رام الله-وفا-جعفر صدقة-ستعود بورصة فلسطين الى التداول، غدا الأحد، بعد توقف أربعين يوما ضمن إجراءات مواجهة تفشي فيروس كورونا.
ويبدو أن إدارة البورصة لا تنتظر مفاجآت مع استئناف التداول، حتى التراجع المتوقع في اليوم الأول، متوقع ومفهوم، تحت تأثير تنفيذ قرارات الهيئات العامة بتوزيع أرباح.
على مدى الأربعين يوما من وقف التداول، (23 آذار- 3 أيار) عقدت العديد من الشركات المدرجة جمعياتها العمومية، وبعضها اتخذ قرارات بتوزيع أرباح، إما نقدا أو على شكل أسهم منحة، وفي العادة تبدأ الأسهم بالنزول في اليوم التالي لقرار توزيع الأرباح فيما يعرف بـ"أثر التوزيعات"، غدا، سيتعين على البورصة تنفيذ توزيعات أرباح لأربع شركات دفعة واحدة، ما سيقود على الأرجح الى تراجعات في الأسهم وتاليا في مؤشر "القدس"، المؤشر الرئيسي في بورصة فلسطين.
وقال الرئيس التنفيذي للبورصة أحمد عويضة "صحيح أن هناك أزمة اقتصادية في البلاد ناتجة عن إجراءات مواجهة جائحة كورونا، لكن تكونت لدينا ولدى مستثمرينا خبرة كافية للتعامل مع الأزمات، ستكون لهذه الأزمة تأثيراتها، لكن ما نتوقعه من تراجعات في الأسهم والمؤشر عند استئناف التداول غدا، سببه الرئيس تنفيذ قرارات الجمعيات العمومية لعدد من الشركات بتوزيع أرباح، ومعروف أن السهم ينخفض بنفس نسبة توزيع الأرباح تقريبا، هذه قاعدة عالمية ولا تختص بالسوق الفلسطينية فقط".
منذ إطلاق نشاطها في العام 1997، عايشت بورصة فلسطين أحداثا كبرى، كالانتفاضة الثانية ووفاة الرئيس ياسر عرفات، وغيرها، ولجأت في بعضها الى تعليق التداول تجنبا لتداعيات أو انهيارات تحتاج معالجة تبعياتها لسنوات، لكن هذا الأسلوب في التعامل مع الأزمات ثبت فشله، لهذا حافظت البورصة في آخر 15 عاما على قاعدة التعايش مع الأزمات، لا الهروب منها، فاستمرت عمليات التداول بغض النظر عمّا مرت بها فلسطين من أزمات سياسية وهزات اقتصادية ومالية، فلماذا إذن توقفت هذه المرة مع جائحة كورونا؟
"لم نكن نفضّل تعليق التداول، نحن عايشنا الكثير من الأزمات وتمكّنا من تجاوزها"، قال عويضة، وأضاف "سبب وقف التداول هذه المرة عدم قدرة البورصة على الاستمرار في العمل في وقت توقفت فيه الدورة المالية، نتيجة توقف المقاصة، وتقليص عمل البنوك، والإرباك في دورة السيولة، لم يكن بالإمكان استمرار البورصة بالعمل في ظل هذه الإرباكات، هذا هو السبب الوحيد لوقف التداول".
ويُذكّر عويضة أن مؤشر "القدس" في بورصة فلسطين كان، حتى تعليق التداول في 23 آذار، من مؤشرات البوصات العربية الخمس الأفضل أداء، أو الأقل خسارة، بانخفاض 4% عن إغلاقه نهاية العام 2019، في حين شهدت بورصات الخليج ومصر تراجعات حادة وصلت خسائر بعضها الى 35%.
وقال: "وجود المستثمرين الأجانب في بورصة فلسطين محدود، وهي غير منكشفة على الأسواق العالمية، وبالتالي فإن تأثرها بتطورات الاقتصاد العالمي محدود للغاية، ناهيك عن الخبرة التي تراكمت لدينا ولدى مستثمرينا في التعامل مع الأزمات، كل هذا يجعلنا مطمئنين لاستئناف التداول غدا، وما نتوقعه من حدوث تراجعات في الأسهم وبالتالي في المؤشر الرئيسي، أمر طبيعي جدا، وهو يعود بشكل أساسي لأثر توزيع الأرباح".
فلسطين، كغيرها من البلدان حول العالم، تعيش أزمة اقتصادية وضائقة سيولة تحت ضغوط جائحة كورونا، وتشهد الإيرادات العامة تراجعات حادة، فيما توقفت غالبية المنشآت الاقتصادية عن العمل، جزئيا أو كليا، مع قيود على الحركة والتنقل.
في العام 2018، بلغ إجمالي قيمة تداولات بورصة فلسطين نحو 420 مليون دولار، وفي العام 2019 تراجع بنسبة 35% الى 275 مليونا تحت ضغوط أزمة المقاصة بين شهري شباط وأيلول من العام الماضي، وبحسب عويضة، فإن شهري كانون الثاني وشباط من العام الحالي (قبل أزمة كورونا) شهدا انخفاضا في حجم التداول بنحو 60% عنها في أول شهرين من العام 2019.
وقال عويضة: "لا أحد يستطيع التكهن بمدى تأثر البورصة بأزمة السيولة التي تعيشها البلاد، هناك حالة من عدم اليقين في كل العالم، وبالتأكيد سيكون هناك تراجع في الوضع الاقتصادي، لكن من الصعب التكهن بمدى وعمق تأثير هذه الأوضاع على أداء البورصة، وفي كل الأحوال، لدينا سيناريوهان لما قد تؤول اليه الأمور، الأول أن يستمر أداء البورصة هذا العام بالوتيرة التي كانت عليها في العام 2019، والثاني متشائم يتضمن انخفاضات أكثر حدة، سواء في المؤشر أو حجم التداول.
ومع ذلك، لا يرى عويضة أن أزمة السيولة في البلاد بالسوء الذي يجري تداوله، "فهناك العديد من القطاعات استفادت بشكل كبير من الأزمة، كالصناعة وتجارة التجزئة ذات العلاقة بالمواد الغذائية، والأدوية، والكيماويات، والاتصالات، هذه الشركات استفادت وهناك عدد منها مدرج في بورصة فلسطين".
لكن، وسط كل هذا التشاؤم بخصوص ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في ظل جائحة كورونا، "يمكن أن تشكّل الأوضاع الحالية فرصة للدخول والاستثمار في بورصة فلسطين تحت إغراء تدني أسعار الأسهم".
وهذا ايضا، ما يراه الممثل الشريك لشركة "ارنست ويونغ" العالمية للتدقيق في فلسطين، سائد عبد الله، فيقول "بقدر ما قد تؤثر الأوضاع الاقتصادية تحت جائحة كورونا سلبا على أداء البورصة، بقدر ما يمكن أن يشكّل ذلك فرصة للبعض للدخول والشراء، خصوصا مع تدني أسعار الأسهم. هذا وارد".
وأضاف "صحيح أن الأوضاع الاقتصادية سيئة، وهناك أزمة سيولة، قد نشهد حركة بيع من قبل البعض لتوفير السيولة لإنفاقها على مستلزمات الحياة في ظل إجراءات العزل وتقييد الحركة والتوقف عن العمل، لكن قد يجد البعض في ذلك فرصة ذهبية للشراء، خصوصا انخفاض أسعار الفوائد المصرفية، ما يجعل من إدّخار الأموال على شكل ودائع مصرفية استثمارا غير مجديا".