رام الله-الأيام-محمد بلاص: اختار مدير عام مؤسسة "فاتن" للإقراض والتنمية، أنور الجيوسي، لافتة خشبية وضعها على سطح مكتبه في مقر المؤسسة الرئيس بمدينة رام الله، وكتب عليها عبارة "مكتب الخادم الأكبر والإنسان المؤتمن"، وهو يؤسس لصياغة مفاهيم ووضع أسس جديدة في عالم الإقراض الصغير.
في هذا المكتب الصغير جدا، ويكاد يكون أصغر مكتب في الإدارة العامة للمؤسسة، وضع الجيوسي، أربع صور معلقة خلفه مباشرة لعظماء في التاريخ مترابطين جدا في رسالتهم الإنسانية، فكانت الصورة الأولى لمارتن لوثر كينغ، والثانية للأم تريزا، والثالثة لغاندي، والرابعة لمانديلا.
وقال الجيوسي عن سر هذه الصور: "في التاريخ هناك الكثير من العظماء يصعب حصرهم، ولكن هؤلاء الأربعة يشكلون حالة خاصة، ويشتركون في رسالة واحدة، ويحملون مبادئ إنسانية، ونحن في مؤسستنا نستوحي رسالتنا أو على الأقل جزءا كبيرا منها من ثوابتهم، فجميعهم ناضل من أجل الحرية والإنسانية لشعوبهم بالسلام والبناء، فللأم تريزا باع طويل في مساعدة الضعفاء والفقراء، ونحن في (فاتن) رسالتنا إنسانية بالدرجة الأولى ومبنية على شعار نساعد الناس ليساعدوا أنفسهم، وهذه الصور تم وضعها لسبب رئيس وهو أننا وفي كل لحظة نتذكر هؤلاء العظماء".
ورأى أن مؤسسة "فاتن" التي جرى تعيينه مديرا عاما لها سنة 2004، أصبحت أشهر من تعرف للمواطنين، مشيرا إلى أنه عندما دخل المؤسسة، كانت محفظتها القائمة لا تتجاوز نصف مليون دينار، ولكنها الآن تحمل محفظة قيمتها 120 مليون دولار واثنان وأربعون ألف مقترض قائم، و38 فرعا في الضفة وغزة، بعد أن كانت لا تتجاوز الستة فروع وبمكاتب بدائية صغيرة وبتقنيات لا تؤدي حتى أغراض برامج الإقراض والتي كانت بسيطة.
وأكد الجيوسي أن المؤسسة تخطت الصعوبات، وتطور البرامج والأنظمة ومبالغ القروض التي وصلت الآن إلى خمسين ألف دولار كحد أقصى، بعد أن كانت ألف دولار كحد أقصى.
وتابع، "تطورنا كان بعد دراسة معمقة لحاجة مقترضينا ووضع السوق واحتياجاتها وخطوة بخطوة ضمن فريق متعاون تم تطويره بإدخال الكوادر الجديدة وتدريب الكوادر القائمة".
ونوه إلى أن ما نسبته 90% من برامج الإقراض، جاءت مطابقة لرسائل وطنية وإنسانية، وأساسها التنمية المستدامة وخلق ثقافة العمل الحر، وإنشاء مشاريع للطبقة الفقيرة والمتوسطة، وخلق ثقافات جديدة لم يعهدها أحد.
وأردف، "هناك برنامج مشجع للطاقة البديلة ومشجع للحفاظ على البيئة، إلى جانب برامج دعم العمال وأصحاب الأراضي الزراعية المحاذية لجدار الفصل العنصري، بمنحهم تمويلات ميسرة للحفاظ على أرضهم، ومحاولة منح العاملين في المستوطنات فرصة لإنشاء مشاريع خاصة بهم ليتخلصوا من عوز الاحتلال".
وفي مجال العمل الإنساني والوطني، قال الجيوسي، إن مؤسسة "فاتن" قدمت حتى الآن حوالي مليون دولار على الأقل كمساهمات مجتمعية هادفة ساعدت كثيرين على الخروج من مشاكلهم المتعددة، بما يتضمنها صندوق التكافل الذي تم إنشاؤه لحالات خاصة طارئة للمقترضين كحالات الوفاة أو العجز أو الأمراض الخطيرة أو التعرض لكوارث.
واعتبر الجيوسي أن أكثر التبرعات تميزا، كان تبرع "فاتن" بمبلغ مائة ألف دولار لصالح مستشفى خالد الحسن لأمراض السرطان، وتم تسليمها للرئيس شخصيا، وآخر بمبلغ مائة ألف دولار لشراء أجهزة غسيل كلى لإحدى مستشفيات غزة.
وأضاف، "بدأنا قبل نحو شهرين بإنشاء صندوق منح لأبناء المقترضين من أجل دفع أقساطهم الجامعية بتبرع شهري من راتب المدير العام 500 دولار شهريا، ومن تبرعات طوعية من كافة موظفي المؤسسة البالغ عددهم 300 موظف".
وتابع، "كنا في بداية عهدنا ثمانية موظفين فقط، ويقوم كل موظف بعبء قسم كامل وأقسام لم تكن موجودة، ولكن الآن والحمد لله هناك أقسام متعددة وكثيرة تراعي حجم التطور الذي طرأ على المؤسسة في العشر سنوات الأخيرة، ويحتوي كل قسم على عدة موظفين، ولدينا كادر مستقطب ومؤهل بأقوى الإمكانيات والخبرات، وأصبح لكل فرع وموظف حل لكل مشكلة تواجهه معلوماتيا وإداريا وتقنيا، والتواصل بين الإدارة والفروع مستمر على مدى اليوم".
وكشف الجيوسي، النقاب عن توجه مؤسسة "فاتن" لاستكمال بناء مقر الإدارة العامة الذي اشترته وسيكون من سبعة أدوار في أفضل مناطق رام الله، وسيكون هناك فرع إضافي ملحق للإدارة، حتى يأخذ كل موظف وموظفة من الموظفين في الإدارة والفروع، مكانه الصحيح، وتوفير مناخ مناسب للعمل المبدع.
وقال، "أحلم أن نفتح فرعا متميزا في القدس رغم المعيقات، فلأبناء القدس الحق في الحصول على خدماتنا كما هم أبناء الضفة وغزة، وهم جزء أصيل من شعبنا، ونحن جاهزون الآن لأي تحول أو تطور يضاهي أفضل المؤسسات المالية حتى العالمية منها بأنظمتنا ورؤيتنا".
ومن وجهة نظر أحد موظفي "فاتن"، فإن سر استقرار الموظفين في المؤسسة، يكمن في فسح المجال أمامهم ومنحهم هامش حرية للاقتراحات والإبداعات والأفكار المتميزة التي تتوافق مع التطوير، حيث تم صرف المئات من الحوافز للموظفين المتميزين وأصحاب الأفكار الخلاقة، وأصبح كل موظف شريكا أساسيا في اتخاذ القرار".
وقال أحد مدراء الفروع، إن المؤسسة أصبحت تمتلك من الإمكانيات ما يؤهلها للوصول إلى تطبيق أحدث الأنظمة المتطورة، مضيفا، "نحن الآن بصدد تطبيق نظام (تومينوس) المتطور بعد شرائه وتأهيل كادر كبير له في قسم الحاسوب، وتم تدريب كافة موظفي الفروع عليه، ونحن بصدد تطبيقه خلال شهرين على الأكثر، بما يلبي متطلبات كثيرة للفروع والموظفين، ويقدم حلولا لمشاكل كنا نعاني منها سابقا على المستوى المعلوماتي والتقني".
تاريخ النشر