"كورونا" تضع الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي على المحك

تاريخ النشر
صورة أرشيفية من المؤتمر المصرفي الفلسطيني الدولي عام 2014 والذي حمل عنوان "الشمول المالي: الطريق إلى النمو"

رام الله-(الحياة الجديدة)- في تموز عام 2018، صادق مجلس الوزراء الفلسطيني على الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي ثم تم إطلاقها والاعلان عن بدء التنفيذ في كانون الأول من نفس العام. 

تقوم الاستراتيجية التي صاغتها سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال بالتعاون مع عدة مؤسسات وطنية شريكة على كيفية تعزيز وصول الفئات المجتمعية المختلفة على اختلاف دخولهم للخدمات المالية بهدف تعزيز قوة القطاع المالي الرسمي وتوفير الادوات المالية اللازمة لتحقيق التنمية الشاملة في فلسطين من خلا دعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والعمل على تحسين الظروف المعيشية للأفراد وخاصة الفقراء والشباب والنساء.

وتوافقت سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال على أن الشمول المالي هو: "تعزيز وصول واستخدام كافة فئات المجتمع وبما يشمل الفئات المهمشة  للخدمات والمنتجات المالية التي تتناسب مع احتياجاتهم بحيث تقدم لهم بشكل عادل وشفاف وبتكاليف ميسورة".

وانبثق مع مطلع العام 2019  عن الاستراتيجية لجنة فنية تتكون من عدة مؤسسات عملت على تشكيل ستة مجموعات عمل متخصصة وهي: النوع الاجتماعي، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والاعلام الاقتصادي، وتطوير القدرات والمهارات المالية للمواطنين، وتطوير المنتجات والخدمات، والتكنولوجيا المالية الـFinTech  وبحيث يكون الهدف من تشكيلها وهو المساهمة في تنفيذ البرامج والانشطة الواردة في الخطة التنفيذية للاستراتيجية والمرتبطة في مجال عمل كل مجموعة، والمساهمة في معالجة فجوات ومعيقات الوصول والاستخدام للخدمات المالية ذات العلاقة في مجال عمل كل مجموعة.   الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي انطلقت أساسا نتيجة  ارتفاع مستويات الإقصاء المالي في فلسطين  والتي تصل إلى 63.6% من مجمل السكان، وهي تهدف إلى رفع نسبة الشمول المالي الحالية والبالغة 36.4% من الأفراد البالغين لتصل كحد أدنى الى 50% في نهاية العام 2025".

وعلى عكس المخطط، ما إن بدأت سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال بتطبيق الاستراتيجية (2018-2025)، حتى دخلت فلسطين أسوة ببقية دول العالم بجائحة كورونا التي عرقلت الاقتصاد الفلسطيني وأحدثت انكماشا اقتصاديا نسبته 11.5 مع نهاية العام 2020، ما ألقى مزيدا من الفئات الاجتماعية في دائرتي الفقر والبطالة.

وأضافت الجائحة عقبة جديدة في طريق تطبيق الخطة تضاف إلى عدة عقبات منها على سبيل المثال  الضعــف الحــاد في الوصــول إلــى خدمــات الائتمــان من فئات اجتماعية، وكذلــك وجــود فجــوة كبيــرة في وصــول النســاء للتمويــل واســتخدامه، ووجود فجوات في القدرة على تمويل المشاريع الصغيرة بين الضفة وغزة، بالإضافة إلى وجود ثقافة مجتمعية متحفظة لاستخدام الأدوات المالية في القطاع الرسمي لأسباب مختلفة منها دينية.

الجائحة تلقي بظلالها على الخدمت المالية

وحول الجهود الرسمية المبذولة لتخطي العقبات التي خلفتها جاحئة كورونا على تنفيذ الاستراتيجية، تقول سلطة النقد"مما لا شك فيه أن تداعيات الجائحة الصحية قد انعكس خلال العام 2020 على مختلف مناحي الحياة بما في ذلك الشمول المالي في فلسطين، ورفع  نسبة الإقصاء بسبب التراجـع في معـدلات اسـتخدام المنتجات والخدمـات المالية، وبخاصـة الخدمات المالية غير المصرفية، مثـل التأميـن، والتأجيـر التمويلـي، وذلـك لضعـف وتراجع الطلـب علـى هـذه الخدمـات، نتيجة انخفـاض الدخـل لـدى الأفـراد والمنشآت، وبخاصـة المنشآت الصغيـرة ومتناهيـة الصغـر".

