أريحا-وفا- نديم علاوي-على جانبي الطريق المؤدية إلى المغطس حيث تعمد السيد المسيح شرق أقدم مدن العالم، أريحا، تتزاحم أيدي المزارعين والعمال في جني محصول أشجار النخيل، التي تتدلى بلونيها الأصفر والبني.
هنا، في هذا الموسم الذي يبدأ في شهر أيلول/ سبتمبر حتى تشرين أول/ أكتوبر من كل عام، يعبّر قاطفو النخيل عن خيبة أملهم حيال تأثير أزمة "كورونا" عليهم ووقف التصدير، والتي أضيفت إليها لسرقة الاحتلال للأرض والسيطرة على الموارد المائية، والتي أثرت على مصير أكثر من 50 ألف مواطن يعتمدون على الزراعة في الأغوار.
رئيس مجلس قطاع النخيل الفلسطيني، وأحد ملاك مزرعة الوادي إبراهيم إدعيق قال لـ"وفا"، إن نسبة حجوزات تصدير التمور إلى الخارج لم تتعدى منذ بداية العام 5%، وإن معظم التجار الذين يستوردون التمور من فلسطين لم يتحركوا، ولم تتم حتى الآن أي صفقات حقيقية.
وبين أن هناك تراجعا في تسويق التمور على المستوى المحلي بلغ 40%، نتيجة عدم توفر السيولة بأيدي المواطنين، وتخوف بعض التجار من تسويقه نظرا لتكلفة انتاجه وحفظه في البرادات.
وأضاف ادعيق أن قطاع النخيل الذي يعتبر وقود فلسطين، والذي يصدر الى 26 دولة في العالم، يشغل أكثر من 5 آلاف عامل في الأغوار، فيما تشير التوقعات لارتفاع أعداد العاملين فيه إلى 8 آلاف خلال السنوات المقبلة.
ووفق إدعيق فإن الأغوار ستنتج هذا العام 13000 طنا من التمور، بنسبة زيادة سنوية بمعدل 1500 طن، نتيجة تطور زراعة النخيل في فلسطين، وزراعة مزيد من المساحات.
ويبلغ عدد أشجار النخيل في الأغوار 350 ألف شجرة، وتشكل 50% من المزروعات في الأغوار.
ووفقا لإحصائيات وزارة الزراعة فإن السوق المحلية تستهلك 6000 طن من التمور في الضفة الغربية وقطاع غزة سنوياً، أي ما نسبته 60% من الإنتاج الفلسطيني، خاصة من صنف المجول (المجهول)، والذي يعد الصنف الأبرز من حيث عمليات التسويق الداخلية والخارجية.
وهنا يشير مدير مديرية الزراعة في محافظة أريحا والأغوار أحمد الفارس إلى أن نخيل أريحا يتميز بجودة ونوعية مختلفة، إذ إن 95% من ثمار النخيل هي من صنف المجول أو المجهول، والذي ينتج في فلسطين والمغرب فقط، ما يتيح القدرة على تصديره ومنافسته في دول تنتج التمور مثل دول الخليج.
وأوضح الفارس أن نوعية التمور الموجودة في فلسطين تحتاج إلى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، لذلك لا نراها تنمو في دول الخليج بسبب الرطوبة.
وبين أن معدل استهلاك الفرد للتمور في فلسطين هو 1 كغم في العام، فيما قد يبلغ معدل استهلاك الفرد في السعودية مثلا 10 كغم في العام الواحد.
واضاف أن "طبيعة إنتاج التمور في أريحا، المصدر الرئيسي للتمور في فلسطين، تعتمد على ريها من خلال الآبار الارتوازية، ما يساهم في التحكم بحجمها وجودتها".
ولفت إلى معاناة المزارعين هذا العام نتيجة عدم تسويق محاصيلهم بشكل جيد، نتيجة وقف مواسم الحج والعمرة، وإغلاق بيوت العزاء في أكثر من دولة، هذا إلى جانب ضعف القدرة الشرائية، وصعوبة التصدير نتيجة انتشار فيروس كورونا حول العالم، وتأثيراته على حركة التجارة العالمية.
ووفقا لبعض المزارعين فإن تمر "المجول" يعد من أفضل التمور عالميا، ويعتبر سفير فلسطين الزراعي إلى العالم، إذ إن غالبية الكميات المصدرة من التمور تأتي من هذا النصف.
المزارع زيدان العنوز في قرية الجفتلك شمال مدينة أريحا، عبر عن خيبة أمله في الاستثمار في زراعة النخيل هذا العام وتسويقه.
ويقول لـ"وفا" إن بعض المزارعين البسطاء سيضطرون إلى بيع ثمارهم بسعر التكلفة في حال عدم مقدرتهم على تسويقه، نتيجة بقاءه في ثلاجات التبريد التي تستوعب كميات معينة، والحاجة المتزايدة إلى المياه والمعدات الزراعية.
أما ادعيق، فطالب بوجود خطة مواجهة للتحديات التي يواجهها هذا القطاع، لكي لا يصبح منتوج النخيل مثل الموز أو الحمضيات التي بدأت تختفي أو توقفت نتيجة نقص المياه أو إحلال بذور وفواكه وخضراروات أخرى بديلة عنها.
وأشار إلى أن مزارعي النخيل بحاجة إلى وقفة ودعم، لأن المشكلة الحقيقية التي باتوا يواجهونها خاصة خلال هذه الجائحة، هي التكاليف العالية للإنتاج، وارتفاع منافسة تمور المستوطنات التي تسوق محليا وعالميا.
وقال محافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل إن شجرة النخيل التي يعجز الاحتلال عن ملاحقة تجذرها بالأرض، تجسد صمود شعبنا في الحفاظ على هويته وهي تعيش لعمر يمكن أن يصل إلى 100 عام.
وأكد أبو العسل استمرار العمل لتطوير سلتنا الغذائية في الأغوار، وتنمية وتطوير قطاع الزراعة ودعم المزارعين.
وتنتشر زراعة النخيل في فلسطين في أريحا والأغوار وطوباس والأغوار الشمالية، ودير البلح، وخان يونس في قطاع غزة، وتتميز بجودة ونوعية مميزة في المنتج.