رام الله-أخبار المال والأعمال-أطلقت هيئة تسوية الأراضي والمياه الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، الحملة الإعلامية التوعوية لمشاريع تسوية الأراضي والمياه في فلسطين تحت شعار "معنا بتثبت حقك بأرضك"، وبرعاية رسمية من مؤسسة منيب وانجلا المصري للتنمية.
وجرى حفل الإطلاق في ميدان نيلسون مانديلا في رام الله، تحت رعاية رئيس الوزراء محمد اشتية، وبحضور أمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم ممثلاً عن رئيس الوزراء، ورئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه الوزير موسى شكارنة، ووزير الحكم المحلي مجدي الصالح، ووزير الزراعة رياض العطاري، ووزير الأشغال العامة والاسكان محمد زيارة، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اسحق سدر، ورئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة منيب وانجلا المصري للتنمية منيب المصري، ونائب محافظ رام الله والبيرة حمدان البرغوثي، وعدد من رؤساء البلديات والهيئات المحلية.
ونقل غانم تحيات رئيس الوزراء للقائمين على هذا المشروع المهم، مؤكدا أن له قيمة استراتيجية تنسجم مع البرنامج الحكومي ووفقا لتوجيهات الرئيس محمود عباس، في تعزيز صمود وثقة المواطنين وتقديم الخدمات بما فيها خدمات الأراضي بطريقة احترافية وبيسر وسهولة.
ولفت إلى أن مشروع تسوية الأراضي يحمل أبعادا وطنية أولا، ومن ثم اقتصادية واجتماعية، موضحا أنه مشروع وطني استراتيجي مرتبط بتاريخنا الطويل في فلسطين من التمسك بالأرض وإثبات ملكيتنا لها والثبات عليها.
وأضاف: ملكية الأرض هي جوهر الصراع وهي القضية، وهي الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى ونحن نتعرض لهجمة متعددة الجوانب، أولها، الهجمة الاستيطانية الشرسة والمستمرة لمصادرة أراضينا وتفريغها من المواطنين، وما جرى صباح أمس من هدم البيوت وتفريغها من أصحابها في واد الحمص في القدس هو مثال على جرائم الاحتلال، وبتشجيع ودعم منسق مع الإدارة الأميركية ومستوطنيها الذين أصبحوا يسمون المستوطنات بالأحياء السكنية.
وتابع: "وثانيها، سياسة الحصار والخنق المالي التي يمارسها الاحتلال ضدنا باحتجاز أموالنا وتحطيم اقتصادنا وتعميق تبعيتنا الاقتصادية. والجانب الثالث، الصفقات السياسية المعلنة والإجراءات التي تقوم بها الإدارة الأميركية بهدف القضاء على مشروعنا الوطني وإقامة دولتنا وعاصمتها القدس الشريف".
وأردف قائلاً: "الأهم من ذلك كله، هو حرب الرواية التي تشنها علينا إسرائيل لإقناع العالم بأحقيتها في فلسطين واختطاف تاريخنا وتهميش وجودنا فيها، من خلال وسائل إعلامها وكتّابها ووثائقها المزيفة".
وأكد غانم أن الجهد الذي تقوم به تسوية الأراضي مع وزارة الحكم المحلي والبلديات إنما يقدم لنا ما نوثق به كجزء مهم من تاريخنا وارتباطنا بأرضنا، وما نحتفظ به للأجيال القادمة من وثائق قانونية وتنظيمية من شأنها حماية الأرض والإنسان، مشيرا إلى أن المشروع احدى ركائز التنمية المستدامة الاجتماعية والاقتصادية، فهو من ناحية يساهم في الحد من المنازعات والخلافات في قضايا الأراضي والتنازع على ملكيتها ومساحاتها، والعمل على تحقيق السلم الأهلي من خلال تطبيق القوانين والأنظمة والتشريعات ذات الصلة، من ناحية أخرى يشكّل الأساس للتنمية الاقتصادية الزراعية والصناعية والسياحية وغيرها.
وشدد غانم على أنه وبرغم الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار المالي الذي تمارسه علينا إسرائيل وأميركا، فإن خطة الحكومة تقوم على تحقيق الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال وتحقيق صمود وثقة المواطنين والمؤسسات من خلال المشاريع التنموية في المجالات الزراعية والصناعية والسياحية والطاقة والتمويل، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت بتحقيق خطوات مهمة في هذا المجال (التحويلات الطبية، والبترول، والتمويل) وقد صرفت فعلا ما يعادل 90 مليون دولار حتى الآن في المشاريع التنموية والتطويرية، و"خططنا جاهزة لإطلاق مشاريع مهمة على مستوى المحافظات سيكون أولها قريبا جدا مشروع العنقود الزراعي في محافظة قلقيلية وطولكرم وجنين وطوباس، وعناقيد صناعية في نابلس والخليل، وآخر سياحي في بيت لحم، واقتصادي في غزة، وعلى رأسها عنقود القدس العاصمة".
