رام الله-الأيام-حامد جاد-حذّر أستاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الأميركية د. نصر عبد الكريم، من خطورة استمرار الأزمة المالية التي تعانيها السلطة جراء عدم تراجع حكومة الاحتلال عن قرارها الاقتطاع من أموال المقاصة، وما ترتب على ذلك من رفض الحكومة استلام الجزء المتبقي من هذه العائدات.
وأكد عبد الكريم أن دخول الأزمة المالية شهرها الثاني، وسط تراكم الديون على السلطة والقطاع الخاص، من شأنه أن يزيد المشهد الاقتصادي تعقيداً، مشدداً على أهمية مراجعة آليات العمل الكفيلة بمعالجة تلك الأزمة، وفتح الباب واسعاً أمام تدخل جهات ذات تأثير على حكومة الاحتلال كالاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
وبيّن عبد الكريم، في حديث لـ "الأيام" حول تداعيات استمرار الأزمة المالية للسلطة وعدم قدرتها على صرف رواتب الموظفين كاملة للشهر الثاني على التوالي، أن استمرار الوضع القائم سيمس بمجمل مكونات النشاط الاقتصادي، وفي مقدمته النشاط التجاري، وسيحد من قدرة السلطة على تحصيل جباية الضرائب المحلية.
وقال عبد الكريم: "ستنتقل الأزمة للاقتصاد الكلي، وسيؤثر ذلك على الحركة التجارية التي ستكون أكثر بطئاً، ما سيؤدي في الوقت ذاته إلى أزمة في السيولة النقدية في ظل وضع اقتصادي غير مرض، وستتعمق البطالة ومؤشرات الفقر، فهناك نحو 150 ألف موظف يتقاضون رواتبهم من السلطة سيكونون أول من سيتأثر سلباً بالتداعيات المترتبة على استمرار هذه الأزمة".
وأضاف: إنه سيكون من الصعب على السلطة الإيفاء بالتزاماتها تجاه مختلف أوجه الإنفاق المطالبة بتلبيتها، حال استمرار هذه الأزمة، حيث "لا يمكن لأحد أن يراهن على استمرار استدانة السلطة من البنوك، فالجهاز المصرفي لديه سقف للاستدانة ولا يستطيع المخاطرة بتجاوز هذا السقف".
ولم يستبعد عبد الكريم أن يكون القرار الإسرائيلي المذكور، حال عدم التراجع عنه والإمعان في مواصلة عدم تحويل أموال المقاصة كاملة لخزينة السلطة، مقدمة لخطوات وعقوبات أوسع تمهد لتسوية سياسية تفرض على الفلسطينيين.
واعتبر عبد الكريم أن ما جرى كان مغايراً لتقديرات السلطة، سواء من قبل إسرائيل أو من قبل جهات مانحة، كان من المتوقع أن تساهم في حل هذه الأزمة أو أن تمارس الضغط اللازم على إسرائيل لحملها على التراجع عن قرارها المذكور، ما يعني أن تلك التطورات بعد مضي أكثر من شهر على رفض السلطة استلام أموال المقاصة لم تأت مع مستوى التوقعات.
وحول دعوة وزير الخارجية وشؤون المغتربين في حكومة تسيير الأعمال، رياض المالكي، للدول العربية توفير شبكة أمان مالية للحكومة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهرياً كما أقرت في قمم سابقة، قال عبد الكريم: "إن عدم استجابة شبكة الأمان العربية لكافة المناشدات المتعلقة بتلبية الاحتياجات المالية للسلطة في ظل أزمتها الحالية يرجع لقرار سياسي، فالكل يعي أن السلطة بحاجة لتفعيل شبكة الأمان لسد حجم العجز الناجم عن توقف أموال المقاصة والالتزامات تتراكم على السلطة، ولا تستطيع الاستمرار في معدل الإنفاق السابق لهذه الأزمة، كما لا تستطيع دفع مستحقات القطاع الخاص" .