"ماس" يناقش حوكمة المساعدات المقدمة لفلسطين

تاريخ النشر

رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء طاولة مستديرة بعنوان "حوكمة المساعدات المقدمة لفلسطين بعد الحرب على غزة" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيا في مقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الزووم.

وأعد الورقة الخلفية الباحثة نورا الزقم المدير المؤسس لـ"دارنا للبحوث"، وقدم المداخلات كل من: وزيرة التنمية الاجتماعية سماح أبو عون حمد، والمديرة التنفيذية للهيئة الفلسطينية للدبلوماسية العامة إيناس عبد الرازق، والمستشار الأول للقضية الفلسطينية في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية الدكتور ليكس تاكنبرج، ومسؤول السياسات والحملات في منظمة أوكسفام عمر غريب.

وأكد مدير عام "ماس" رجا الخالدي، أهمية الموضوع وتداعياته السياساتية. وذكر أن موضوع هذه الورقة يأتي ضمن أولويات المعهد وهي جزء من مجموعة من الأنشطة التي نفذها المعهد في إطار آثار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.

وبين أن هذه الورقة تبحث في الكيفية التي يمكن للمانحين الدوليين دعم ملكية الفلسطينيين وإدارتهم للمساعدات في قطاع غزة بشكل أفضل، وكيف يمكن للمجتمع الدولي الاستعانة بالقانون الدولي الإنساني للتصدي للعقبات التي تفرضها إسرائيل على إيصال المساعدات والتدابير التي يمكن اعتمادها لتعزيز قدرة المؤسسات الفلسطينية على إدارة المساعدات بشكل أكثر فعالية في قطاع غزة، منوها الى أنه لا يمكن التغلب على موضوع كبير كهذا بحلول فنية.

وفي عرضها للورقة، دعت الباحثة الزقم إلى ضرورة أن يضطلع الفلسطينيين بدور المهندس، بحيث يخططون لتعافي بلادهم وتنميتها، "وهذا التحول ليس مجرد مطلب للإدماج؛ إنها دعوة لتحقيق العدالة وثبات وإصرار على المبادئ المعترف بها دوليا لتقديم المساعدات بشكل فعال ومسؤول، بحيث يتعلق الأمر بإدراك أن أولئك الذين يتحملون المصاعب، يمكنهم فهمها ومعالجتها أفضل من غيرهم، كما يتعلق بضمان ألا تستخدم المساعدات وسيلة لفرض الأولويات الخارجية، بل كآلية تعمل على تمكين الفلسطينيين من تحقيق تطلعاتهم إلى السلام والاستقرار والإزدهار في الحقيقة".

وبينت الباحثة أن ملكية الفلسطينيين لإدارة المساعدات تعني قيادة الحوار حول الإدارة الفعالة للمساعدات، وأن أي مبادرات للمساعدات يجب أن يتم تصميمها وتنفيذها من قبل أولئك الذين يفهمون المشهد المحلي، والذين يمكنهم رؤية ما هو أبعد من الإغاثة الفورية إلى القدرة على الصمود على المدى الطويل، والذين لديهم التزام بتمكين مجتمعاتهم.

وقالت الباحثة: "من الناحية العملية إن استعادة الملكية تنطوي على تطوير مؤسسات محلية قوية قادرة على إدارة وتوزيع المساعدات بفعالية. كما يتطلب ذلك هياكل حكم شفافة وخاضعة للمساءلة توحي بالثقة للشعب الفلسطيني والشركاء الدوليين". وأضافت، "يجب على المجتمع الدولي أن يدعم هذا التحول اعترافا منه بحق الفلسطينيين في تقرير المصير وأن ينتقل من عقلية السيطرة إلى عقلية الشراكة، ومن توجيه جهود المساعدات إلى تيسيرها. ويتطلب هذا التحول قبول والالتزام بالحفاظ على كرامة الشعب الفلسطيني ومصالحه".

أما فيما يتعلق بالمانحين وتمهيدا للانتقال إلى نظام لإدارة المساعدات يملكه ويديره الفلسطينيون، قالت الباحثة إنه يجب أن يكون مجتمع المانحين على استعداد لجعل الفلسطينيين واحتياجاتهم محور عملية تقديم المساعدات على امتدادها. وهناك فلسطينيين لديهم المؤهلات الكافية والرؤية الواضحة لمستقبلهم. ويجب على الجهات المانحة أن تكف عن تشبثها بأفكار عفا عليها الزمن وتستمر في تقديم المساعدات كأن "العمل كالمعتاد" تحد من قدرة المساعدات على تلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للفلسطينيين.

وأكدت أنه يتوجب على المجتمع الدولي أيضاً أن يكون مستعدا لدعم المنتديات والمنظمات القائمة والعمل معها بما يتجاوز المساهمة الشكلية، و"يمكن للجنة الاتصال المخصصة (AHLC)، بل ويتوجب عليها، أن تتخذ خطوات حاسمة لضمان مشاركة أكبر للمجتمع المدني الفلسطيني والسلطات المحلية في اجتماعاتها، ومواءمة استراتيجيات المساعدات مع الاحتياجات والأولويات المحلية. ويجب أن تركز اللجنة على تقديم الدعم للجهات المستهدفة لتعزيز المؤسسات الفلسطينية حتى تتمكن من إدارة وتنفيذ مشاريع المساعدات بشكل مستقل".

