دعوة لحوار مجتمعي بهدف إطلاق نظام حماية اجتماعية

Publishing Date
صورة توضيحية-تصوير وكالات

رام الله-(الحياة الجديدة)- دعا صحفيون وخبراء مهنيون في قطاع الحماية الاجتماعية الى أهمية تقوية نظام الحماية الاجتماعي في فلسطين.

جاء ذلك خلال ورشة خاصة عقدت في مدينة رام الله، مؤخرًا، بمبادرة من أطراف الإنتاج الثلاثة ودعم من منظمة العمل الدولية، ضمت إعلاميين وخبراء من منظمة العمل الدولية، تحت عنوان "التشاركية في الحوار والعمل لتحقيق الحماية العمالية والاجتماعية المناسبة للمجتمع الفلسطيني".
وشهدت الورشة نقاشات صريحة وواقعية تناولت مختلف الجوانب بهدف استخلاص النتائج والعبر، وكذلك من أجل الاستفادة من الدروس السابقة في العام 2018 والتي أدت إلى وقف العمل بقانون الضمان الاجتماعي، مؤكدين أهمية إدخال نظام للتأمينات الاجتماعية يغطي المخاطر الاجتماعية المختلفة، كتأمينات الشيخوخة والعجز الطبيعي والإصابي والوفاة الطبيعية والإصابية، والتعطل عن العمل، والأمومة، وغيرها والتي من شأنها أن تساهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمن الاجتماعي والتماسك المجتمعي.
وشدد المشاركون على ضرروة إطلاق حوار شامل لمراجعة جزئية التأمينات الاجتماعية، وتشكيل فريق وطني من أطراف الانتاج الثلاثة لإقرار قانون للتأمينات الاجتماعية متوافق عليه وطنيًا يعاد بموجبه إعادة بناء وتفعيل مؤسسة أو هيئة تدير هذه التأمينات عبر منظومة حوكمة تراعي تطلعات سوق العمل والشعب الفلسطيني ككل. كما شددوا على الحاجة الماسة الى نظم حماية اجتماعية والتي بدورها لو كانت متوفرة، لأدت الى التخفيف من أثر جائحة كورونا على كافة المستويات وخاصة المالية منها.

الحوكمة والاستدامة

هذا وشدد الصحفيون على أهمية إعادة إحياء الحوار الاجتماعي التشاركي بين جميع مكونات المجتمع وبخاصة أطراف الانتاج الثلاثة "العمال، أصحاب العمل، والحكومة" فيما يتصل بقانون التأمينات الاجتماعية وضرورة مأسسته بما يضمن حوكمته وشفافيته تمهيدا للبدء في تقديم التأمينات الاجتماعية لأهميتها في مواجهة المخاطر الاجتماعية المختلفة وبالتالي تخفيف الآثار الاجتماعية والإقتصادية على المجتمع.
كما تم التأكيد على ضرورة أن يراعي الحوار تقديم تشريع يضمن الاستدامة المالية والعدالة الاجتماعية والحوكمة المناسبة للمؤسسة التي ستدير التأمينات الاجتماعية، ومراعاة الاستقلال المالي والإداري لهذه التأمينات، وذلك من أجل توفير مناخ وبيئة من الثقة لتعزز من دور المؤسسة مستقبلًا في مكافحة الفقر والبطالة. 
كما وأشار الصحفيون الى أهمية الاستفادة من تجارب الدول المجاورة من أجل تعزيز فرص التحسين مع تجنب الأخطاء من التجربة السابقة والخروج بصيغة قانون تأمينات اجتماعية يكون نتاج حوار واسع وشفاف، ولكي يشعر الجميع بأهمية القانون وضرورته لحماية المستهدفين من المخاطر الحالية والمستقبلية، مع التركيز على توعية المواطنين بأهمية برامج الحماية الاجتماعية عبر التأمينات الاجتماعية وماذا ستقدم لهم، مشيرين إلى أهمية تعزيز الثقة بالنظام المالي، من أجل تحقيق التطلعات بنظام حماية اجتماعية باعتباره حاجة ماسة ووطنية لحماية كافة فئات المجتمع وخاصة تلك الفئات الاكثر فقرًا. فلا يعقل أن يبقى الفقراء ينتظرون مساعدات الشؤون الإجتماعية والمانحين؟

