تقرير: "إدارة" إسرائيل للضفة في حال انهيار السلطة سيكلفها 57 مليار شيقل سنويا

تاريخ النشر

تل أبيب-أخبار المال والأعمال- حذّر تقرير إسرائيلي من أن سياسة حكومة بنيامين نتنياهو والعقوبات التي تنفذها ضد السلطة الفلسطينية، من شأنها أن تؤدي إلى إنهيار السلطة وتصاعد الفوضى في الضفة الغربية وصولا إلى اندلاع انتفاضة، تكبد إسرائيل خسائر اقتصادية وأمنية وسياسية كبيرة.

وأشار التقرير، الصادر عن "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، اليوم الأربعاء، إلى أن خطوات الحكومة الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية اشتدت بشكل كبير منذ أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر وشن إسرائيل حربها على غزة، وتصاعدت هذه الخطوات أكثر في أعقاب "ضلوع السلطة في الدعاوى شد إسرائيل في محكمتي لاهاي، وإثر اعتراف دول بالدولة الفلسطينية". وكان وضع السلطة الفلسطينية الاقتصادي متدهورا قبل الحرب، لكنه تدهور أكثر بعدها.

وأشار التقرير إلى أنه في حال انهيار السلطة الفلسطينية، "ستتكبد إسرائيل عبئا ثقيلا بتحملها مسؤولية عن الاحتياجات المدنية والنظام العام في الضفة الغربية، بتكلفة اقتصادية بحوالي 57 مليار شيقل سنويا، وتشكل 5% من الناتج الإسرائيلي. ولعملية جعل السلطة تنهار تبعات على إسرائيل، حتى لو لم يحدث انهيار كامل".

ومنذ بداية الحرب، منعت إسرائيل دخول العمال الفلسطينيين إلى أراضي الـ48 للعمل، ويقدّر عددهم بحوالي 165 ألفا، بينهم 130 ألفا يحملون تصاريح عمل. وسمحت إسرائيل لثمانية آلاف عامل فلسطيني بالدخول إلى أراضي الـ48 لتنفيذ "أعمال حيوية"، إضافة إلى حوالي 18 ألف عامل فلسطيني استمروا في العمل في المستوطنات في الضفة. أي أن الخطوات الإسرائيلية جعلت أكثر من 130 ألف فلسطيني عاطلا عن العمل ومن دون مصدر رزق.

كذلك لجأت إسرائيل إلى خصم مبالغ كبيرة من مخصصات المقاصة، وهي مستحقات الضرائب والجمارك للسلطة الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل لصالحها، ويبلغ حجمها حوالي 800 مليون شيقل شهريا. ويخصص قسم كبير من هذه المستحقات لتسديد رواتب موظفي السلطة، وبضمنهم أفراد أجهزة الأمن الفلسطينية. وتتذرع إسرائيل بشأن خصم أموال من مستحقات المقاصة، بأن قسما منها مخصص لقطاع غزة وقسم آخر تدفعه السلطة للأسرى ولعائلات الشهداء.

وهددت إسرائيل بعدم تجديد اتفاقية التعويضات للبنوك الإسرائيلية التي تتعامل مع البنوك الفلسطينية، كضمان من عدم معاقبتها بسبب تحويلها مساعدات مالية تصل إلى السلطة الفلسطينية، وذلك بادعاء أن تحويل الأموال يخالف قانون تايلور فورس الأميركي، الذي يمنع تحويل أموال إلى السلطة الفلسطينية طالما تستمر بدفع مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء، الأمر الذي يوقف معاملات البنوك الفلسطينية مع النظام المصرفي العالمي.

وكرر وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، تهديدات بوقف تجديد اتفاقية التعويضات مع البنوك الإسرائيلية. وفي موازاة ذلك، يعمل سموتريتش على توسيع كبير للمستوطنات وشرعنة ما لا يقل عن 63 بؤرة استيطانية عشوائية أقيمت على أراض معظمها بملكية فلسطينية خاصة، من خلال مصادرة هذه الأراضي وتحويل تصنيفها إلى "أراضي دولة".

وتفرض إسرائيل عقوبات شخصية على مسؤولين في السلطة الفلسطينية، وبينها سحب تصاريح VIP منهم، إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية شخصية على مسؤولين فلسطينيين وأفراد عائلاتهم. كما تهدد إسرائيل بإبعاد مسؤولين فلسطينيين عن الضفة الغربية بزعم أنهم يتواجدون فيها بصورة غير قانونية. وتقيد حرية التنقل في الضفة الغربية لمسؤولين فلسطينيين ضالعين في إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد نتنياهو ووزير الجيش يوآف غالانت، ومنع هؤلاء المسؤولين من مغادرة الضفة.

وأشار التقرير إلى أن من شأن هذه الخطوات الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية أن تحولها إلى سلطة غير قادرة على تسديد التزاماتها المالية وأن تتوقف عن تسديد رواتب موظفيها وفقدان سيطرتها على أجهزتها الأمنية، وبالتالي توقفها عن تزويد الاحتياجات المدنية. "وهذا التطور من شأنه أن يؤدي إلى ’تحويل الفوهات’ (البنادق) نحو إسرائيل، وخلال ذلك التوقف عن الحفاظ على النظام العام".

وحسب التقرير، فإن "الخطوات العقابية للحكومة الإسرائيلية تثير تخوف في جهاز الأمن، وكذلك في الولايات المتحدة، من انهيار اقتصادي للسلطة، يؤدي إلى فوضى وتعزيز (شعبية) حماس في الضفة، بينما في الخلفية دعم مالي إيراني من أجل دفع عمليات مسلحة".

وأضاف التقرير أن "الشاباك قدم تحذيرا إستراتيجيا للمستوى السياسي وجهاز الأمن من سيناريو انهيار اقتصادي. وذكر الشاباك أنه تم حاليا تقليص رواتب أجهزة الأمن الفلسطينية بشكل كبير، الأمر الذي من شأنه أن يشجع تسربهم إلى تنظيمات مسلحة".

وتابع التقرير أنه في خلفية الخطوات العقابية الإسرائيلية، قرار نتنياهو بعدم مشاركة السلطة الفلسطينية في خطة حول "اليوم التالي" للحرب على غزة، وقوله إنه "لن أحول حماستان إلى فتحستان"، وأن هذا القرار "يهدف إلى منع أي إمكانية أن تكون السلطة لاعبا في إعادة بلورة الحلبة الفلسطينية، وبالتأكيد منع إمكانية منح السلطة شرعية إسرائيلية، كونها بنظر دول العالم الرافعة للاعتراف بدولة فلسطينية".