وتضيف سلطة النقد في تصريح خاص" هنـاك أيضاً خطـورة محتملـة تأثـر على مسـتويات حمايـة حقـوق مسـتخدمي الخدمـات المالية، بسبب تداعيات بعض الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة الجائحة وتأثيرها على تكاليف الخدمات المالية وثقة مستهلكي الخدمات المالية، الأمر الذي نخشى أن يؤدي إلى ارتفاع تكاليف هذه الخدمات على المستهلكين، تحديداً الأفراد وأصحاب المشاريع متناهية الصغر ورياديي الأعمال، الذين غالباً ما تكون قدرتهم على تحمل ارتفاع تكاليف هذه الخدمات محدودة".

وأكدت سلطة النقد أن العمل جار للتحضير لتنفيذ مسح ميداني للشمول المالي لجانب الطلب بالتعاون مع كافة الأطراف، بداية العام 2022 وذلك لقياس مدى التطور الحاصل على الشمول المالي في فلسطين، مشيرة إلى أن المسح الجديد سيساعد على قياس أثر جائحة كورونا على الخدمات المصرفية، وأثر خدمات الدفع الالكتروني على مؤشرات الشمول المالي. كما سيساعد على تطوير خارطة طريق متكاملة خاصة بالخدمات المالية الإلكترونية والنوع الاجتماعي.

حملات توعية 

وحول دور الاستراتيجية في تعزيز القدرات المالية لدى طلبة المدارس والجامعات والمعاهد المتوسطة ومجى الأنشطة المطبقة في هذا المجال، قالت سلطة النقد"تولي سلطة النقد الفلسطينية موضوع التوعية والتثقيف المالي أهمية كبيرة، باعتباره هدفاً رئيسياً من أهداف الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، وهناك العديد من قنوات التواصل والاتصال التي تعتمد عليها سلطة النقد لرفع مستوى الوعي وتعريف الأفراد بالخدمات المالية المتوفرة سواء كان ذلك لطلبة المدارس، أو الجامعات، أو المعاهد المتوسطة ومنها:  

1. القيام بحملات توعوية من خلال تنظيم ورشات عمل تستهدف كافة فئات المجتمع، والغرف التجارية، والطلاب، والنساء، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وعبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وكتيبات مطبوعة (بروشورات، بانرز، ورول اب)، وعبر الموقع الالكتروني لسلطة النقد، بالإضافة إلى توجيه المصارف لزيادة التوعية من خلال تكثيف جهودهم للتوعية واستهداف طلاب المدارس والجامعات. 

2. تنفيذ حملات توعوية لطلاب الجامعات تعنى بتعريفهم بشركات الدفع الالكتروني وخدماتهم. 

3. عقد فعالية الأسبوع المصرفي للشباب والأطفال بشكل سنوي لطلبة المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. 

4. عقد فعالية اليوم العربي للشمول المالي بشكل سنوي بالتعاون مع كافة الأطراف ذات الصلة.

5. عقد ورشات عمل تستهدف الصحفيين، والرياديين، والغرف التجارية، ومؤسسات المجتمع المحلي، والنساء والرياديات من أصحاب المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة. 

تعزيز اقبال شرائح المجتمع على الخدمات المالية

تؤكد سلطة النقد أنها تسعى بشكل مستمر إلى تطوير السياسات والإجراءات المناسبة والكفيلة بتعزيز مشاركة كافة شرائح المجتمع في عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لافتة إلى انها على قناعة بأن الخدمات المالية الرقمية هي واحدة من السياسات التي تعزز الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية واستخدامها من قبل الشرائح المستهدفة، وخصوصاً تلك التي تعاني من نسب متدنية من الشمول المالي وتحديداً النساء.

كما تسعى سلطة النقد إلى تعزيز وعي المواطنين بأهمية التعامل فقط مع الجهات الرسمية، وعدم التعامل مع الجهات غير الرسمية، والجهات غير المرخصة وغير الخاضعة للرقابة، والتعامل مع الأصول والعملات الافتراضية، وذلك من خلال الإعلانات المتكررة بالصحف المحلية، وذلك حماية لحقوقهم والحفاظ على مدخراتهم المعيشية.  