الحاجة لنظام حماية اجتماعية خاصة ما بعد الجائحة

تجدر الإشارة الى تأكيد الصحفيين ومعهم خبراء محليون في الحماية الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية، انه لو كان هناك نظام حماية اجتماعية يشمل التأمينات الاجتماعية، لما أثرت جائحة "كورونا" بشكل سلبي كبير وبالطريقة التي مررنا بها في فلسطين، ولما اضطر أحد إلى الاستدانة أو الاقتراض البنكي أو حتى تلقي المساعدات والمنح والدعم من الصناديق التي أنشئت خلال الجائحة والتي وقعت في بعض الاجتهاد الذي كان في غير مكانه. 
بالوقت الذي أكد فيه الصحفيون والخبراء أهمية الحماية الاجتماعية، لكنهم شددوا على الكيفية والآلية التي ستتم بموجبها إدارة مليارات الشواقل التي ستضخ في صندوق الضمان من القطاع الخاص والعمال عبر تطوير استراتيجيات وسياسات استثمار فعالة في حينه.
كذلك أشار الصحفيون بالبنان الى أهمية الطرح الاستراتيجي في إدارة ملف التأمينات الاجتماعية والدور التوعوي لتثبيت المشروع والمضي به قدمًا، اضافة الى ضرورة دور العمال في دعم هذا المشروع لما ينطوي عليه من ضمان مستقبلهم وأسرهم. لذا دعا الصحفيون الى وجوب تحديد النظام وشكله والاستفادة من تجارب الدول المختلفة وبدعم من منظمة العمل الدولية، ومن كل الدروس السابقة في هذا المجال وعلى الجهات الرسمية الاستماع لكافة الآراء والأخذ بالاعتبار الأسباب السابقة التي أدت الى توقف تطبيق القانون السابق وعدم المضي به قدمًا.
لذلك بين الصحفيون أهمية التشخيص العلمي لغايات بناء قاعدة لعمل اعلامي شامل في المرحلة القادمة يتزامن مع اطلاق حوار واسع وفعال يشمل جميع الاطراف ويشعرهم بمصلحتهم في وجوب وجود نظام تأمينات اجتماعية بحوكمة رشيدة تراعي مصالح كافة الأطراف الإنتاجية والمجتمعية.
تجدر الإشارة الى أن مؤتمر الحوار الاجتماعي والذي عُقد خلال شهر آذار من هذا العام، شهد توافق أطراف الانتاج الثلاثة على ضرورة واهمية وجود حماية اجتماعية عبر التأمينات الاجتماعية، حيث خرج المؤتمرون بأهمية "الحوار حول الضمان الاجتماعي" و"ضرورة اطلاق الحوار الاجتماعي الوطني في أسرع وقت حتى نخطو بخطوات في هذا البرنامج، الذي يحظى بنقاشات طويلة في بيئة خصبة ودعم سياسي لهذا الموضوع لأهميته للناس غير المؤمنين وليس لهم تقاعد او حماية اجتماعية".

علاونة يؤكد ضرورة الإسراع في إطلاق الحوار المجتمعي حول قانون يقدم التأمينات الاجتماعية

