جنيف-أخبار المال والأعمال-قال رئيس الوزراء محمد اشتية، إن "فلسطين تأمل من منظمة العمل الدولية أن تتابع أوضاع العمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي، ومتابعة القضايا المتعلقة بحقوقهم وتعويضاتهم".
وأشار اشتية الى أن سلطات الاحتلال "تنفق بعض حقوق العمّال على بناء حواجز عسكرية على المعابر أقل ما يقال عنها إنها عنوان إذلال وإهانة، اضافة إلى الاقتطاعات من رواتبهم والتي تصل ثلث الراتب ولا يستفيد منها العمال شيئا يذكر".
جاء ذلك خلال كلمته في فعالية الذكرى المئوية لإنشاء منظمة العمل الدولية، اليوم الأربعاء في مدينة جنيف السويسرية.
واضاف رئيس الوزراء: "اننا نأمل من الحضور وأطراف الشراكة الثلاثة والمنظمة أن تساعدنا من أجل حصول عمالنا على ظروف عمل لائقة، وحماية الكرامة الإنسانية من خلال: معابر إنسانية نحو إسرائيل، ووقف تجارة تصاريح العمال والتي تكلف الكثير، وأن تتعامل إسرائيل مع العناوين الرسمية في السلطة لهذا الغرض وليس عبر السماسرة، وتوفير السلامة العامة للعمال وخلق ظروف عمل إنسانية تحفظ كرامتهم، وضمان تحويل مستحقات العمال لأنها استحقاقات فردية لهم، وتحاول السلطة مساعدتهم بتحصيلها".
وتابع اشتية: "ان فلسطين تؤكد كامل التزامها بجميع المواثيق والمعاهدات الموقعة من قبلنا والمتعلقة بالإنسان وحق التنظيم والإدارة السديدة، والأهم هو الأمر المتعلق بالحماية الاجتماعية. إن حياة الفلسطيني مبنية على الحوار، سواء السياسي أو الاجتماعي".
وشدد رئيس الوزراء على أن "المخرج الأساسي من الأزمة المالية وأزمة البطالة هو مخرج سياسي متعلق بمدى سيطرة الإنسان الفلسطيني على موارده ومدى قدرته على الوصول إلى مناطق التطوير المغلقة أمامه، والتي تشكل 62% من مساحة الضفة الغربية، والتي تعتبرها إسرائيل خزانا جغرافيا لتوسيع المستعمرات اليهودية هناك. وكذلك لا بد من رفع الحصار عن قطاع غزة وتمكين العمال من التنقل داخل سوق العمل الفلسطينية".
وجاء في كلمة رئيس الوزراء خلال فعالية الذكرى المئوية لإنشاء منظمة العمل الدولية: "باسم فلسطين، السلطة والعمال والمجتمع المدني ورجال الأعمال، أهنئكم على مرور 100 عام على تأسيس هذه المؤسسة الرائدة، منظمتكم منظمة العمل الدولية، والتي أنشئت على أساس العمل المشترك بين أطراف عملية الإنتاج.. وأهنئ وأشكر مدير عام المنظمة على دعوة فلسطين للمشاركة في الشق رفيع المستوى لهذه الدورة، وقد كنت استقبلته عندما زار فلسطين العام الماضي. والشكر موصول لأعضاء اللجنة العالمية لمستقبل العمل ورئيسيها: رئيس جنوب أفريقيا ورئيس السويد. إن توصيات اللجنة مهمة لفلسطين ومستقبلها خاصة عندما يندحر الاحتلال ونتمكن تماما من تطبيق تلك التوصيات".
وأضاف ان "العمل النقابيّ قد بدأ في فلسطين منذ عام 1929، حيث انطلق آنذاك أول عمل نقابي في يافا. واليوم تضم فلسطين نقابات في كل مجالات العمل، وهذا شيء نفتخر به لأن العمّال عمود رئيسي في الحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة الظلم، ومن أجل العدالة للفلسطينيين القائمة على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين".
