"ماس" يناقش توفير الايواء المؤقت لنازحي قطاع غزة

تاريخ النشر
جانب من اللقاء

رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، لقاء طاولة مستديرة بعنوان "توفير الإيواء المؤقت لنازحي قطاع غزة في حرب 2023-2024 (الاحتياجات، التحديات والحلول) البديلة" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيا في مقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الزووم.

أعد الورقة الخلفية، خبير التخطيط الحضري، مدير دائرة التنظيم والتخطيط الحضري سابقا في بلدية دير البلح المهندس هشام الديراوي، وقدم كل من وزير الأشغال العامة والإسكان المهندس عاهد بسيسو، ومستشار سياسات في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سفيان مشعشع، ومدير التنمية المستدامة في مجموعة عمار العقارية الدكتور ياسر خالدي، وأخصائية المأوى المؤقت في المجلس النرويجي للاجئين ديبوراه جوتي، مداخلاتهم وتعقيباتهم على الورقة.

وأكد مدير عام معهد "ماس" رجا الخالدي أهمية الموضوع، الذي يأتي ضمن أولويات المعهد في تركيز كامل جهده للاستجابة الى تبعات الحرب على فلسطين، كما بالنسبة لجميع مخرجات المعهد منذ بدء العدوان التي تجاوز عددها 55 ورقة وتقرير ودراسة ونشرة، تناولت مختلف أوجه الآثار المدمرة للعدوان وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، بالتعاون مع العديد من الجهات الشريكة الفلسطينية والعربية والدولية الأخرى.

واعتبر الخالدي أن "موضوع جلسة اليوم عاجل، بل متأخر، حيث بعد سنة من النزوح ليس هناك بعد تنفيذ لأية برامج توفير إيواء مؤقت لائق، رغم إعداد ما يكفي من الدراسات والخطط الحكومية والأهلية حول البدائل المتاحة والأولويات المختلفة، الهندسية والمعمارية والاقتصادية والاجتماعية، المتعلقة بهذا الموضوع".

وشكر مؤسسة مؤسسة هاينريش بول (فلسطين والأردن) التي دعمت هذا اللقاء وعدد من اللقاءات الأخرى للعام 2024، وأشار إلى أن المعهد سيعمل على إعداد ورقة سياسات بعد الجلسة ورفع توصياتها للجهات الرسمية المعنية.

من جهتها، أشارت مديرة مؤسسة هاينريش بول (فلسطين والأردن) دورث سيجموند إلى علاقة الشراكة المتينة بين المؤسستين، وتقديرها للمساهمة الحيوية التي تقدمها سلسلة جلسات الطاولة المستديرة وتسليطها الضوء على قضايا حساسة وتحديات اقتصادية واجتماعية لا بد من مناقشتها في مثل هذه المنابر العلمية ومن خلال نقاش مهني حر يجمع مختلف الجهات المعنية.

وتطلعت لمواصلة هذه الشراكة رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.

من جانبه، بين المهندس الديراوي أن الورقة تهدف إلى دراسة سبل توفير خدمة الإيواء المؤقت بشكل مرن ولفترة كافية لنازحي الحرب الأخيرة على غزة (2023/2024) والتي تسببت في نزوح ما يزيد عن 1.9 مليون مواطن يمثلون حوالي 90% من مجمل السكان حسب تقديرات الأمم المتحدة، وللوصول إلى أفضل الحلول المعمارية للإيواء المؤقت المناسب.

وأشار الديراوي أن هناك ما يقارب 300 ألف وحدة سكنية قد تضررت جزئيًا أو كليًا خلال الحرب، ما يستدعي الحاجة الكبيرة لتسكين آلاف الأسر في أماكن إيواء مؤقت، وقد تأخذ هذه العملية سنوات عديدة مما يستلزم أن يكون الإيواء المؤقت مناسباً من النواحي الاجتماعية والاقتصادية وأن يوفّر لهذه الأسر مأوى يقيهم برد الشتاء وحرارة الصيف ويفي بالتزاماتهم المادية والمعنوية خلال تلك الفترة.

وذكر الباحث بأن هناك نوعان رئيسيان لموقع الإيواء: الأول مؤقت يسهل تركيبه وفكه، والثاني ثابت؛ أما فيما يتعلق بدورة الحياة، فقد بين الباحث أن هناك ثلاث مراحل لدورة حياة مراكز الإيواء: مرحلة الإنشاء، الرعاية والصيانة، والإغلاق.

وأوضح الباحث بأن إنشاء مراكز الإيواء في المراحل الأولية بالخيام، في البداية يتم إنشاء مناطق الحماية المدنية كمناطق انتظار ومناطق إيواء لاستقبال الأشخاص في الخيام، مع حلول أسرع تركيباً معدة لتوفير مأوى جاهز من الليلة الأولى، ما بعد ذلك وفي العديد من الحالات؛ يتم تفكيك الخيام، وتُقام المراكز لإيواء السكان من مباني مؤقتة تُعتبر وحدات سكنية طارئة، مثل الحاويات أو المباني الجاهزة.

