رام الله-أخبار المال والأعمال- اتفق متحدثون وخبراء محليون ودوليون أن الرياديين الفلسطينيين يتفوقون بالموهبة على مستوى عالمي، متمكنين من اختراق أسواق المنطقة والعالم، مؤكدين ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات لمساندة نمو البيئة الريادية.
جاء ذلك خلال المؤتمر الدولي الثالث للريادة في فلسطين (ICEP 3.0) والذي عُقد الأسبوع الماضي، تحت عنوان "فلسطين: نحو تمهيد طريق السيليكون إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، برعاية رئيس الوزراء محمد اشتية، وبمشاركة أكثر من 1000 شخص من متحدثين وخبراء محليين ودوليين من قادة الريادة والشركات العالمية ومؤسسات التمويل الدولية وصناديق الاستثمار وحاضنات الريادة في الدول العربية والعالمية، بالإضافة إلى مشاركة رياديين فلسطينيين، وممثلين عن الحاضنات ومسرعات الأعمال وشركات التكنولوجيا في فلسطين والمؤسسات الرسمية والقطاع الخاص.
وبحث المؤتمر، عبر 8 جلسات، متطلبات تطوير البيئة الريادية لتعزيز دور فلسطين كمركز إقليمي للريادة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وجرى تنظيم المؤتمر عبر تقنية التواصل المرئي zoom، بالشراكة مع فروع "جلوبال شيبرز" في فلسطين المنبثقة عن مجتمعات المنتدى الاقتصادي العالمي، والحكومة الفلسطينية عبر وزارة الريادة والتمكين، وبدعم من مؤسسة التمويل الدولية IFC، ومشروع دعم ابتكارات القطاع الخاص في فلسطين IPSD المموّل من البنك الدولي، وبنك فلسطين، وشركة اتحاد المقاولين CCC، ومجموعة الاتصالات الفلسطينية، ومؤسسة "هوبرت بوردا ميديا" في ألمانيا.
اشتية: البيئة الريادية في فلسطين أصبحة ناضحة جدًا
واستُهل المؤتمر برسالة افتتاحية مسجلة لرئيس الوزراء محمد اشتية، تلتها رسالة مسجلة للمؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي كلاوس شواب.
وأعرب اشتية في رسالته عن سعادته باستمرارية المؤتمر للعام الثالث وزيادة عدد المشاركين من الشباب الفلسطيني. وقال: "أصبحت البيئة الريادية في فلسطين ناضجة جدًا، وتتطور سنة بعد سنة، هذا يحدث بسبب الشباب الريادي والمستثمرين والأشخاص أصحاب الرؤى الذين يلهمون ليس أقرانهم فقط وإنما أيضًا الحكومة".
وأضاف: "إن فلسطين غنية برأس مالها البشري، وكل ما نقوم به في الحكومة هو الاستفادة والاستثمار في رأس المال البشري لأن فلسطين فقيرة من حيث الجغرافية وغنية بالتاريخ، لكنها أغنى من أي دولة أخرى برأس مالها البشري وبمواردها البشرية وبشعبها".
وثمن اشتية دور المنتدى الاقتصادي العالمي في إنجاح المؤتمر لدعم الريادة في فلسطين. مشيرًا إلى أن المنتدى يقدم عملًا عظيمًا وهو يواصل بروح الشراكة مع القطاع الخاص الفلسطيني والحكومة الفلسطينية والشباب الفلسطيني. كما لفت رئيس الوزراء إلى إطلاق الأكاديمية الفلسطينية للبرمجة والتي باشرت بتدريب الشباب الخريجين الذين لم يجدوا فرص عمل بعد.
شواب: ندعم تشكيل بيئة ريادية مبنية على الثقة في فلسطين
بدوره، أوضح شواب في كلمته، أن الشباب الفلسطيني أظهر مرونة لا نظير لها، وتفكيرًا مبتكرًا متميزًا في دعم مجتمعهم المحلي، مؤكدًا أن المنتدى الاقتصادي العالمي يؤمن بشدة بالدور الذي يلعبه الشباب كعامل إيجابي نحو التغيير.
وأشار إلى أن مشاركة المنتدى في المؤتمر الدولي للريادة في فلسطين، يأتي دعمًا لجهود تشكيل بيئة ريادية مبنية على الثقة، بما يمكّن الرياديين من إطلاق إمكاناتهم الكاملة.