وتابع: "فلسطين تعيش حالة فريدة، فهي لا تزال تحت الاستعمار العسكري الكولونيالي ولا تسيطر على مقدراتها الاقتصادية ولا معابر أو ومخارج حدودها. وفيها تحاصر إسرائيل جميع عوامل الإنتاج: من أرض ومياه وتكنولوجيا ورأس مال وغيرها، بالإضافة الى مخططات استعمارية قائمة على مصادرة الأرض ودفع المزارعين منها نحو العمالة وبيع قوة عضلهم في سوق العمل الإسرائيلي الذي يشكل قوة جذب. إن مصادرة الأراضي قد أدت إلى تحول المزارعين من ملاك أراضٍ ومساهمين في العملية الانتاجية إلى بروليتاريا رثة".
وأردف رئيس الوزراء: "يعمل العمّال الفلسطينيون في إسرائيل تحت ظروف صعبة ومعقّدة، تفتقر إلى شروط السلامة الأساسية، حيث توفي 25 عاملا فلسطينيا في إسرائيل العام الماضي وحده. إضافة الى ابتزازهم ماليا من خلال بيع تصاريح العمل، التي تمكنهم من دخول سوق العمل الإسرائيلي، بحوالي 700 دولار شهريا، وفوق هذه الظروف اللاإنسانية يضطر العمّال لاجتياز الحواجز اليومية التي تقيمها اسرائيل على مداخل المدن. ولهذا لا بد من توفير بيئة آمنة لهؤلاء العمال".
وشدد اشتية في معرض كلمته على أن "فلسطين تعاني جديا من حدّة الفقر والبطالة خاصةً في قطاع غزة بسبب الحصار، حيث وصلت إلى نسبة 52?، وفي الضفة إلى 18? لعدم الوصول الى عوامل الإنتاج بسبب إجراءات الاحتلال. وقد بلغت أعلى مستويات البطالة في فئة الشباب لتصل حوالي 54%، خاصة الواقعين في الفئة العمرية بين 19 و29 عاما، الذين في معظمهم من خريجي الجامعات. كما أن سوق العمل يجحف بحق النساء حيث لا تتعدى مشاركتهن أكثر من 19% من مجموع القوى العاملة".
وأشار اشتية الى الحرب المالية التي تُشن على وكالة الامم المتحدة لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وعلى السلطة الفلسطينية، والى إجراءات إسرائيل بخصم أموال الشؤون الاجتماعية التي تدفعها السلطة الفلسطينية لأيتام الشهداء وأسر الأسرى بما يخالف اتفاق باريس الاقتصادي، الموقع بين السلطة الوطنية وبين إسرائيل، لتجعل الأمر أكثر صعوبة وأكثر تعقيدا. وقال: "لم نستطع على مدار الأشهر الماضية أن ندفع إلا 50% من رواتب الموظفين بسبب تلك الإجراءات، والناس صابرة لأن الأمر يقع في خانة الكرامة الوطنية.. وهذه الحرب المالية هدفها فرض حل سياسيّ تحت مسمى صفقة القرن، التي ترفضها القيادة الفلسطينية لأنها تجحف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقّ تقرير المصير للعيش في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس".
واعتبر رئيس الوزراء أن "هذه الأوضاع قد حدّت من قدرة الاقتصاد الفلسطيني على توليد فرص عمل، حيث يحتاج إلى خلق حوالي 50 ألف فرصة عمل سنويا، في حين لا تسمح الظروف والإجراءات الإسرائيلية إلا باستيعاب عشرة آلاف فرصة عمل سنويا، بما يراكم البطالة ويجعل لها تبعات سياسية واجتماعية خطيرة"، مشيرا الى أنه وفي هذا السياق، أنه لأول مرة منذ ثلاث سنوات تمت مساواة رواتب العاملين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية لتصبح واحدة.
