رام الله-أخبار المال والأعمال-قال رئيس الوزراء محمد اشتية "كان العام الماضي وقت تحد غير مسبوق لمجتمعنا العالمي وأمتنا، وفي عام 2020 واجهت فلسطين أزمة ثلاثية صحية واقتصادية وسياسية، وعملنا مع شركائنا لحماية حياة وتأمين سبل عيش شعبنا من هذه الأزمة الثلاثية من خلال الاستثمار الموجه في الخدمات الصحية والحماية الاجتماعية، وتم توفير أكثر من 310 مليون دولار من استجابة لمواجهة كورونا من قبل شركاء دوليين ووطنيين، مع 52 مليون دولار نفذت من خلال حكومة فلسطين".
جاء ذلك خلال كلمته في اجتماع الدول المانحة (AHLC) ، يوم الثلاثاء، عبر تقنية الفيديو، بحضور وزيرة خارجية النرويج اينه اريكسن رئيسة الاجتماع، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير المالية شكري بشارة، وعدد من وزراء الخارجية وكبار المسؤولين والأمم المتحدة وممثلو المنظمات الدولية.
وأضاف رئيس الوزراء: "أود أن أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن امتناننا للنرويج لرئاسة وتنظيم هذا الاجتماع الافتراضي وللاتحاد الأوروبي على الاستضافة المشتركة، وخالص تقديري للبنك الدولي والأمم المتحدة ومكتب الرباعية، ولكل عضو في هذا المنتدى، على دعمكم المستمر لأجندة بناء دولتنا، كما أود أن أرحب بالممثل الأميركي الجديد في AHLC، وأتطلع إلى العمل مع الإدارة الأميركية الجديدة في عهد الرئيس بايدن".
وتابع: "خلال اجتماعنا الأخير، واجهنا وضعا شديد الصعوبة والتعقيد في فلسطين، على الصعيد السياسي، تفاقمت خطط الضم الإسرائيلية، المدعومة آنذاك من قبل إدارة ترمب، وغياب وجهات النظر السياسية، إلى جانب الأزمة الاقتصادية بسبب جائحة كورونا، لقد تغلبنا على تلك التحديات ونشكر المجتمع الدولي على مواقفه الحازمة في الحفاظ على القانون الدولي، ولتجديد التزامها بالحقوق الفلسطينية والسلام على أساس حل الدولتين".
ورحب رئيس الوزراء بالإجراءات التي أعلنتها الإدارة الأميركية الجديدة، لعكس قرارات الرئيس السابق ترمب، كدعم حل الدولتين، ورفض الإجراءات الأحادية أو المستوطنات أو الضم، داعيا إلى إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب تمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، واستئناف تمويل الأونروا والحكومة الفلسطينية.
كما رحب اشتية باجتماع اللجنة الرباعية الأخير وبجميع الجهود التي تقودها مجموعة "ميونخ" (فرنسا وألمانيا ومصر والأردن) لبناء الثقة، معربا عن شكره لكل من ساهم في المصالحة الفلسطينية والتي هي واجب وطني وشرط مسبق لإجراء الانتخابات المقبلة.
وأضاف اشتية: "نتطلع إلى استئناف عملية سلام حقيقية تحت مظلة متعددة الأطراف ومن خلال مؤتمر دولي قائم على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لإنهاء الاحتلال في إطار زمني واضح، حتى الوصول إلى حل لقضايا الوضع النهائي".
وشدد رئيس الوزراء على ضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة معها، والتي تشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق "ج" و"ب" والذي كان من المقرر أن تنتهي في عام 1999، والامتناع عن أي عمل من شأنه تغيير قضايا الوضع النهائي، بما يعني عدم بناء المستوطنات، إضافة إلى حرية الوصول والتنقل بما في ذلك الممر الآمن بين غزة والضفة الغربية، وإعادة فتح مؤسسات القدس، والسماح بإجراء انتخابات حرة في القدس الشرقية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين حسب تفاهمات 2014، ووجود مكاتب الجمارك الفلسطينية على جسر اللنبي.