الريف الفلسطيني في دائرة الاستهداف

وفي سؤال حول أي شرائح المجتمع يوجد بها صعوبة في تقبل الخدمات المالية، تقول سلطة النقد"لا شك أن أهم التحديات المتعلقة بتقبل الخدمات المالية والتحول الرقمي لدى كافة شرائح المجتمع، يتمثل في نشر الوعي والثقافة وإقناع المؤسسات أو الأفراد، بأهمية استخدام هذه الخدمات والحلول، بالإضافة إلى تحديات المخاطر التقنية وحماية بيانات العملاء.

كما ان احد أهم التحديات تتعلق بتوفر الأجهزة والبنية التحتية اللازمة لتقديم الخدمات المالية بوسائل الكترونية ورقمية، ويشكل الريف الفلسطيني احد اهم القطاعات المستهدفة ضمن خطط الوصول الى الخدمات الإلكترونية من خلال الشمول المالي.

الشمول المالي والنساء

‌بالرغم من أن الوصول إلى المنتجات والخدمات المالية واستخدامها من قبل النساء في فلسطين لا يزال عند مستويات متدنية مقارنة بالرجال، إلا أن سلطة النقد تؤكد انها دائماً ما تسعى إلى تطوير السياسات والإجراءات المناسبة لتعزيز مشاركة النساء في عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا المجال تلعب المبادرات التي تقوم بها سلطة النقد بشكل مستمر دوراً مهماً في تعزيز الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية واستخدامها من قبل الشرائح المستهدفة التي تعاني من نسب متدنية من الشمول المالي وتحديداً النساء. 

ويستهدف جزء من هذه المبادرات إيصال الخدمات المصرفية والمالية الإلكترونية إلى المناطق النائية والنساء وتسهيل وصولهن إلى مصادر التمويل مما يؤدي إلى تنمية مشاريعهن، وذلك من خلال الحد من العوائق التي تعاني منها النساء مثل حرية التنقل من بيتها أو منطقتها، وتقليل التكلفة وتوفير الوقت والجهد، خاصة للنساء اللواتي يعملن في المنازل. 

‌الشمول المالي والإعلام الاقتصادي    

تؤكد سلطة النقد قناعتها التامة  بالدور المحوري الذي تلعبه السلطة الرابعة في كافة مجالات الحياة، بما في ذلك تعزيز مستويات الشمول المالي. لذلك فسلطة النقد معنية ببناء القدرات الصحفية، وخصوصاً المتخصصة منها. ولهذه الغاية، قامت بعقد العديد من ورش العمل المتخصصة بالتعاون مع شبكة الصحفيين الاقتصاديين لدعم قدرات العاملين في مجال الصحافة والإعلام المتخصص. 

وتشير سلطة النقد إلى أنها على قناعة أيضاً بأن بناء وتعزيز قدرات الإعلام المتخصص ستسهم في زيادة وعي الجمهور ونقل المعرفة المتعلقة بالشمول المالي والتكنولوجيا المالية إلى كافة شرائح المجتمع. 

دعم القطاع العائلي التجاري والمشاريع متناهية الصغر

تؤكد سلطة النقد أنها تسعى بشكل دائم إلى دعم القطاعات الاقتصادية سواء كانت عائلية أو مشاريع متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة وذلك من خلال تنفيذ العديد من المبادرات وورش العمل منها:

• إطلاق صندوق استدامة، والذي يخصص من ضمن برامجه الدعم للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة ومتوسطة الحجم، والذي تجاوزت أهدافه مساعدة المشاريع المتضررة من جائحة كورونا إلى العودة بالاقتصاد إلى مسار التعافي والنمو..

• إطلاق منصة منشأتي التي تعتبر الإطار الوطني والعنوان الأول لتقديم خدمات الإرشاد والدعم الفني والإداري المتخصص للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة. 

• توقع مذكرات تفاهم مع عدة مؤسسات تنموية والتي تعمل بشكل أساسي مع الفئات المهمشة والقطاع الريادي وأصحاب المشاريع، وذلك بهدف تمكينهم اقتصادياً.

• عقد ورشة عمل لصاحبات المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وذلك لتعريفهم ببرنامج استدامة والبرنامج المخصص للمشاريع الصغيرة والذي قدم تمويلاً وصل إلى 10 آلاف دولار بدون أي فوائد أو عمولات ولفترة سداد تصل إلى 4 سنوات، ومساعدتهم على تقديم طلبات للحصول على هذه القروض وذلك بالتعاون مع كافة المصارف. 

*هذه المادة معدة ضمن برنامج تدريبي تنفذه سلطة النقد بالتعاون مع شبكة الصحفيين الاقتصاديين