وقال: "على ضوء ما تقدم، فإن الحكومة الفلسطينية تعمل جاهدة على إعادة صياغة التركيبة الاقتصادية الفلسطينية والابتعاد بالتدريج عن التبعية الكولونيالية التي فرضها واقع الاحتلال، نحو استراتيجية فك الارتباط عن الاقتصاد الاسرائيلي، وتطوير المنتوج الوطني نحو الاعتماد على الذات من خلال إحلال الواردات. وإن مثل هذه الاستراتيجية سوف تمكّننا من التركيز على القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية بما يخلق فرص عمل وتوليد الدخل ورفع القدرة الشرائية للمواطنين، ويساعد في معالجة الاختلالات في سوق العمل".
كما تبنت الحكومة، بحسب اشتية، استراتيجية التنمية بالعناقيد من أجل خلق تنمية متوازنة بين مختلف المناطق الجغرافية، وإحداث تراكم على الميزة المقارنة والميزة التنافسية لكل منطقة في الأراضي الفلسطينية. وإن مثل هذه الاستراتيجية سوف تمكن من الانفكاك من التبعية لإسرائيل، وتمكن من إحداث تنمية أفقية في البنى التحتية المادية والاجتماعية وتنمية عمودية ذات اختصاص في مختلف القطاعات الاقتصادية، الإنتاجية والخدماتية.
وفي هذا السياق قال رئيس الوزراء: "ضمن هذا الإطار، سوف نركز جهودنا أيضا على الانتقال من الاحتياج إلى الإنتاج، بحيث تتحول الأسر المحتاجة من كونها أسر مستهلكة لتصبح أسرا منتجة، من خلال توفير تمويل صغير لهذه الأسر، وتدريبها وتمكينها اقتصاديا من خلال ريادة الأعمال".
وأضاف "ضمن برنامج الاستثمار في الإنسان، ومن أجل مواجهة البطالة فإننا شكّلنا لجنة خاصة لدراسة واقع مخرجات العملية التعليمية ومدى تناغمها مع سوق العمل المحلية. ولهذا فإن تركيزنا سوف ينصب على التعليم المهني الذي يمكّن الإنسان من أن يشغل نفسه بنفسه، والعمل في الأعمال الحرة دون الحاجة للانتظار للحصول على وظيفة. وفي إطار برنامج البناء المؤسساتي، سوف تنشئ الحكومة كلية جامعية للتدريب المهني إضافة إلى مراكز التدريب الموجودة، ووضعها ضمن برنامج وطني واحد بما يمكننا من استحداث مهن جديدة".
وقال اشتية في معرض كلمته إن حكومته "أقرت إنشاء بنك للاستثمار من أجل التنمية لتوفير تمويل طويل الأجل لمشاريع إنتاجية في مختلف المناطق، لأن معظم البنوك تقدم قروضا استهلاكية وليس قروضا لمشاريع إنتاجية. ومن أجل تمكين العمال من الحصول على فرصة عمل تم افتتاح العديد من مكاتب التشغيل الجديدة وبوابة إلكترونية تشرح نظام معلومات لحاجات سوق العمل. وتم إنشاء وزارة جديدة للريادة والتمكين، مهمتها تركيز الجهد المبعثر من أجل التحضير وتوفير التمويل للمشاريع المولدة للعمالة والمدرة للدخل".
واعتبر أن "بناء الإنسان والاستثمار فيه وبناء المؤسسات بالنسبة للفلسطينيين شيء مهم لأننا نبني دولة نريدها ناجحة قادرة على خدمة سكانها وتوفير احتياجاتهم، ومطلوب منكم مساعدتنا على ذلك".
