تحل الشركات الفلسطينية محل المستوردين الإسرائيليين لتجاوز الحظر التركي على الصادرات إلى إسرائيل
تل أبيب-أخبار المال والأعمال- بعد ثلاثة أشهر من فرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حظراً تجارياً على إسرائيل، كشفت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية عن ثغرة فلسطينية التي استغلها المستوردون الإسرائيليون للحفاظ على تدفق البضائع.
ووفقاً لجمعية المصدّرين الأتراك (TiM)، التي تمثل أكثر من 95000 مصدر في تركيا، ارتفعت واردات فلسطين من تركيا بنسبة 1180% في تموز/يوليو. تنتهي هذه الواردات في الواقع بأيدي إسرائيلية. بلغت قيمة الواردات الفلسطينية من تركيا 119.6 مليون دولار في تموز/يوليو، مقارنة بـ 9.3 مليون دولار فقط في تموز/يوليو 2023.
وتقول الصحيفة: إن هذه الثغرة تسمح باستمرار الواردات مباشرة من الموانئ التركية إلى الموانئ في إسرائيل، طالما أن المستورد فلسطيني. ويقوم المستوردون الفلسطينيون بتقديم الطلبات باسمهم إلى الموردين الأتراك، ويتم شحن البضائع إلى إسرائيل. وعندما تصل إلى إسرائيل، تنتقل الحقوق الخاصة بها إلى شركة شحن دولية إسرائيلية ــ نظرًا لعدم وجود شركات شحن فلسطينية ــ والتي يمكنها إعادة توجيهها إلى أي مكان تريده.
وتضيف الصحيفة: إنه وضع مربح للجانبين. يكفي أن يجد المستورد الإسرائيلي الذي عمل لسنوات عديدة مع مورد تركي رجل أعمال فلسطينيًا أو شركة وهمية لتدفق البضائع من تركيا إلى إسرائيل. كما يستفيد الفلسطينيون: فقد بدأ رجال الأعمال في الأراضي الفلسطينية في فرض عمولات تتراوح بين 5% و8% من القيمة الإجمالية للمعاملات مع المصدرين الأتراك لتسجيل المعاملات باسمهم، مما يسمح للبضائع بالوصول إلى الموانئ في إسرائيل.
وتتابع: إن نتيجة هذا التقارب في المصالح هي قفزة في الواردات إلى فلسطين. ففي نيسان/أبريل من هذا العام، قرر أردوغان تقييد تصدير 54 سلعة إلى إسرائيل، بهدف الإضرار بصناعة البناء الإسرائيلية، التي كانت تعتمد جزئياً على منتجات الأسمنت من تركيا. ووفقاً لأرقام تموز/يوليو من جمعية المصدّرين الأتراك، زادت صادرات الأسمنت إلى فلسطين 463,000% مقارنة مع تموز/يوليو من العام الماضي، وزادت صادرات الحديد والصلب بنسبة 51,000%، وصادرات التعدين 35,000%، وارتفعت صادرات السيارات بنسبة 5,000%.
وبقدر ما يتعلق الأمر بالحكومة التركية، كانت الصادرات إلى إسرائيل في تموز/يوليو صفراً، حيث تم تسجيل فلسطين كوجهة للسلع.
يقول الدكتور هاي إيتان كوهين ياناروكاك، الخبير في الشؤون التركية في معهد القدس للاستراتيجية والأمن ومركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة تل أبيب، لصحيفة "غلوبس": "إن المال، مثل الماء، لا يعترف بالجدران ويجد طريقه للتسرب من خلالها".
ويضيف للصحيفة: "رغم قرار أردوغان بقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل، هذه الأرقام لا تترك مجالاً للشك في أن رجال الأعمال الأتراك والإسرائيليين وجدوا طريقة للالتفاف على العقوبات التي فرضها الرئيس التركي".
وتؤكد الصحيفة أن "الظاهرة تتزايد أيضا، حيث ارتفعت الصادرات التركية إلى فلسطين بأكثر من الصادرات إلى أي دولة أخرى، وزادت قيمة الصادرات 500 ألف دولار في تموز/يوليو 2024، مقارنة بشهر حزيران/يونيو. وارتفع إجمالي الصادرات إلى فلسطين بنسبة 104.6%، أي ما يعادل 58.4 مليون دولار، بالمقارنة بين الشهرين.
وتقول الصحيفة إن "القضية الفلسطينية مهمة للغاية بالنسبة لقاعدة ناخبي أردوغان، بل وحاسمة. ولا يريد الرئيس التركي قطع العلاقات التجارية مع الشعب الفلسطيني، ولذلك يغض هو وحكومته الطرف في الوقت الحالي عن الثغرة الفلسطينية".
وتشير الصحيفة إلى أن "هناك طريقة أخرى للالتفاف على الحظر التركي تتمثل في تسجيل دولة ثالثة على وثائق الشحن. ومع كمية البضائع المصدّرة من تركيا يوميا، لا تستطيع السلطات التركية التحقيق بعمق في الوجهة النهائية لكل شحنة. وعندما تصل البضائع إلى الدولة المسجلة على بوليصة الشحن، مدينة بيرايوس في اليونان على سبيل المثال، يتم تفريغها ثم تحميلها على سفينة أخرى متجهة إلى إسرائيل، بوثائق جديدة".
وتضيف: "هذا حل آمن وفعال، ولكنه يعاني من عيبين كبيرين مقارنة بالثغرة الفلسطينية: التكلفة والوقت. فالمستوردون الذين اعتادوا على استلام البضائع في غضون أسبوع يضطرون إلى الانتظار شهراً، وقد تؤدي العملية المطولة إلى إضافة 30% إلى 100% إلى تكاليف الشحن".