وشكر غانم كل من ساهم في إطلاق المشروع والقائمين عليه من هيئة تسوية الأراضي ووزارة الحكم المحلي والهيئات المحلية وكافة العاملين فيها، الذين يقومون بعمل وطني مهم من شأنه تثبيت حقوق المواطنين وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، متطلعا إلى الإسراع في الانتهاء من تسوية وتسجيل كافة أراضي دولة فلسطين "لحمايتها من الاحتلال واستيطانه ولنقيم دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
بدوره، أعلن شكارنة أن الحملة الإعلامية التوعوية لمشاريع تسوية الأراضي ستشمل كافة محافظات الوطن لإيصال رسالة وهدف تسوية الأراضي لكافة مكونات المجتمع الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في الوطن والشتات، مؤكدا أن الحملة سيكون لها أكبر الأثر في الإسراع بإنجاز تسوية الأراضي وتثبيت ملكيتها، والتي تتم بالشراكة بين القطاع العام ممثلا بهيئة التسوية والقطاع الخاص ممثلا بمؤسسة منيب وانجلا المصري للتنمية.
وقال شكارنة: "الأرض هي جوهر الصراع، وان كانت تشكّل لكل العالم قيمة مادية ومعنوية، فهي تمثّل لشعبنا الحياة كلها، الكرامة والعزة والبقاء"، مشيرا إلى أن مشروع التسوية جاء كرافعة وطنية في ظل هجمة عنصرية استيطانية غير مسبوقة.
وأضاف: "تساهم التسوية في الحد من المصادرات الجائرة والحد من عمليات التزوير الممنهجة التي تمارسها سلطات الاحتلال، كما تساهم في تحقيق السلم الأهلي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق العدالة والتخطيط، وفي تكريس حق العودة واقعا بعيدا عن الشعارات بواسطة تثبيت حق أكثر من نصف الشعب الفلسطيني المهجّر قسرا في ممتلكاتهم".
ولفت شكارنة إلى أن الهيئة تدير حاليا 123 مكتبا للتسوية في مختلف محافظات الوطن، وتمكنت من انجاز ما يقارب 700 ألف دونم نهائيا ومسح ما يزيد على 1.3 مليون دونم، موضحا أنه حسب الخطة المرسومة فإن جميع محافظات الوطن الشمالية ستكون مكتملة التسوية قبل نهاية عام 2022، بالإضافة إلى أكثر من 72 ألف دونم في قطاع غزة سيتم انجازها فور انتهاء الانقسام.
من جهته، قال الصالح إن وزارة الحكم المحلي والهيئات المحلية شريك أساسي في مشروع تسوية الأراضي، مؤكدا أن وزارته لن تدّخر جهدا، فنيا أو إداريا أو بشريا، إلا وستقدمه للوصول إلى تحقيق أهداف المشروع نحو تسجيل كل أراضي فلسطين بأسماء أصحابها ومستحقيها.
ودعا الصالح كافة الهيئات المحلية إلى وضع كل إمكاناتها من أجل تنفيذ التسوية في مناطقها والتعاون مع هيئة التسوية بهذا الخصوص، وتوعية المواطنين بإجراءات التسوية من أجل معرفة حقوقهم، وتأمين تعاونهم الكامل مع فرق العمل والتواجد في الأراضي لتحديد الحدود بالحق والتوافق بين كافة المواطنين.
وشدد على ضرورة استخدام كافة الوسائل للوصول إلى المواطن وإرشاده وتوعيته، مشيدا بالعديد من الهيئات المحلية التي حولت فواتير المياه والكهرباء والنفايات إلى رسائل توعوية لكافة المواطنين وتعبئتهم من أجل عملية التسوية.
وطالب الصالح كافة الهيئات المحلية التي لم تباشر بأعمال التسوية بأن تبدأ بالتحضير لهذا المشروع، مشيرا إلى أنه يضع حدا للكثير من الخلافات بين الشركاء ويمهّد لتخطيط وتنمية مبنية على أسس سليمة.
من جانبه، ثمّن البرغوثي الجهود التي تبذلها هيئة تسوية الأراضي والمياه، مؤكدا أن شعبنا يمارس حقه في تسوية الأراضي وتسجيلها انطلاقا من حقه الأزلي في هذه الأرض.
ولفت إلى أن إطلاق الحملة يتزامن مع الحملة المسعورة التي يقوم بها الاحتلال من مصادرة للأراضي وهدم للمنازل، مشددا على أن هذه الأرض ستبقى فلسطينية مهما هدم وقتل واعتقل الاحتلال، وأن شعبنا كتب شهادة "الطابو" بدمائه وتضحياته.
بدوره، أكد المصري أن رعاية مؤسسة منيب وانجلا المصري للتنمية لهذه الحملة تنطلق من وعيها لأهمية الأرض وماذا تعنيه للوطن، مشيرا إلى أن الأرض هي كل شيء، وهذه الأرض فلسطينية منذ آلاف السنين وستبقى فلسطينية.
وأشار إلى أن الحملة تهدف إلى إحياء ثقافة تسجيل الأراضي للحفاظ عليها وحمايتها من التسريب للاحتلال.
وتخلل الحفل عرض فيديو حول الحملة التوعوية، بالإضافة إلى إزاحة الستار عن أولى اللوحات التوعوية الإعلامية بمشاريع تسوية الأراضي.