تل أبيب-أخبار المال والأعمال- وقع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مساء اليوم الأحد، أمرا بقرصنة 139 مليون شيقل من عائدات الضرائب الفلسطينية (أموال المقاصة)، التي توازي، بحسب مزاعمه، قيمة الأموال التي تم تحويلها إلى الأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء في العام 2022، وتحويلها، في المقابل، لعائلات قتلى إسرائيليين في عمليات فلسطينية.
وأعلن سموتريتش أن "القرار يقضي بمصادرة 138.8 مليون شيقل من عائدات الضرائب التي يجبيها الجانب الإسرائيلي نيابة عن السلطة الفلسطينية"، وذكر أنه يأتي في أعقاب الحكم الصادر عن المحكمة المركزية الإسرائيلية، الذي يدعي أن السلطة الفلسطينية "تتحمل مسؤولية بعض الأحداث الإرهابية".
وقال سموتريتش، خلال مؤتمر صحفي: "أشكر رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) وأعضاء الكابينت الذين دعموا وقبلوا اقتراحي باقتطاع الأموال (من السلطة الفلسطينية)، كما أشكر منظمة (شورات هدين) التي خاضت معركة قانونية لتعويض عائلات القتلى (الإسرائيليين في عمليات فلسطينية)".
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان يخشى أن تؤدي مثل هذه الخطوات إلى انهيار السلطة الفلسطينية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها، قال: "بقدر ما تشجع السلطة الفلسطينية الإرهاب وهي عدو، فليس لدي مصلحة في استمرار وجودها".
وهذه ليست المرة الأولى التي تصادر بها سلطات الاحتلال مبلغا من عائدات الضرائب الفلسطينية، لتقديمها كـ"تعويضات" لعائتلات قتلى ومصابين إسرائيليين في عمليات فلسطينية، طالبت بتعويض من السلطة من خلال الحكومة الإسرائيلية، عبر الاقتطاع من أموال المقاصة، قيمة تعادل ما تدفعه السلطة الفلسطينية كمستحقات شهرية للأسرى وعائلات الشهداء والجرحى.
وكانت اللجنة الوزارية الإسرائيلية المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت)، قد صادقت يوم الخميس الماضي، على فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، بزعم الرد على توجه الأخيرة إلى محكمة العدل الدولية، الأسبوع الماضي، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
وشمل قرار الكابينيت الإسرائيلي "تحويل قرابة 139 مليون شيكل من أموال السلطة الفلسطينية إلى المستهدفين من الإرهاب، من أجل تطبيق قرار الحكم في ملف ’ليتباك’، الذي يعوض عائلات ضحايا الإرهاب الذين قُتلوا في عمليات فلسطينية".
كما شمل القرار "خصم فوري لدفعات السلطة" إلى الأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء في العام 2022 "وبموجب تقرير جهاز الأمن" الإسرائيلي.
وادعى البيان الإسرائيلي أن هذه العقوبات هي رد فعل إسرائيلي على "قرار الفلسطينيين بخوض حرب سياسية وقضائية ضد دولة إسرائيل. والحكومة الحالية لن تستقبل حرب السلطة الفلسطينية بعناق وسترد عليها كلما استدعى الأمر ذلك".
كما قرر الكابينيت الإسرائيلي "تجميد خطط بناء للفلسطينيين في المناطق ج في أعقاب محاولات سيطرة غير قانونية من جانب السلطة الفلسطينية، وخلافا للاتفاقيات الدولية"، حسب مزاعم الاحتلال الإسرائيلي؛ و"سحب منافع لشخصيات هامة تقود الصراع القضائي – السياسي ضد إسرائيل".
واتخذ كابينيت قرارا بـ"اتخاذ إجراءات ضد منظمات في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية المحتلة) تدفع عمليات إرهابية أو أي عمل معاد، وبضمنها عمليات سياسية – قضائية ضد إسرائيل تحت غطاء أنشطة إنسانية".
وإيرادات المقاصة هي عائدات ضرائب تجبيها سلطات الاحتلال الإسرائيلية نيابة عن السلطة الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، ويبلغ متوسطها الشهري نحو 188 مليون دولار، تقتطع منها تل أبيب 3%، كأجرة جباية.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن الاجراءات التي أعلنت عنها حكومة الاحتلال ردا على التحرك الفلسطيني في مؤسسات الأمم المتحدة مدانة ومرفوضة سواء خصم الأموال أو أية اجراءات أخرى.
وأضاف في بيان صدر عنه، الجمعة، أن الحقوق الفلسطينية غير قابلة للمساومة، وشعبنا الفلسطيني وقيادته قادرون على حماية الحقوق الفلسطينية التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية مهما كان الثمن، وسنواصل نضالنا السياسي والدبلوماسي والقانوني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
وطالب أبو ردينة، المجتمع الدولي، وعلى رأسه الإدارة الأميركية بالتحرك الفوري لوقف هذه التهديدات الإسرائيلية المنافية لجميع قرارات الشرعية الدولية، والتي تؤكد أن حكومة الاحتلال المتطرفة تسعى للتصعيد وجر المنطقة إلى حافة الانفجار، وتتجاهل بشكل صارخ القانون الدولي والشرعية الدولية، الأمر الذي يتطلب موقفا دوليا حازما تجاه هذا الانفلات الاسرائيلي.
وأكد رئيس الوزراء محمد اشتية، أن "القرصنة الإسرائيلية المستمرة لعائداتنا الضريبية، رغم أنها تفاقم من أزمتنا المالية، وتتسبب في تعميق العجز في الخزينة، لكنها لن تثنينا عن مواصلة نضالنا السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية؛ لنيل حق شعبنا في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة؛ على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس، وحق العودة للاجئين؛ وفق القرار 194".