وأضاف شواب أن القادة العالميين، يعملون على منح الأدوات والوسائل التي يحتاجها الشباب الريادي لتشكيل مستقبلهم، إلا أن المهمة الأكبر تقع على عاتق الشباب الذين يجب أن يتمتعوا بالجرأة والطموح، والاستمرار في المحاولة بعد كل فشل، وأن يتوجهوا للتفكير خارج الصندوق.
وأكد شواب أن المنتدى الاقتصادي العالمي مستعد لدعم الجهود الحالية والعمل على تحقيق حلم تحويل الاقتصاد الفلسطيني إلى مركز إقليمي لريادة الأعمال.
السعداوي: نعمل على تطوير قانون جديد للمشاريع الناشئة
من جهته، أكد وزير الريادة والتمكين أسامة السعداوي، أن الوزارة تعمل على تطوير قانون جديد للمشاريع الناشئة والموجه لدعم الرياديين، وذلك خلال جلسة بعنوان "تمكين البيئة الريادية في فلسطين" والتي قام بإدارتها مدير عام حاضنة إنترسكت" لريادة الأعمال راتب الرابي.
وأردف السعداوي أن الحكومة الفلسطينية قامت باستحداث الوزارة لدعم النظام الاقتصادي، موضحًا أن الوزارة تقوم بتحديث عدد من المبادرات التي ستسهم في تمكين الرياديين، بالإضافة إلى تنفيذ برامج لتحسين مهارات الرياديين، ومنها برنامج لتعزيز فرص العمل في نظام المعلومات.
شانكار: البنك الدولي داعم كبير للريادة والابتكار في فلسطين
كما تطرق المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة كانثان شانكار، إلى دور البنك الدولي كداعم كبير للريادة والابتكار في فلسطين.
ولفت شانكار إلى ضرورة أن تعمل الحكومة على وضع إطار قانوني جيد وبسيط بالتعاون مع القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن نهج رقمنة الخدمات للمواطنين يعتبر أمرًا مهمًا في فلسطين لا سيما مع وجود صعوبة في الوصول إلى الخدمات.
وبيّن شانكار أن العديد من التقارير أشارت إلى ما تواجهه المشاريع الناشئة من تحديات لاختراق الأسواق الإقليمية والدولية، الأمر الذي حرص البنك الدولي على شموله في استراتيجيته لدعم الاقتصاد والريادة في فلسطين.
الجلسة الأولى
وتحدث خلال الجلسة الأولى من المؤتمر أعضاء لجنة رئاسة المؤتمر حول تمهيد الطريق إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي أدارتها الشريك الإداري لصندوق ابتكار آمبر العملة.
وخلال الجلسة، أكدت كبيرة مستشاري مؤسسة "هوبرت بوردا ميديا" الألمانية ستيفي شيرني، أن البيئة الريادية في فلسطين رائعة جدًا، ويجب العمل على تشبيكها دوليًا، مشيرةً إلى أهمية تحقيق التنوع وفتح المجال لمشاركة النساء مما سيسهم في تعزيز البيئة الريادية.
ودعت شيرني الرياديين الفلسطينيين إلى التوجه لأوروبا، لافتةً إلى أهمية التشبيك ما بين الأجيال الشابة وتبادل المعرفة عن البيئات الريادية المختلفة وكيفية ربطها معًا.
الشوا: مجموعة بنك فلسطين تضع مواردها تحت تصرف الرياديين
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك فلسطين هاشم الشوا، أن المجموعة تضع جميع مواردها واتصالاتها تحت تصرف الرياديين.
وأعلن خلال المؤتمر أن صندوق ابتكار قد أنهى المرحلة الأولى من الاكتتاب لصندوق ابتكار الثاني بواقع 15 مليون دولار أمريكي من أصل رأس مال كلي بواقع 30 مليون دولار أمريكي، مما سيمكّن الصندوق من الاستثمار في مجموعة جديدة من الشركات الناشئة في فلسطين ومن الشركات الفلسطينية في المهجر.
