مقال-منيب رشيد المصري-
تحدثنا في أكثر من مناسبة عن أهمية دور القطاع الخاص في بناء مؤسسات الدولة، وفي المساهمة الجادة والفعلية في تعزيز صمود المواطن الفلسطيني، وفي دعم المواقف السياسية للقيادة الفلسطينية، وتحديدًا في هذه المرحلة الصعبة، وفي الوقت التي تتعرض فيه الأرض الفلسطينية المحتلة لعملية مسعورة؛ لمصادرة ما تبقى منها، وبخاصة في مدينة القدس عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.
وفي ظل الواقع الحالي لا بدّ أن نعمل بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص؛ لمواجهة ما هو قادم، معتمدين على أنفسنا، وهذا ليس بالشيء الجديد على الساحة الفلسطينية، ولكن المطلوب الآن هو أكثر مما سبق؛ لأن واقع الاصطفافات الإقليمية والدولية تحتّم علينا أن نعمل كفريق واحد ضمن خطط واضحة، وبإمكانياتنا الذاتية، وهذا فعلاً ما يتم الآن، ويشكّل في ملامحه بدايات جيّدة لحماية المشروع الوطني ودرته مدينة القدس.
على مدار 3 أيام اجتمع قرابة (200) رجل أعمال فلسطيني جاؤوا من قرابة (28) دولة؛ لتلبية نداء القدس بمشاركتهم في مؤتمر عقد في مدينة اسطنبول، تحت عنوان: "دعم وتمكين اقتصاد القدس عاصمة دولة فلسطين الأبدية"، بمبادرة وتنظيم من اتّحاد رجال الأعمال الفلسطيني التركي، وبالتعاون مع سفارة فلسطين في تركيا.
تأتي أهمية هذا المؤتمر؛ لأن القدس تُواجه سياسات احتلالية، تهدف إلى تغيير معالمها والسيطرة الكاملة عليها وتهجير سُكّانها، وهي فعلاً بأمسّ الحاجة الآن إلى تمكين يشمل كل نواحي الحياة، وبخاصة التمكين الاقتصادي والتعليمي، الذي يشكل أحد أهم أعمدة صمود أهل المدينة المقدسة.
كانت ثمرة الحوارات والنقاشات في هذا المؤتمر أن خرج بالعديد من النتائج الفعلية على الأرض، والتي من أهمها إطلاق مبادرة لتأسيس شركة استثمارية بقيمة 100 مليون دولار أمريكي، وساهم (20) من رجال الأعمال بجزء من رأس مال هذه الشركة، وإعلان البنك الإسلامي العربي تخصيص مبلغ (50) مليون دولار لتمويل مشاريع استثمارية في مدينة القدس في قطاعات حيوية.
منها قطاع العقار، وقطاع الشركات المتوسطة والصغيرة، والإعلان من قبل ملتقى رجال الأعمال الفلسطيني وبالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة القدس عن إعادة فتح 400 محل تجاري داخل أسوار البلدة القديمة، وتقديم الدعم المالي اللازم لهم.
واستكمالاً فقد قرّر المجتمعون عقد مؤتمر في مدينة القدس يوم 28 نيسان الجاري؛ لمتابعة ما خرج به مؤتمر اسطنبول.
إن هذا العمل يُشكل رافعة حقيقية لمدينة القدس وللأرض المحتلة بشكل عام، ويُعطي الموقف السياسي الفلسطيني الرافض لما سمي بـ"صفقة القرن" دفعة مهمة، للوقوف في وجه مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية، وبخاصة أنّنا مقبلون على اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في 30 نيسان الجاري.
إنّنا في القطاع الخاص الفلسطيني سنظل نتحمّل مسؤولياتنا الوطنية، وصولاً إلى تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، من منطلق إيماننا العميق بأننا جميعًا يجب أن نكون في خندق واحد، فكلّنا مستهدفون.
ولذلك نقول بأن خطّة السلام التي طرحها الأخ الرئيس أبو مازن أمام مجلس الأمن، والآن يطالب القادة العرب المجتمعون في القمة العربية بأن يتبنوها لهي الطريق الأقصر لتحقيق السلام والأمن في المنطقة والإقليم، ونحن نقف مع الأخ الرئيس في مطالبة العالم بدعم خطّة السلام الفلسطينية؛ لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.