تنهي الدكتورة مي سالم الكيلة، اليوم الخميس، مهام منصبها وزيرة للصحة، بعد 860 يومًا (سنتان و4 أشهر و6 أيام) من العمل الدؤوب، لتسلم الراية للدكتور سعيد سراحنة.
وعملت الكيلة طوال الفترة في ظروف صعبة، تعاملت معها بحكمة، حيث تابعت كل صغيرة وكبيرة في الوزارة، واجتهدت لإصلاح القطاع الصحي في فلسطين، وحشد التمويل لتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن وتطويرها، والرفع من أداء الكوادر الصحية، إلى درجة الرقابة والاستماع إلى شكاوى المواطنين والزيارات الفجائية للمستشفيات والمراكز الصحية. وتعاملت على قدم المساوة مع أبناء شعبنا في المحافظات الشمالية والجنوبية.
وبعد تسلمها منصبها بأقل من عام واحد، وتحديدًا في الخامس من آذار 2020، ضربت فلسطين كغيرها من دول العالم، جائحة "كورونا"، والتي انهارات أمامها أنظمة صحية لدول متقدمة، إلا أن "الكيلة" ومن خلفها كوادر وزارة الصحة، استطاعت أن تحافظ على صمود القطاع الصحي أمام الجائحة، وتقليل الخسائر البشرية جراء الجائحة بأقل الإمكانيات المتاحة.
ولم تهتز "الكيلة" أمام الصدمات التي تعرضت لها الوزارة، وموجة الانتقادات التي تعرضت لها في عدد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإجتماعي، ولا تلتفت إلى منشورات "التنمر" على شخصها، بل واصلت العمل بجد ونشاط لخدمة شعبها ووطنها.
وتؤكد التجربة التي خاضتها "الكيلة"، ضرورة تسخير مزيد من الدعم والاهتمام بوزارة الصحة، وتخصيص ميزانيات لها تتناسب مع أهمية هذه الوزارة لجمهور المواطنين.
ورغم أهمية الدور الذي يقوم به الوزير، إلا أن الوزارة هي منظومة متكاملة تتشكل من إداريين وكوادر عاملة في الميدان، وبالتالي فإن أي وزير لن يملك عصا سحرية لإجراء تغيير في منظومة بحاجة لإصلاح جذري ومعالجة دقيقة.
ونجحت الكيلة في إصلاح ملف التحويلات الطبية، وتخفيض فاتورة التحويلات التي كانت تثقل كاهل خزينة الدولة، وعملت على توطين العديد من الخدمات الصحية، إلا أن العديد من الملفات في وزارة الصحة ما زالت عالقة وسط تجاذبات من أصحاب النفوذ داخل الوزارة، الأمر الذي يتطلب من الوزير الجديد العمل على إعادة هيكلة شاملة للوزارة، وضمان استقلاليتها من أي تدخلات خارجية، وتصويب الأخطاء، ومواصلة إكمال المسيرة التي بدأتها "الكيلة"، التي نجحت في بعض جوانبها، وفشلت في جوانب أخرى أمام ثقل التحديات داخل منظومة الوزارة.
الدكتورة مي، الطبيبة والدبلوماسية والأكاديمية، والإنسانة قبل كل شيء، تستحق كلمة "شكرًا" على ما قدمته، وحتمًا ستواصل العمل وبذل الجهود في ميدان آخر، لما فيه خدمة ومصلحة للوطن والمواطن.
يذكر أن الكيلة تحمل درجة الدكتوراه في الصحة العامة والإدارة الصحية، ذات خبرة واسعة في إدارة المؤسسات الصحيّة ورسم سياساتها، إذ عملت في الإدارة الصحيّة في "الأونروا" وعملت أستاذة في جامعة القدس، كما مثّلت فلسطين كسفيرة في تشيلي وإيطاليا.