بهذا الصدد، يؤكد الخبير المالي د. عاطف علاونة ضرورة الإسراع في إطلاق الحوار المجتمعي حول قانون يُقدم التأمينات الاجتماعية، وقال: "لو كان لدينا مؤسسة حماية اجتماعية تطبق التأمينات الاجتماعية، لكانت قد عالجت الكثير من القضايا المالية  قبل وخلال وما بعد جائحة كورونا، بعيدًا عن الموازنة الحكومية ومشاكلها، ومن هنا تأتي أهمية دور الإعلام في التوعية والتثقيف واظهار ضرورة وجود حماية اجتماعية وعمالية عبر التأمينات الاجتماعية؛ مثل تأمينات الشيخوخة والعجز الطبيعي والإصابي والوفاة الطبيعية والإصابية، والتعطل عن العمل، والأمومة في فلسطين".
وأوضح أن المشاركة في الحوار يجب أن يكون شاملًا ليس فقط مع الصحفيين "وانما يجب أن يكون مع جميع القطاعات الاقتصادية والمجتمع والبلديات والمجالس القروية والمحلية والاتحادات المهنية والصناعية وغيرها، يجب ان تتم الشراكة على كافة المستويات وفي اوساع نطاق من أجل توعية الناس باهمية الحماية الاجتماعية عبر التأمينات الاجتماعية لكافة العاملين وخاصة للطبقات الفقيرة والمحتاجة".
كما أضاف بأن "الحماية الاجتماعية مهمة لصاحب العمل مثلما هي مهمة للعمال وبالعكس، لذا يجب البدء فورا بالبحث عن آليات واجراءات لتنفيذ وتطبيق وايجاد نظام حماية اجتماعية عبر التأمينات الاجتماعية محصن بالشفافية وبقانون عصري يمنع مواده تدخل الحكومة في اموال الضمان الاجتماعي ويحصنها من أي تدخل ومن أي جهة كانت".

خريس يؤكد انفصال نظام التأمينات الاجتماعية واستقلاله تمامًا عن خزينة الدولة

اما خبير الضمان والحماية الاجتماعية في منظمة العمل الدولية محمد خريس، فأكد بأن وجود نظامًا للتأمينات الاجتماعية، يعتبر أحد أهم مقومات الاستقلال الوطني السياسي والاقتصادي، وأن حوكمة هذه الأنظمة تأتي بشكل ديمقراطي، وأن التطبيقات المثلى توجب وجود أصحاب العمل والعمال والحكومة في مجالس إدارتها وعلى كافة هذه الأطراف أن ترشح أفضل الأشخاص لتمثيلها بالشكل المناسب، وكذلك يقع على عاتق الأجهزة الرقابية الدور الكبير في حماية أموال المشتركين، وأن هذه الأنظمة تخضع لكافة مباديء ومعايير الافصاح المالي المتشددة وخاصة في مجال التأمينات الاجتماعية.
وقال: "من الممكن أن يشكّل ملف التأمينات الاجتماعية لبنة بناء حقيقية للشعب الفلسطيني مستقبلا لأنه سيكون بين يديه نظام تأمينات اجتماعية قوي وحقيقي، عبر وضع قانون يراعي كافة مصالح المجتمع". 
وأضاف خريس: "وفيما يتعلق بالثقة بالنظام المالي، فهي مهمة جدًا وفي غاية الأهمية والتشريعات عليها ان تعزز هذه الثقة، ونحن كمهنيين نعمل في منظمة العمل الدولية سنكون حريصين جدا الا نترك مجالا الا ان يوضع لحماية النظام المالي الخاص بالتأمينات الاجتماعية" .
وأكد انفصال نظام التأمينات الاجتماعية واستقلاله تمامًا عن خزينة الدولة،" لأن الطريقة المبني فيه قائمة على الاشتراكات وليس على الضرائب، بمعنى يكون فيها ميزانية مستقلة وايرادات ونفقات مستقلة كل ذلك يكون ضمن قوائم مالية يتم الافصاح عنها بشكل سنوي وبموعد محدد تبعًا للقانون ويتم اخطار الجهات الرقابية والتشريعية لتضطلع بدورها على كل ما يحصل في هذه المؤسسة مستقبلا".
وشدد خريس على تعزيز الثقة بالنظام المالي ومع مزيد من الشفافية المالية، وقال بأنه من الضروري وجود الثقة بين اطراف الانتاج الثلاثة بهدف الانطلاق للحوار بما يضمن مصالح الجميع لأن هذا الملف يشكل أولوية قصوى للشعب الفلسطيني.

1