كما دعت سكرتاريا تنسيق المساعدات المحلية (LACS) إلى "ضرورة العمل على تعزيز فعالية أنشطتها من خلال دعم أساليب التخطيط المتكاملة التي تجمع بين الجهود الإنسانية والتنموية وبناء السلام. وينبغي عليها أن تعمل على إيجاد سبل لتحقيق اللامركزية في عمليات صنع القرار بحيث يعكس توزيع المعونات الحقائق على أرض الواقع ويكون أكثر استجابة للاحتياجات العاجلة. يمكن لمجموعات العمل القطاعية (SWGs) تعظيم تأثيرها ودعم الملكية الفلسطينية من خلال تعزيز التعاون ما بين القطاعات لمواجهة التحديات المتشابكة وتعزيز اتساق مجالات التدخل المختلفة مع بعضها".

وأشارت الباحثة إلى أنه يمكن تحقيق تنسيق وقيادة أوضح بين وكالات الأمم المتحدة من خلال تعزيز دور مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومكاتب المنسقين المقيمين.

وفي تعقيبها على الموضوع، أشارت وزيرة التنمية الاجتماعية إلى أن العدوان مستمر، وهذا العدوان أوصل قطاع غزة إلى مرحلة لا تصلح بها الحياة البشرية، وبينت أن ما يصل غزة هو القليل ونحن نعمل على زيادة هذه المساعدات وتوزيعها بعدالة.

ودعت إلى توفير ضغط عالمي لزيادة حجم المساعدات، مضيفةً: يجب أن تكون الحوكمة بالأساس فلسطينية "قطاع خاص، منظمات مجتمع مدني، حكومة"، مع ضرورة التأكيد على أهمية المجتمع المدني العامل في قطاع غزة.

وقالت إن الهدف من الحوكمة الوصول إلى العدالة ونحن نعمل مع العديد من الجهات، وأضافت أنه لا يمكن أن تعوض المساعدات الخسائر البشرية والتي أدت إلى وصول العديد إلى الإعاقات البشرية المستدامة.

بدورها، قالت عبد الرازق إن هناك حاجة ماسة لمعاجلة ما يحدث ووضع حلول قصيرة الأمد.

وأضافت أن هناك إبادة جماعية في غزة ويجب أن نفكر بالحلول بما يتناسب مع الواقع وهناك مجاعة، وإسرائيل وحلفائها مصممون على وضع غزة في حالة مجاعة ودمار باستمرارها بالعدوان.

وبينت عبد الرازق أن إسرائيل تقوم بخرق كل الاتفاقات الدولية، وفي المقابل فإن أنظمة الأمم المتحدة فشلت بالنسبة للفلسطينيين، فالأمم المتحدة لديها المسؤولية ويجب أن تنظر في مهمتها دون إبطاء.

أما فيما يتعلق بالمؤسسات الفلسطينية، قالت: لن يكون هناك مؤسسات فلسطينية ما لم ينتهي الاحتلال، ويجب على المنظمات غير الحكومية في غزة والضفة أن تقوم بمساندة السلطة الفلسطينية، ويجب أن تكون آلية حوكمة تشمل الجهات كافة.

من جانبه، قال غريب: "يجب أن نتعلم من الفشل الذي حصل في العام 2014 في إدارة المساعدات، ويجب أن نكون جاهزين في وضع الخطط، وأن لا نسمح بفرض الإملاءات من المانحين وأن نكون في قيادة هذه المحادثات وجعل هذه العملية محلية وأن ندعم بهذا الاتجاه، ويجب أن يكون هناك حيادية سياسية بحيث لا يكون هناك أي أجندات سياسية فالحاجة كبيرة جداً، وللفلسطينيين حقوق إنسانية يجب على المنظمات أن تؤكد عليها".

ودعا غريب إلى ضرورة التواصل مع الشركات المحليين وبناء حملات مناصرة.

من جهته، أشار  تاكنبرج إلى أهمية الأمر، وضرورة المشاركة من قبل الجميع، فهناك فظائع يتم ارتكابها ووحشية غير مسبوقة نشاهدها، وهناك ضرورة للضغط باتجاه إدخال المساعدات، خاصة أن أكثر من ثلثي الفلسطينيين في غزة هم أصلا "لاجئين".

وأضاف أن هناك هجوما غير مسبوق ومستمر على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التي تقدم العديد من الخدمات.

وبين أن هناك فلسطينيين من قطاع غزة لديهم خبرة طويلة خاصة في مجال البنية التحتية، وأضاف؛ "هناك مسائل على الأمم المتحدة أن تشارك بها للتخطيط لليوم التالي للحرب خاصة فيما يتعلق بجهود الإغاثة".

بينما أجمع الحضور على أهمية الموضوع، وأكدوا ضرورة أن يتم حشد الطاقات لإزالة وإنهاء العدوان ووجود حل سياسي، وضرورة التفكير بأهمية وضع الخطط اللازمة لإعادة الاعمار، وضرورة أن يكون هناك وحدة سياسية فلسطينية لتوحيد الجهود كافة بما يخدم قطاع غزة، مع ضرورة وجود دور فعال للقلسطينيين في تنسيق وإدارة عمليات الإغاثة الإنسانية.

وطالب البعض منهم بضرورة تشكيل جسم دولي متعدد الأطراف كطرف ثالث للمساندة في عمليات الإغاثة.