ودعا اشتية المجتمع الدولي الى إعادة الانخراط بأسرع وقت ممكن لتحقيق سلام عادل وشامل على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وحل الدولتين وفق المعايير المتفق عليها دولياً والاتفاقيات الموقعة ومبادرة السلام العربية، واتخاذ إجراءات ملموسة لوقف جميع الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في فلسطين المحتلة، ولضمان محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي وحقوق شعبنا.
وحول الانتخابات في فلسطين، قال رئيس الوزراء: "نسعى نحو تحقيق الوحدة والمصالحة الفلسطينية، ولعل أبرز مظاهر هذا التضامن الوطني الجديد هو الانتخابات العامة المقبلة، التي ستعزز المشاركة السياسية الفلسطينية لشعبنا عبر أرضنا على أمل أن تؤدي إلى حكومة وطنية موحدة".
وأضاف اشتية: "سيكون أكثر من نصف شعبنا مؤهلاً للتصويت لأول مرة، أنا فخور بأن أعلن أنه بعد أسابيع فقط من الإعلان عن مواعيد انتخابات المجلس التشريعي والرئاسة وإعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، فإن 93٪ من أبناء شعبنا قد سجلوا أنفسهم للتصويت".
وتابع: "تحتاج الانتخابات الحرة والنزيهة إلى أن تكون مدعومة بالحريات الأساسية، حرية التعبير، وحرية إجراء الانتخابات وفقًا للمعايير الدولية. ولقد أكد الرئيس محمود عباس هذه الحريات الأساسية من خلال مرسوم رئاسي لضمان عملية انتخابات حرة ونزيهة لشعبنا". مستدركاً: "ندعو الشركاء الدوليين للعمل معنا لحماية الحقوق الديمقراطية لجميع الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة، للمشاركة الكاملة في هذه الانتخابات".
وحول مواجهة جائحة "كورونا"، قال رئيس الوزراء: "أعطينا الأولوية لتوفير الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية لشعبنا، ورغم إصابة أكثر من 190 ألف شخص بالمرض، ظل معدل الوفيات لدينا منخفضًا نسبيًا، وقمنا بتوسيع نطاق دعمنا الاجتماعي ليشمل 126 ألف أسرة، وأضفنا 30 ألف أسرة فقيرة جديدة إلى برنامج الحماية الاجتماعية الخاص بنا".
وأضاف اشتية: "كان للوباء تأثير اقتصادي خطير وانكمش الاقتصاد بنسبة 11.5٪ خلال عام 2020، وهو أحد أكبر الانكماشات السنوية منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، ولقد اتخذنا إجراءات صارمة للسيطرة على الإنفاق وزيادة الإيرادات لخفض عجز الميزانية. لكن العواقب الاقتصادية لكورونا أضرت بإيراداتنا بشدة".
وتابع: "كما تعلمون، فإن أكثر من ثلاثة أرباع عائداتنا الضريبية ليست تحت سيطرتنا، وتستمر إسرائيل في التلاعب بضريبة القيمة المضافة الخاصة بنا واستخدامها لابتزاز الحكومة، ونطالب في هذا السياق العمل معنا لبناء قدرتنا على زيادة الإيرادات الخاصة بنا، ولضمان التحويل التلقائي والمستقر لإيرادات المقاصة." وأشار اشتية إلى أنه واستجابة للأزمة، قدمت الحكومة حزمة من الإجراءات لتخفيف حدة الفقر، ودعم الأعمال التجارية الصغيرة، وحماية الوظائف، حيث أنشأت الحكومة وسلطة النقد بالفعل صندوقا بقيمة 250 مليون دولار لتوفير الدعم الضروري للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، لضمان استمرار عملها وحماية موظفيها خلال الأزمة، بالتعاون مع 4 بنوك استثمار أوروبية قمنا بتعبئة حزمة دعم إضافية بقيمة 410 مليون يورو. من خلال هاتين الآليتين يمكن للشركات التي تقود اقتصادنا والوصول إلى القروض المخصومة وضمانات القروض".
وأردف رئيس الوزراء: "بالتعاون مع شركائنا الدوليين، ستطلق الحكومة قريبا برنامجا بنحو 50 مليون دولار لحماية سبل عيش الأسرة وتحفيز الانتعاش الاقتصادي، وسنستثمر في برنامج قصير المدى لخلق فرص عمل للأشغال العامة في البلديات في الضفة الغربية وقطاع غزة".