بدوره، أكد بسيسو أن هذه القضية أصبحت أكثر إلحاحاً بالنظر إلى الأعداد الهائلة من المواطنين الذين أجبرتهم الظروف على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان.

وأضاف أن توفير هذا النوع من المأوى يمثل تحدياً كبيراً، حيث تتداخل عوامل عديدة تؤثر على جودة الحلول المقدمة، وبين أن هناك مجموعة من الحلول الهندسية التي تتطلب النظر فيها بما يحقق التوازن بين الاحتياجات الوظيفية للسكن.

وأوضح أن الوزارة عملت على تقدير حجم الأضرار والخسائر، بالاستناد إلى مؤشرات صور الأقمار الصناعية وبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وتم العمل على تصميم استمارة رقمية لحصر أضرار الوحدات السكنية والمباني في القطاع.

وذكر بسيسو أن مواجهة تحديات النزوح الداخلي في قطاع غزة تتطلب منّا استجابة فورية متعددة الأبعاد تشمل استراتيجيات عاجلة وطويلة الأمد، مع مراعاة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية للمواطنين، وضرورة تحقيق توازن بين الاحتياجات العاجلة وخطط التنمية المستدامة، وأن الاستجابة الفورية لحالة النزوح لا يجب أن تكون قصيرة الأمد فقط، بل يجب أن تكون جزء من استراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة.

فيما تطرق مشعشع إلى أن المرحلة تتطلب تنسيق عالي مع الجهات كافة، وأشار إلى أن هناك 98 موقعاً مقترحاً، ويتم البحث في مدى موائمة هذه المواقع وتلبية احتياجات النازحين بما يحفظ كرامة الإنسان وخصوصيته.

وذكر أنه سيتم جلب 144 وحدة إيواء ستصل هذا الأسبوع، وأضاف "قدمنا تصور لبدائل معدنية ولكن يمكن أن يكون هناك اعتراض من قبل الجانب الإسرائيلي عليها"، كما تم تقديم مقترح لتصنيع أماكن إيواء من مادة الزجاج الليفي Fiberglass، وتصنيعها في غزة لتشغيل الأيدي العاملة هناك.

وأشار خالدي أن مقياس الحي هو العامل الأكثر أهمية عند تطوير حلول الإسكان المؤقت، وأن تكوين الروابط الاجتماعية في هذه المجتمعات هو أمر أساسي لتعزيز الصمود.

وبين أن إحدى المشكلات الشائعة في العديد من حلول الإسكان المؤقت هي تجاهل المساحات العامة وغير الرسمية.

ودعا إلى ضرورة توفير مساحات متعددة الاستخدامات، وأن يتضمن الحي المؤقت مساحات للأعمال الصغيرة، والمرافق التعليمية، والخدمات الصحية، والنظر إلى أهمية الصحة النفسية والتعافي من الصدمات.

بينما دعت جوتي إلى ضرورة توفير مأوى بكلف معقولة وفترة معقولة لتلبية احتياجات السكان، وذكرت أن هناك قيودا في إمكانية الحصول على مواد البناء، وأن السوق المحلي لا يعمل كما يجب بسبب العدوان، كما أن هناك بعض التحديات خاصة فيما يتعلق بوجود المواد غير المنفجرة والتي تشكّل خطرا على السكان.

وأضافت: "يجب علينا أن نعمل على طريقة ما للتغلب على هذه التحديات وإعادة استخدام المواد المدورة مثل مواد الركام وغيرها".

وتابعت أن الخيام ليست حلا مستداما، ولا بد من عودة النازحين إلى منازلهم، ويجب علينا تعزيز مناعة وصمود السكان هناك، ودعت إلى ضرورة تجنيد الأموال من جهات مانحة مختلفة.

كذلك قدم المهندس سميح العابد ملخصا حول جهود مجلس الإسكان الفلسطيني في تطوير مقترحات وحلول في مسألة الإيواء المؤقت والعاجل، تبعه عدد من المداخلات من الخبراء المشاركين من قطاع غزة وكذلك المشاركين وجاهياً في المعهد.

وأجمع الحضور على أهمية الموضوع، وأكد العديد منهم على أن كمية الدمار الذي حصل في القطاع يستدعي تكثيف الجهود من خلال خطة وطنية شاملة، والاستعانة بالمواد المتوفرة الممكنة والإنتاج المحلي قدر الإمكان وتنسيق الجهود الفلسطينية والدولية بشكل أفضل، والبحث في إمكانية عودة بعض السكان إلى مناطقهم ما قبل العدوان ومساعدتهم على إعادة تأهيل ما يمكن تأهليه.