كما أعلنت مجموعة بنك فلسطين، على لسان رئيس مجلس إدارتها خلال المؤتمر، عن نيتها التوسّع في رقعة خدمات حاضنة "إنترسكت" لتشمل مدن نابلس والخليل وقطاع غزة والقدس الشرقية، بالإضافة إلى توجه مجموعة بنك فلسطين لرعاية ودعم فروع "جلوبال شيبرز" في كل من نابلس ورام الله وقطاع غزة والقدس الشرقية، وذلك دعمًا لهذه المجموعة الريادية من الشباب والمنبثقة عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
خوري: الرياديون هم أفضل الأصول المتوفرة لدينا في فلسطين
من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة اتحاد المقاولين (CCC) سامر خوري: "نحن نؤمن في التنمية الاقتصادية ونؤمن أن الرياديين هم أفضل الأصول المتوفرة لدينا في فلسطين، ونحن كفلسطيين تميزنا في جميع أنحاء العالم". وأوضح خوري أن الشركة قامت بتوظيف العديد من خريجي الجامعات الفلسطينية كما تعاونت مع شركات ناشئة يمتلكها رياديون فلسطينيون. وشدد خوري على أهمية الدعم الدولي للشباب الفلسطيني الذي يتمتع بمستوى عالٍ من التعليم.
من ناحيته، أكد مدير منطقة أوروبا وأوراسيا والشرق الأوسط في المنتدى الاقتصادي العالمي ميريك دوشيك، التزام المنتدى بدعم المؤتمر عامًا بعد عام حيث يعد منصة كبيرة تلهم الأشخاص الآخرين في العالم، مبينًا أنه من المهم أن يظل الرياديون على اتصال مع الإقليم والعالم.
كما لفت إلى ضرورة الاهتمام بالتغير التكنولوجي المتسارع، مما يتطلب استيعابه وتوظيفه لتحقيق نتائج إيجابية. وشدد دوشيك على أهمية العمل على إعادة تمهير القوى العاملة لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة.
حبش: البيئة الاقتصادية في فلسطين مسألة مهمة
وتناولت إحدى الجلسات، والتي أدارتها لينا فطوم، مديرة مشروع دعم ابتكارات القطاع الخاص (IPSD) المموّل من البنك الدولي، موضوع "المنظور الإقليمي لحشد الاستثمارات على مفترق الطرق"، وأكد خلالها الممثل المقيم لمؤسسة التمويل الدولية (IFC) في الضفة الغربية وقطاع غزة يوسف حبش، أن البيئة الاقتصادية في فلسطين مسألة مهمة، وتكمن أهمية هذا المؤتمر في إتاحته المجال لمعرفة كيفية تطوير طريقة التفكير وفهم القضايا والمشاكل القائمة بشكل أفضل، والتعرف على سبل الانخراط في حلها.
وتحدث خلال الجلسة مدير عام مركز مجموعة الاتصالات للإبداع "فكرة" ليث قسيس، حول أهمية إشراك الجامعات الفلسطينية في قضايا الريادة والرياديين، إضافة إلى أهمية تشجيع استثمارات رأس المال المشترك. كما تطرق تامر قدومي الشريك المؤسس في شركة (VentureSouq) والتي تتخذ من منطقة الخليج مقرًا لها، إلى ضرورة تحديد أي الأسواق الكبيرة التي يمكن للرياديين التوجه إليها، وطرح العديد من المشاريع لمجموعة قاعدية واسعة.
وخلال جلسة المائدة المستديرة مع ممثلي فروع مجتمع القيادات الشابة (جلوبال شيبرز) في فلسطين والمنبثق عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أوضح منسقو الفروع طموحات الرياديين الشباب في فلسطين والتحديات التي يواجهونها.
العلمي: الريادي الفلسطيني قادر على تحدي الظروف الصعبة
ومن جهته، أشار هاني العلمي مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الرياديين المقدسيين للتكنولوجيا والخدمات المجتمعية "جست" في القدس، إلى طبيعة الريادي الفلسطيني القادر على تحدي الظروف الصعبة لا سيما في قطاع غزة وابتكار أفكار عالمية والتشبيك مع شركات عالمية. كما لفت منسق فرع القدس الشرقية إلى ضرورة دمج الرياديين المقدسيين في برامج الاحتضان والتدريب. وضمت الجلسة كلاً من محمد الفرا منسق فرع غزة، وعدنان جابر منسق فرع القدس الشرقية، وحمدي حتو منسق فرع رام الله، وأمير سقف الحيط منسق فرع نابلس.
وفي جلسة بعنوان "الشركات الناشئة الفلسطينية: التوسّع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، أوضح مدير عام صندوق "ابتكار" حبيب حزان، أن الصندوق استثمر في مرحلته الأولى في 26 مشروعًا ناشئًا في فلسطين حتى الآن، وحاليًا سيتم إطلاق ابتكار 2، مؤكدًا أن الصندوق يبحث عن شركات فلسطينية ناشئة تسعى إلى التوسّع في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا. من جهتها، تحدثت مؤسسة المنصة الرقمية "أمل" روان علوي، عن أهمية التفكير بالمنتجات بمنظور عالمي لا يقتصر على السوق المحلي.
