الإلكترونية بسبب الجودة السيئة للسلع التي وصلتهم.
تقول آية ابراهيم سكان البيرة :"توجهت للتسوق عبر الانترنت بسبب اعجابي ببعض السلع والاسعار الرخيصة، كما أن بعض السلع غير متوفرة بالسوق وقد تكون غير اصلية".
وعبرت احلام شاهين عن ذلك بقولها انه في اخر مرة استخدمت الانترنت لشراء سلعة ما وصلتها بجودة سيئة واصفة ذلك بقولها "بخزي"، وبينت أن سبب شرائها عن طريق الانترنت هو عدم توفر بعض السلع في السوق المحلي كما انها ليست اصلية.
وأوضح رئيس اكاديمية (ايسل) عصام شحادة أن الولايات المتحدة الاميركية وبالرغم من كونها أحد أكثر الدول تطورا الى ان التجارة الالكترونية كبدتها خسائر بنسبة 47% خاصة بعد ظهور عملاق التسوق الالكتروني امازون، مؤكدا على ان تأثير التسوق الالكتروني سيكون سلبيا بشكل كبير على التجارة المحلية خاصة وان التجارة الالكترونية شكلت بالفعل ثلث حجم الاقتصاد العالمي مع نهاية عام 2011.
وبين أن المستهلك فضل التوجه للشراء عبر الانترنت لما يوفر عليه من وقت وجهد، وقال :" انا ارى في هذه الايام ان المتاجر اذا لم تحاول توظيف الانترنت في عملها سيكون الباب امامها مغلقا".
وأضاف ان التسوق الالكتروني له أثر ايجابي على البائع، فهو لم يعد بحاجة لأيد عاملة كثيرة لتسير العمل، كما ان هناك كمية كبيرة من المنتوجات التي يمكن ان يراها ويعرضها للمستهلك من دون ان تكون متوفرة لديه فقط عن طريق توقيع اتفاقات مع الشركات المنتجة.
وبين شحادة ان هناك الكثير من المعيقات التي تقف عائقا امام نشأة التسوق الالكتروني وانتشاره في فلسطين سواء من قبل الفرد الذي لا يملك معلومات كافية عن طريقة عمل التسوق الالكتروني او بسبب الاحتلال.
ويعود السبب في اقبال الشعب الفلسطيني على هذا النوع من التسوق الى كونه أحد أكثر الشعوب التي تحمل الهواتف الخلوية فبحسب تقرير صدر عن مركز الاحصاء الفلسطيني فإن هناك 91% الفلسطينيين البالغين يحملون هاتفا نقالا ما نتج عنه انفتاح امام عالم التكنولوجيا بشكل هائل جدا فلا يوجد بيت فلسطيني لا يحوي على جهاز او اكثر من الاجهزة الالكترونية وبالتالي تحول العالم الى قرية صغيرة ومكن المواطن من التسوق من اي مكان بالعالم طالما توفر التقدم التكنولوجي والتقدم في الخدمات المصرفية من قبل البنوك الفلسطينية.
حاليا البريد الفلسطيني ادخل بالمشاركة مع الجمارك خدمة جهاز (سكنر) وهو جهاز يقوم بعمل مسح ضوئي للسلع والبريد الواصل في المناطق الجمركية في اريحا للتأكد من أن هذه السلع ليست مهربات خطيرة او علاجات ادوية وغيرها، ويتم فحص الادوية من قبل وزارة الصحة، كما أن هناك تسهيلات من قبل وزارة الاتصالات المشرفة على البريد و هناك تسهيلات من قبل الجمارك وهناك تفاهمات تمت سهلت ادخال البريد الى فلسطين واصبح لا يأخذ وقتا اطول حتى يصل الى المستهلك.