وحول اللقاحات، قال رئيس الوزراء: "برنامج التطعيم ضد كورونا ما يزال مقيدا بشدة بسبب الوصول غير المتكافئ إلى الإمداد العالمي من اللقاحات، فحاليا لدينا جرعات محدودة فقط، والتي سيتم استخدامها لتطعيم العاملين الصحيين الأساسيين لدينا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإن تأمين جرعات إضافية سيمكننا من تحقيق أهدافنا الوطنية المتمثلة في تطعيم مليوني شخص في الأشهر المقبلة، ويعد برنامج التطعيم الوطني المكتمل سريعا أيضا شرطا أساسيا لتمكين انتخابات ديمقراطية حرة وآمنة".
وأضاف رئيس الوزراء: "أعلنت الأونروا عن أكبر عجز مالي في تاريخها في عام 2020، وبدون دعم من شركائنا الدوليين، فإن شعبنا الذي أصبحت حياته وسبل عيشه ممكنة من خلال الأونروا، وإنني أحثكم على الاستمرار في دعم حقوق اللاجئين لدينا من خلال دعم الأونروا في عملها الحيوي من أجل شعبنا في مخيمات اللاجئين في فلسطين والمنطقة".
وتابع اشتية: "نحن نعيد إطلاق خطة التنمية الوطنية المحدثة التي تحدد سياساتنا وأولوياتنا الوطنية والتي تستند إلى مجموعة شاملة من استراتيجيات التنمية القطاعية والاقتصادية، واستغرق تطويرها عامين، وهي شراكة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشركاء الدوليين".
واستطرد رئيس الوزراء: "توفر خطة التنمية الوطنية بما في ذلك الاستراتيجيات القطاعية والخطط التشغيلية، رؤية واضحة لكيفية إعادة البناء بشكل أفضل، وإعادة البناء بشكل أكثر عدلاً، وتوفر خارطة طريق للاستثمار لمساعدة الشعب الفلسطيني على الوقوف، ويضع خطة شاملة للانتعاش الاقتصادي لإرساء أسس الازدهار في المستقبل".
وأردف اشتية: "ستدعم خطة التنمية بالعناقيد كل منطقة من مناطقنا لتطوير نقاط قوتها الحالية، مثل السياحة في بيت لحم أو الإدارة العامة والتكنولوجيا في رام الله، وعنقود البحر في غزة والتجمعات الصناعية في الخليل ونابلس، بالإضافة إلى عنقود العاصمة في القدس، وتم تنفيذ العنقود الزراعي في قلقيلية بنجاح عام 2020".
وقال رئيس الوزراء: "سيساعد نموذجنا التنموي الجديد على الاستثمار وخلق فرص العمل لرفع مستوى تلك المناطق، وسيضمن نهجنا الجديد تنمية اقتصادية أكثر تكافؤا، وستكون رؤيتنا لمستقبل أكثر ازدهارا هي مستقبل أكثر عدلاً، ويعتمد تحقيق رؤيتنا على الاستثمار المستهدف لتوفير البنية التحتية المادية والرقمية اللازمة لتزدهر الشركات والمهارات التي ستساعد شبابنا على تحقيق إمكاناتهم".
وأضاف: "البنية التحتية اللائقة شرط ضروري لازدهار الأعمال، ونحن نستثمر في البنية التحتية خاصة الطاقة والمياه ومياه الصرف الصحي مع التركيز على غزة، بينما تستثمر دول أخرى في الجيل الخامس، فإن غزة تقتصر على الجيل الثاني، لكن التزامنا بتلبية احتياجات اقتصادنا من الطاقة يقابله التزامنا بمستقبل مستدام لكوكبنا، لذلك سنستثمر في التقنيات المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية".