برانسي: جذب مستثمرين دوليين يتطلب توفّر منظومة تشريعات وقوانين مناسبة
وبيّن رئيس مجلس إدارة اتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية (بيتا) تامر برانسي، خلال جلسة تتناول المشهد في فلسطين كمركز إقليمي للريادة، أن جذب مستثمرين دوليين يتطلب توفّر منظومة تشريعات وقوانين مناسبة. كما أشار إلى الفجوة بين النظام التعليمي وما يتطلع إليه السوق، بالإضافة إلى ضرورة تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في فلسطين.
وخلال جلسة حول مستقبل الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أكد رئيس مجلس إدارة شركة "ومضة كابيتال" فادي غندور، ضرورة أن تكون عملية التمويل عملية مستدامة لضمان خلق أعمال للمستقبل، إلى جانب التفكير في وظائف وأعمال المستقبل، مشيرًا إلى أن إدراك هذه الأمور مع توفر دور فاعل للحكومات سيسهم في جذب انتباه العالم إلى هذا السوق.
فيما أعرب الرئيس التنفيذي لشركة "ممتلكات" القابضة في البحرين خالد الرميحي، عن إعجابه بمستوى موهبة الرياديين الفلسطينيين، مشيرًا إلى الحاجة لتوفير بيئة تعزز من مواهب الرياديين، وتشجع الرياديين في الخارج على العودة إلى المنطقة. ومن جهته، أكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة "دبي للمستقبل" في الإمارات العربية المتحدة خلفان بلهول أن المؤسسة تتطلع لاستكشاف مشاريع الرياديين الفلسطينيين.
توجهات العمل عن بعد في مرحلة ما بعد الجائحة
كما ناقش المؤتمر توجهات العمل عن بُعد في مرحلة ما بعد الجائحة خلال جلسة أدارها رئيس شركة Akrostar أنور عوض. وشدد رئيس شركة PalTechUs في أمريكا مهند كنعان، أنه بالرغم من توفّر المواهب العلمية إلا أن هنالك حاجة للتدريب على مهارات اللغة والمهارات الناعمة. كما تطرق إلى ضرورة بحث سبل تشجيع الشركات العالمية على التعاقد مع المواهب الفلسطينية. بدورها، أشارت نائب رئيس شركة Synopsis جمانة موافي، إلى أهمية العمل على جانب الأمن الرقمي بالإضافة إلى الجوانب التدريبية.
هذا وتحدث خلال المؤتمر عدد من رؤساء وقيادات شركات عالمية من بينهم: مدير عام مؤسسة بورتلاند ترست في فلسطين يحيى الشنار، والمؤسس والرئيس التنفيذي لشركة HARRI لوك فراير، ونائب رئيس شركة Cadence زياد حنا، والزميلة في شركة Intel لمى نشمان، وغيرهم من ممثلي الشركات العالمية والشركات الفلسطينية الناشئة التي نجحت في اختراق أسواق المنطقة والعالم.
عرض 10 شركات ناشئة
كما تم عرض 10 شركات ناشئة لتعريف المشاركين في المؤتمر بالأفكار الريادية في فلسطين، وجرى التصويت إلكترونيًا لاختيار ثلاثة مشاريع فائزة، حيث فازت كل من شركة Bitvest وهي منصة إلكترونية لتحفيز جيل الألفية على الاستثمار، وشركة LogesTechs لتطوير برمجيات شركات التوصيل السريع، وشركة Jaru وهي منصة لحجز خدمات الحيوانات الأليفة عبر الإنترنت وتوفير فرص العمل لمقدمي هذه الخدمات. كما منحت لجنة الداعمين للمؤتمر شركة Madtape صفة العرض المميز، وهي شركة مختصة بعرض المحتوى على الإنترنت بطريقة مميزة.
يُذكر أن الإعداد للمؤتمر تم من خلال لجنة تنظيمية ضمت ممثلين عن الشركاء الداعمين للمؤتمر من مؤسسات دولية والحكومة الفلسطينية والقطاع الخاص. كما ضمت اللجنة كلاً من صندوق ابتكار وحاضنة إنترسكت ومؤسسة جست والذين ساهموا في حشد الرياديين والشركات الناشئة. فيما أشرفت شركة Concepts على كافة التحضيرات التقنية والتسويقية، ووفّرت شركة الاتصالات الفلسطينية خدمة الإنترنت بسرعة عالية.