سلفيت-وفا-بيديها الناعمتين تبدع خلود قاسم (38 عاماً) في مهنة النجارة، وتضع لمساتها في حف وتجميع ونشر القطع الخشبية على المنشار، وتحويلها الى أثاث وأشكال خشبية مميزة في مهنة عرف منذ فجر التاريخ إسنادها للرجال.
أثبتت قاسم تغلبها على العوائق التي اعترضت طريقها، لكون النجارة تعتبر من المهن البعيدة عن مجال العمل التقليدي للمرأة، باعتبارها من المهن التي طالما يحتكرها الرجال، لا سيما في المجتمعات التي لا تتقبل فكرة عمل المرأة في المهن الصعبة.
بدايات قاسم في مهنة النجارة كانت من خلال قيامها بمساعدة زوجها النجار شادي قاسم في العمل، وكانت تصنع أثاثا خشبيا في منزلها قبل أن تلتحق بمنجرة زوجها التي هي عبارة عن بركس كبير يحوي جميع مستلزمات النجارة في بلدة دير بلوط قرب سلفيت.
وبالرغم من الصعوبات التي لاحقت خلود كامرأة وأم، كان الرزق وحبها للعمل في النجارة هما بالدرجة الاولى ما دفعها الى تعلم المهنة.
وأضافت قاسم، "بدأت العمل منذ 6 سنوات عندما كانت المنجرة في البيت نفسه، وكنت اعمل فيها تقريبا بشكل يومي، بعد مغادرة العمال، وبعد تعليم زوجي لي، حتى أتقنت المهنة بكل تفاصيلها وتنوع منتجاتها".
لم يرفض شادي فكرة عمل زوجته بل عمد إلى مساعدتها وتشجيعها حتى أتقنتها، وأصبحت النجارة الأولى في المنطقة وتتقن التعامل مع طلبيات الأهالي واحتياجات المنازل من الأثاث الخشبي.
وبحكم قرب المنجرة من البيت لم تجد مشكلة في خلق توازن بين متطلبات البيت والعمل، فاستغلت فترة وجود الأطفال في المدارس لممارسة عملها، لافتة الى ان الوقت الذي يستغرقه العمل في المنجرة هو ذاته الذي تحتاجه أية امرأة اخرى في أي عمل منوط بالنساء.
وقالت، كل شيء محسوب عليها كامرأة تعمل بالنجارة، وانها تحاول ان تبدع في كافة التفاصيل، مشيرة الى انها عندما يصيبها التعب او المرض خلال العمل تحاول اخفاء ذلك لتثبت جدارتها.
وثمن قاسم دور زوجته ومنجزاتها خلال الـ6 سنوات التي عملتها بجانبه، مؤكدا انها تقترح عليه اقتراحات عدة في مجالات النجارة وتحديدا عندما يكون الامر متعلقا بألوان الخشب ورسوماته، مثمنا دورها في المنجرة.
واضاف، ابدعت في هذا المجال اكثر من الرجل وتحاول دائما أن تصنع شيئا ملفتا للنظر ومميزا لدى الزبائن.
من جهته، بين مدير عام التخطيط والسياسات في وزارة شؤون المرأة أمين عاصي، أن مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي المتعلق بالتعدين والمحاجر والصناعة التحويلية يشكل ما نسبته 11%، وأن مشاركتها في مهنة البناء والتشييد 1%، بينما مشاركتها في النشاط الاقتصادي المتعلق في الخدمات 66.5%.
وأرجع عاصي السبب في انخفاض نسبة النساء العاملات في المهن غير التقليدية الى مراعاتهن نظرة مجتمعهن المحيط، مطالبا بتعزيز مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي المحصور بالرجال، وتوعية المجتمع المحيط بالمرأة بضرورة ممارسة المهنة.
وأضاف، توجيه النساء للانخراط بالسلك المهني والمحصور بالرجال يفتح لهن أبوابا للرزق ويميزهن في اعمالهن.