وتابع رئيس الوزراء: "أصبحت التحديات فرصًا في خضم الوباء، فأنشأنا بسرعة البيئة المناسبة لتشجيع الطلاب والعاملين على العمل من المنزل، ولقد بدأنا التعلم عن بعد وأدخلنا قنوات تلفزيونية للتعليم، وسلط كورونا الضوء على أهمية المدفوعات الرقمية لذلك أعطينا الأولوية لإطلاق خدمة المحفظة الإلكترونية للمعاملات الاقتصادية المجانية، مع التركيز على أولئك الذين ليس لديهم وصول سهل إلى البنوك التقليدية، مثل النساء والأشخاص ذوي الإعاقة وأولئك الذين يعيشون في المناطق المهمشة".
وأردف اشتية: "نحن أيضا نعمل على تنمية قدرات الحكومة الإلكترونية بسرعة، على سبيل المثال، نقوم بتمكين المشتريات العامة الإلكترونية لزيادة كفاءة وشفافية عمليات المشتريات الحكومية لدينا، وهو أمر بالغ الأهمية في وقت تنخفض فيه الموارد الحكومية وتزايد الطلب العام".
وقال رئيس الوزراء: "لقد عززت إصلاحاتنا التشريعية الأخيرة سيادة القانون، ونعمل حاليا على الانتهاء من العمل على ثلاثة قوانين جديدة، وهي قانون الاتصالات وقانون المنافسة وقانون الشركات، وسيؤدي ذلك إلى تغيير مناخ الاستثمار في فلسطين من خلال تقديم إطار حديث وشفاف للاستثمار التجاري".
واستدرك اشتية: "ليس كل الإنفاق على التنمية يوفر عائدًا فوريًا جذابًا لمستثمري القطاع الخاص، لذلك تم انشاء بنكًا للتنمية وهو بنك الاستقلال، للاستثمار في مجالات التنمية التي لا تستثمر فيها البنوك التجارية حاليا".
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تعمل أيضا مع بنك التنمية الأوروبي، والبنك الإسلامي للتنمية، وسلطة النقد لإنشاء عدد من الآليات وحزمة دعم تصل إلى 800 مليون دولار لتقديم قروض للشركات المتأثرة بكورونا، وتحفيز الاقتصاد من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والدولي." واستطرد اشتية: "ونحن نطور تعليمنا لمواجهة تحديات وفرص القرن الحادي والعشرين. في ذروة الوباء، تحركنا بسرعة لتدريب حوالي 30 ألف معلم لتوفير التعليم عبر الإنترنت، وسنقوم بتسخير استثماراتنا في البنية التحتية الرقمية لتوسيع التعليم عبر الإنترنت". مضيفا: "تم إنشاء منصة وطنية جديدة للتعليم التقني والمهني لشبابنا وهي جامعة جديدة سيتم افتتاحها في نابلس، وسيهدف هذا إلى سد الفجوة بين المهارات التي يمتلكها شبابنا الآن وتلك التي سيحتاجون إليها للقيام بوظائف المستقبل، ولدينا خطة لتدريب 6200 مبرمج جديد حتى يكونوا مجهزين للاقتصاد الرقمي العالمي، وهذه ليست سوى البداية".
وقال رئيس الوزراء: "لطالما كان دعم ميزانية المانحين أمرًا حيويًا للحفاظ على الخدمات الحيوية بسبب القيود المفروضة على قدرتنا على تطوير الإمكانات الاقتصادية الكاملة لاقتصادنا. لكن دعم ميزانية المانحين انخفض بمقدار الثلثين خلال عقد وانخفض بمقدار الربع مقارنة بالعام الماضي وحده، وأطلب دعمكم ليس كمساعدة للحفاظ على الوضع الراهن، ولكن كتقدير لمساعدتنا على تحقيق إمكاناتنا وخلق مستقبل ديمقراطي موحد ومزدهر بشكل أفضل لجميع الفلسطينيين".
واختتم كلمته: "أشكر الحاضرين في الاجتماع ممن وقفوا معنا في وجه الانتهاكات الإسرائيلية الأخيرة في الضفة الغربية عندما شُردت العائلات الفلسطينية في حمصة من جراء الهدم الإسرائيلي لمنازلهم، للتعافي والتجديد يجب أن يتمتع شعبنا بالحماية، وأنا أتطلع إليكم شركائنا الدوليين للمساعدة في حماية شعبنا من هذه الانتهاكات للقانون الدولي".