وشدد اشتية على أن "فلسطين تقيم علاقة ممتازة مع منظمة العمل الدولية، وذلك من خلال تمثيل النقابات الفلسطينية ووزارة العمل كشركاء للمنظمة وكذلك أصحاب الأعمال. وعلاقتنا مع المنظمة قديمة وهي تقدم لنا مشكورة مساعدات فنية ومادية من أجل تطوير نظام شامل للحماية الاجتماعية، يشمل نظام التقاعد ونظام الضمان الاجتماعي الذي نبقي الحوار حوله مفتوحا. واشتملت السياسات الاجتماعية ليس فقط على التحويلات النقدية بل أيضا على التمكين الاقتصادي عبر مشاريع صغيرة لتمكين الأسر من الصمود وكذلك الاستثمار في البنية التحتية".
واشار الى أن "التقرير السنوي الذي توفره المنظمة للاجتماعات السنوية هام ويعكس واقع العمّال في الأراضي الفلسطينية. آملين منكم أن يشمل التقرير توصيات سنوية قابلة للتنفيذ وتتم متابعتها مع سلطات الاحتلال. ومن هنا، آمل منكم أن يرد نص في البيان الختامي حول الواقع الذي يواجهه العمّال في ظروف الاحتلال العسكرية، كما هو الحال في فلسطين آخر المستعمرات في التاريخ المعاصر.. ومن ناحية أخرى، حاولت إسرائيل ان تدافع عن بضائع المستعمرات عندما تم وسمها من قبل دول أوروبا، مبررة ذلك بأن المستعمرات تشغل عمالا فلسطينيين وأن المقاطعة ستزيد من أزمة البطالة. نرفض هذا المنطق لأن المستعمرات غير شرعية وغير قانونية ولا يمكن تبرير وجودها على أنها تخلق فرص عمل للعمال، مع العلم ان بعضهم يعمل في المستعمرة التي بنيت على أرض عائلته التي صادرتها إسرائيل. وهذا تعذيب نفسي ومادي للإنسان".
وأعرب اشتية عن أمل فلسطين من منظمة العمل الدولية متابعة أوضاع العمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلي ومتابعة القضايا المتعلقة بحقوقهم وتعويضاتهم، لأن إسرائيل تخل بذلك، وتنفق بعض حقوق العمّال على بناء حواجز عسكرية على المعابر أقل ما يقال عنها أنها عنوان إذلال وإهانة. اضافة إلى الاقتطاعات من رواتبهم والتي تصل ثلث الراتب ولا يستفيد منها العمال شيئا يذكر.
وقال: "إننا نأمل من الحضور وأطراف الشراكة الثلاثة والمنظمة أن تساعدنا من أجل حصول عمالنا على ظروف عمل لائقة، وحماية الكرامة الإنسانية من خلال: معابر إنسانية نحو إسرائيل، ووقف تجارة تصاريح العمال والتي تكلف الكثير، وأن تتعامل إسرائيل مع العناوين الرسمية في السلطة لهذا الغرض وليس عبر السماسرة، وتوفير السلامة العامة للعمال وخلق ظروف عمل إنسانية تحفظ كرامتهم، وضمان تحويل مستحقات العمال لأنها استحقاقات فردية لهم، وتحاول السلطة مساعدتهم بتحصيلها".
وأكد رئيس الوزراء في ختام كلمته أن "فلسطين تؤكد كامل التزامها بجميع المواثيق والمعاهدات الموقعة من قبلنا والمتعلقة بالإنسان وحق التنظيم والإدارة السديدة، والأهم هو الأمر المتعلق بالحماية الاجتماعية. إن حياة الفلسطيني مبنية على الحوار، سواء السياسي أو الاجتماعي. والحوار الاجتماعي ميسر لأنه مبني على الوصول إلى وضع يربح فيه الجميع بما يساعد في الوصول إلى اتفاق ويهمنا أن نبقي هذه الصبغة الديمقراطية حيّة لأننا نريد أن يكون أساسها هو الحوار ضمن أطر الشراكة بين الأطراف".
وتطلع اشتية إلى اليوم الذي تكون فيه فلسطين عضوا كامل العضوية في جميع المنابر والمؤسسات والمنصات الدولية بما فيها منظمة العمل الدولية.