بيروت-النهار اللبنانية-أصدرت محكمة فيديرالية أميركية في مدينة نيويورك نهاية الاسبوع الفائت، قراراً تاريخياً يُعدّ انتصاراً قضائياً أحرزته شركة المحاماة سكواير باتون بوچز (Squire Patton Boggs)، برفض ادعاءات بتمويل الإرهاب ضد بنك الاستثمار الفلسطيني (Palestine Investment Bank PIB). وقد وجدت المحكمة أن هذا البنك لا يخضع للاختصاص القضائي في المحاكم الأميركية، في قضية عُرفت بعنوان "سبيتنر وآخرون بمواجهة بنك الاستثمار الفلسطيني".
هذه القضية المرفوعة ضد البنك كانت واحدة من دعاوى قضائية أميركية رفعتها مجموعة محامي المدعين نفسها ضد مصارف لبنانية ومصارف أخرى في المنطقة في كانون الثاني من العام 2019. ويزعم المدعون في هذه القضايا المرفوعة ضد المصارف، ومنها اللبنانية، أنهم ضحايا هجمات إرهابية، وأن هذه المصارف التي جرت مقاضاتها، مسؤولة عن الأضرار التي لحقت بهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب الأميركي.
وفي تفاصيل القضية المرفوعة ضد بنك الاستثمار الفلسطيني، ادعى المدعون أن PIB كان مسؤولاً عن هجمات إرهابية في إسرائيل بين عامي 2001 و2003 لأن أحد زبائن البنك دفع مبالغ لعائلات الأفراد المتورطين في بعض الهجمات، على حد زعمهم.
وبصفتها محامي PIB، سعت شركة المحاماة سكواير باتون بوچز (Squire Patton Boggs) إلى رد الدعوى على أساس أن بنك الاستثمار الفلسطيني لم يكن خاضعاً لاختصاص المحكمة، وليس لدى PIB أي فروع أو عمليات أخرى في الولايات المتحدة، كما لم يكن لديه في الحقيقة حسابات مراسلة مع البنوك الأميركية خلال الفترة الزمنية ذات الصلة، أي بين 2001 و2003.
وقد قدم مصرف PIB خدمات مصرفية مقوّمة بالدولار الأميركي لزبائنه من خلال الاحتفاظ بحسابات مراسلة مع بنوك أخرى غير أميركية. وبالفعل، وبعد اقتناعها بحجة محامي PIB، قضت محكمة فيديرالية في نيويورك بأن استخدام بنك الاستثمار الفلسطيني للحسابات المصرفية المراسلة خارج الولايات المتحدة لم يكن أساساً كافياً من الناحية القانونية لإجبار PIB على التقاضي بدعاوى في الولايات المتحدة، حتى لو أدت هذه الحسابات في النهاية إلى إرسال معاملات من خلال مصارف أميركية. وبناءً على ذلك، خلصت المحكمة إلى أن PIB لا يخضع لاختصاص المحكمة وقامت بردّ الدعوى التي كانت أقيمت بموجب قانون مكافحة الإرهاب (Anti-Terrorism Act – ATA).
في تعليقه على ما صدر عن المحكمة في قضية "سبيتنر وآخرون بمواجهة بنك الاستثمار الفلسطيني"، رأى رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، أن "من شأن هذا القرار تعزيز الدفوع القضائية المتعلقة بالاختصاص للمصارف اللبنانية وغيرها من المصارف الدولية التي تواجه دعاوى قضائية مماثلة في الولايات المتحدة تحت قانون مكافحة الإرهاب، رغم الصعوبة التي تواجه المصارف اللبنانية في المرحلة الحاضرة المسمّاة Motion to dismiss وهي شبيهة بالدفوع الشكلية في لبنان".
وأوضح أن "هذا القرار يشكل سابقةً قضائية لجهة أن مصرفاً لبنانياً أو مصرفاً آخر غير أميركي لا يمكن أن يخضع للاختصاص القضائي الأميركي بناءً على معاملات مقومة بالدولار مع البنوك المراسلة له خارج الولايات المتحدة، حتى لو كانت تلك البنوك المراسلة غير الأميركية توجه المعاملات بعد ذلك من خلال الولايات المتحدة".
وأضاف: "سيعطي هذا الحكم للمصارف اللبنانية وغيرها من المصارف فرصة لحماية نفسها من الدعاوى القضائية الأميركية المكلفة من خلال هيكلة علاقات المصارف المراسلة الخاصة بها لتجنب الاختصاص القضائي الأميركي".
وخلص المرجع القانوني المتخصّص بالعقوبات الدولية إلى القول: "ستكون هذه سابقة قانونية مهمة للدعاوى القضائية الأميركية المستقبلية ضد المصارف اللبنانية، وأيضاً للدعاوى القضائية المتبقية ضد المصارف اللبنانية المتعلقة بمزاعم تمويل الإرهاب".