واشنطن-(بلومبرغ)- امتدت تراجعات "بتكوين" إلى عطلة نهاية الأسبوع، حيث استمرت أكثر الأصول المضاربة في التأثر بشدة، في الوقت الذي واصلت هدر المكاسب التي حققتها في السنوات القليلة الماضية من الأسواق العالمية.
واقتربت أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية من عتبة 40 ألف دولار لأول مرة منذ أواخر سبتمبر، ما زاد خسائرها منذ ذروتها قبل ثلاثة أشهر فقط إلى حوالي 42%. كما تراجعت "إيثر"، ثاني أكبر الأصول الرقمية، بينما ظلت أسعار عملات التمويل اللامركزي الشهيرة مثل "يوني سواب"، (Uniswap) و"أفي" (Aave) تحت وطأة الضغوط حتى نهاية الأسبوع.
يأتي هذا التقلب وسط إشارات على أن الاحتياطي الفيدرالي يستعد لمكافحة التضخم المستمر من خلال سحب التحفيز. وأظهر محضر اجتماع الاحتياطي في ديسمبر الماضي، والذي تم نشره الأربعاء الماضي، فرصة لرفع أسعار الفائدة في وقت أقرب وأسرع من المتوقع، بالإضافة إلى تقليص محتمل في الميزانية العمومية. ومن شأن هذه الإجراءات أن تزيل السيولة من النظام، الأمر الذي ربما يضاعف بريق الأصول عالية النمو والمضاربة.
قال مات مالي، كبير إستراتيجيي السوق لشركة (Miller Tabak + Co): "إذا انتهج الاحتياطي الفيدرالي نهجاً أكثر عدوانية، فإن الأصول ذات المخاطرة، بما في ذلك العملات المشفرة، تكون أكثر عرضة للخطر".
من جانبه، قال مايك ماكجلون، من "بلومبرغ إنتليجنس"، إن 40 ألف دولار هو مستوى دعم تقني مهم للعملة الرقمية. وتعد العملات المشفرة مقياساً جيداً للانخفاض الحالي في الرغبة في المخاطرة. غير أنه يتوقع أن تتصدر عملة "بتكوين" في نهاية المطاف، حيث يتحول العالم إلى الرقمنة بشكل متزايد، كما تصبح العملة هي الضمان القياسي.
وساعدت جائحة "كوفيد-19" عملة "بتكوين" على الاندماج بشكل أكبر مع الاتجاه السائد، حيث انخرط مستثمرو المؤسسات والأفراد في سوق العملات المشفرة والمشاريع الملحقة به. والآن بعد أن أصبح الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشدّداً، عانت الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم والأصول الرقمية. وخسر مؤشر "بلومبرغ غالاكسي كريبتو" (Bloomberg Galaxy Crypto)، الذي يقيس عدداً من أكبر العملات المشفرة، ما يقرب من 10% حتى يوم الجمعة منذ بداية العام.
ووفقاً لإريك إرفين، الرئيس التنفيذي في "بلوكفورس كابيتال" (Blockforce Capital)، فقد تكون الانخفاضات على امتداد فئات الأصول هي مجرد بدايات لـ"سوق هابطة صغيرة". وربما ينسحب المستثمرون الجدد ليكون حاملو الأصول على المدى الطويل هم المالكون الأساسيون.
وأضاف: "إنه لأمر مفجع ومثير للأعصاب بالنسبة لأي مستثمر يتطلع إليه، خاصة إذا جاء من سوق الأسهم التقليدية"، مشيراً بالقول: "الأمر طبيعي تماماً لفئة الأصول الرقمية هذه."
وتعد "بتكوين" وغيرها من العملات المشفرة سيئة السمعة بسبب تقلباتها، إذ من المعروف أنها تبث تقلبات كبيرة صعوداً وهبوطاً، وأحياناً تحدث التقلبات في غضون دقائق.
ويؤدي التداول في عطلة نهاية الأسبوع إلى تفاقم التقلبات، ويرجع ذلك إلى عدد محدود من العوامل، بما في ذلك أحجام التداول الضئيلة وهيكل السوق الذي يتألف من مئات التداولات المنفصلة، وهي في واقع الأمر جُزر للسيولة الخاصة بها. وفي بداية ديسمبر الماضي، سجلت "بتكوين" انهياراً مفاجئاً في نهاية الأسبوع بخسارة 21% في أسوأ حالاتها.
في الوقت نفسه، قال مات هوغان، رئيس قسم المعلومات في "بيتوايز" (Bitwise) إنه من المنطقي أن نرى الأسعار تتراجع، حيث يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية مع سحب الحافز. ويمكن أن يستمر الانكماش قليلاً، بسبب عدم وجود محفزات واضحة على المدى القريب للمساعدة في تغيير الأمور، لكنه أشار إلى أن "أسس التشفير أقوى من أي وقت مضى، حتى مع تذبذب الأسعار. وعلى المدى الطويل، ستنتصر الأسس".