رام الله-أخبار المال والأعمال- للمرة الثانية عشرة منذ 30 عاما، تستخدم إسرائيل أموال المقاصة الفلسطينية كورقة ابتزاز لتحقيق أهداف سياسية أمام الفلسطينيين، الذين يواجهون أزمة مالية واقتصادية كبيرة.
في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلنت إسرائيل عن تحويل أموال المقاصة "منقوصة" إلى الجانب الفلسطيني، بعد خصم مبلغ 270 مليون شيقل (73 مليون دولار)، تمثل مخصصات كانت تحول شهريا إلى قطاع غزة.
ورفضت السلطة الفلسطينية تسلم المبلغ منقوصا، الأمر الذي أدخلها في أزمة مالية عميقة، دفعها إلى تعليق صرف أجور موظفيها العموميين، قبل أن تقوم البنوك العاملة في فلسطين، بإقراض الحكومة جزءا من فاتورة الأجور.
ويتوزع المبلغ المقتطع، بين 170 مليون شيقل (46 مليون دولار) تمثل فاتورة أجور الموظفين العموميين التابعين للسلطة الفلسطينية في غزة، ومبلغ 100 مليون شيقل (27 مليون دولار)، كانت تحول شهريا لتوفير الوقود اللازم لتوليد الكهرباء.
وصادق مجلس الوزراء الإسرائيلي (الكابينت)، خلال اجتماعه صباح اليوم الأحد، على قرار تحويل أموال الضرائب (المقاصة) للسلطة الفلسطينية عن طريق النرويج بعد اقتطاع الحصة المخصصة لقطاع غزة.
والجمعة، كشفت الهيئة عن اتفاق إسرائيلي مبدئي بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير ماليته بتسلئيل سموتريتش على تحويل أموال الضرائب (المقاصة) إلى السلطة الفلسطينية، عبر دولة ثالثة.
وفي 4 يناير/ كانون الثاني الجاري، حذرت واشنطن، إسرائيل، من أن عدم تحويل أموال الضرائب إلى السلطة "سيؤدي لانهيارها، باعتبارها مصدر الدخل الرئيسي لها".
ما هي أموال المقاصة؟
أموال المقاصة، هي مجموعة الضرائب والجمارك والمكوس المفروضة على السلع المستوردة إلى الجانب الفلسطيني، سواء من إسرائيل أو من خلال المعابر الحدودية الإسرائيلية (البرية والبحرية والجوية).
ولا تسيطر السلطة الفلسطينية على أي معبر من الخارج، فجميعها خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، باستثناء معبر رفح والذي كانت تسيطر عليه حركة "حماس" من الجانب الفلسطيني.
يبلغ متوسط أموال المقاصة شهريا، قرابة 950 مليون شيقل (256.7 مليون دولار)، لكن ما كان يصل الجانب الفلسطيني قبل الحرب على غزة، يبلغ متوسط 750 مليون شيقل (203 ملايين دولار).
بينما المبلغ المتبقي البالغ 150 مليون شيقل (40.5 مليون دولار)، تقتطعه إسرائيل مقابل ديون على الفلسطينيين لشركات الكهرباء والمياه، وبعض الغرامات، وأقساط ديون إسرائيلية على السلطة الفلسطينية.
كما يتألف المبلغ المقتطع، من مبلغ مساو لمخصصات الأسرى في السجون الإسرائيلية، التي تقدمها الحكومة الفلسطينية لهم بشكل شهري، إذ تقتطع إسرائيل مبلغ 60 مليون شيقل شهريا (16.2 مليون دولار) يعادل ما تقدمه السلطة الفلسطينية للأسرى.
وتمثل أموال المقاصة، ما نسبته 65 بالمئة من مجمل دخل الحكومة الفلسطينية، وبدونها لن تكون قادرة على توفير أجور الموظفين، ولا الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه مؤسساتها الحكومية.
بينما النسبة المتبقية البالغة 35 بالمئة من مجمل دخل الحكومة، فيأتي من قناتين؛ الأولى جبايات ضريبية محلية في الضفة الغربية، والثانية منح خارجية بمتوسط سنوي لا يتجاوز 300 مليون دولار.
ما علاقة إسرائيل بالمقاصة؟
وفق بروتوكول باريس الاقتصادي (ملحق اتفاقية أوسلو) الموقع عام 1994 بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، تقوم وزارة المالية الإسرائيلية بجباية أموال المقاصة على المعابر الحدودية.
ومقابل هذه الجباية، تحصل إسرائيل على 3 بالمئة من إجمالي أموال المقاصة المقتطعة، والتي تصل قيمتها السنوية، إلى نحو 380 مليون شيقل (102 مليون دولار).
وفي الأسبوع الأول من كل شهر، تحول إسرائيل أموال المقاصة إلى الجانب الفلسطيني، عبر حوالة مالية بنكية، بالقيمة النهائية بعد كل الخصومات.
قبل أزمة المقاصة، كانت الحكومة الفلسطينية تصرف رواتب منقوصة لموظفيها البالغ عددهم 145 ألف موظف، وذلك منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بسبب تراجع المداخيل المالية.
بينما اليوم، ومع أزمة المقاصة، فإن القطاع المصرفي الفلسطيني، أصبح الممول الأبرز لفاتورة الأجور للموظفين الحكوميين، وهو ما أضاف أعباء على البنوك بسبب ارتفاع نسبة الإقراض الحكومي.
المصدر: الأناضول