الاقتراض من البنوك...الخيار المتاح للحكومة لتسديد جزء من التزاماتها

تاريخ النشر

رام الله-أخبار المال والأعمال- أفادت مصادر متطابقة بأن هناك تدخلا أميركيا من إدارة الرئيس جو بايدن في أيامها الأخيرة للضغط على إسرائيل من أجل الإفراج عن جزء من أموال المقاصة المحتجزة عن حصة قطاع غزة، بحيثُ تستخدم لتسديد جزء من ديون شركة كهرباء محافظة القدس لصالح شركة الكهرباء القُطْرية الإسرائيلية والتي هي في الأصل "ديون حكومية"، بحسب ما أورد "راديو أجيال".

في المقابل تتقدم شركة كهرباء محافظة القدس، بطلب للحصول على قرض مُجَمّع جديد من البنوك الفلسطينية بقيمة 500 مليون شيقل، كي تستطيع الحكومة -التي ما عادت قادرة على الاقتراض من البنوك- تسديد رواتب موظفيها ومصروفاتها بالنسب المعمول بها منذ أشهر. ولكن هذا التدخل قد يفشله الإسرائيليون مع قرب دخول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ومنذ تولي المتطرف بتسلئيل سموتريتش منصبه كوزير للمالية في تل أبيب، بدأت الحكومة الإسرائيلية بخصم مبالغ من أموال المقاصة (أموال فلسطينية) لأول مرة بذريعة وجود ديون على شركة كهرباء القدس، علما أن الشركة مسجلة في القدس.

وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قد أصدر في 10/12/2024 بيانا قال فيه إنه "ناقش مذكرة تفاهم بين وزارة المالية وشركة كهرباء القدس لتنظيم سداد ثمن مشتريات الكهرباء والديون والعلاقة المالية مع الحكومة، بما يساهم في إيقاف خصم الجانب الإسرائيلي ديون ثمن شراء الطاقة الكهربائية لشركة كهرباء القدس من إيرادات المقاصة".

يذكر أن الحكومة الإسرائيلية تخصم شهريا ثلثي مبلغ المقاصة بذرائع متعددة: أبرزها استمرار دفع السلطة رواتب الأسرى وعائلات الشهداء، إضافة للديون المتراكمة على المؤسسات الفلسطينية المختلفة بدلا عن الكهرباء والمياه والصرف الصحي والعلاج، وآخر الخصومات كان بحجة إنفاق السلطة على قطاع غزة (275 مليون شيقل شهريا رواتب وخدمات)، وهي قرصنة إسرائيلية بدأت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 بقرار من "الكابنيت" المصغر، وليس من الكنيست.

ومنذ بداية الحرب تعرضت الخزينة الفلسطينية لصدمات شديدة، وساعدها القرض المُجَمّع الذي حصلت عليه قبل عام على الصمود، ومن ثم أسهم التمويل الطارئ الذي خصصه الاتحاد الأوروبي للحكومة الفلسطينية في شهر تموز/يوليو 2024 بقيمة 400 مليون يورو في تحقيق استقرار نسبي في القطاع العام من خلال صرف نسبة 70% من الراتب، بحيث يحصل ثلثا الموظفين على رواتبهم كاملة، وحوّل الاتحاد الأوروبي المبلغ المذكور على دُفُعات استُنْفِدت مع نهاية العام 2024.

وینوي الاتحاد الأوروبي تجدید شراكته الاستراتیجیة مع الحكومة الفلسطینیة من خلال رزمة مساعدات مالیة بقیمة (2) مليار یورو للعامین 2025 و2026، ما سیعزز الاستدامة المالیة، ولكنّ هذه الخطوة ستخضع لتصویت برلماني أوروبي في نیسان/أبريل 2025، الأمر الذي دفع الحكومة الفلسطينية للبحث عن مصادر تمویل جدیدة تحافظ على نسبة صرف الرواتب خلال الثلث الأول من العام 2025، ويعتقد أن القرض الجديد من بينها.

حسب مصادر وزارة المالیة، یبلغ معدل أموال المقاصة المتاحة شھریا بعد القرصنة الإسرائیلیة (380) ملیون شیقل، بینما یصل مبلغ الجبایة المحلیة في أحسن الأحوال إلى (180) ملیون شیقل، یضاف إلى ذلك مبلغ المنحة الأوروبیة شھریا بقيمة (150) ملیون شیقل، والمنحة السعودیة البالغة حوالي (37) ملیون شیكل شھریا، ما مجموعه (750) ملیون شیقل، في حین أن صرف نسبة 70% من الراتب تحتاج إلى مبلغ (890) ملیون شیقل، بالإضافة إلى (200) ملیون شیقل من النفقات التشغیلیة، الأمر الذي یعني صعوبة بالغة في تأمین الرواتب بالنسبة المعتادة اعتبارا من الشهر المقبل، ما لم یتم التحرك سریعا لتجنید إیرادات حكومية جدیدة.

ويبقى وصول هذا المسار لنهايته بتوفير السيولة للحكومة الفلسطينية من الأموال المحتجزة رهنا لجدية الضغط الأميركي الحالي، والتغيرات السياسية المنتظرة مع مجيء دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة الأميركية.

في سياق متصل، نقل موقع "بوابة اقتصاد فلسطين" عن مصادر مطلعة أن الحكومة ستقترض من الجهاز المصرفي لصرف رواتب الموظفين.

وأوضحت المصادر بأن الحكومة ستتقترض من البنوك 500 مليون شيقل.

وكانت مصادر قالت إن وزارة المالية حتى مساء الإثنين لم تستلم اموال المقاصة من الجانب الإسرائيلي.

ووفقا لبيانات "سلطة النقد الفلسطينية" فان اجمالي التسهيلات الائتمانية للقطاع العام بلغت خلال تشرين الثاني الماضي حوالي 2.8 مليار دولار بواقع 1.975 مليار قروض و823 مليون دولار تسهيلات جاري مدين.

وتعاني الحكومة الفلسطينية من ضائقة مالية كبيرة بسبب استمرار الاحتلال باقتطاع اموال المقاصة وإرسالها مجتزأة، إضافة إلى انخفاض الدخل بسبب تداعيات العدوان الإسرائيلي.

يشار إلى أن الأوضاع المالية صعبة للغاية إذ كانت صرحة الحكومة في وقت سابق أن الدعم الأوروبي سيتأخر ما يعني تفاقم سوء الأوضاع مع استمرار الاحتلال في سياسة العقاب الجماعي باقتطاع اموال المقاصة، بحسب ما أورد الموقع.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، قال البنك الدولي إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة "تستمر في مفاقمة التحديات المالية السابقة للسلطة الفلسطينية"، موضحا أن زيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من عائدات الضرائب الفلسطينية "المقاصة"، وكذلك انخفاض الإيرادات المحلية، أدى إلى تقليص المدفوعات العامة للرواتب بنسبة تتراوح بين 60 إلى 70% منذ بداية الحرب، مع تزايد الشكوك حول قدرة السلطة على دفع الرواتب في الأشهر المقبلة.

وأضاف البنك الدولي في أحدث تقرير أصدره حول "آثار الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد الفلسطيني"، أن "احتياجات السلطة الفلسطينية التمويلية بلغت 1.04 مليار دولار أميركي للفترة من كانون الثاني/يناير إلى تشرين الأول/أكتوبر 2024. ولن يكون من الممكن سد هذا العجز إلا في حال زيادة تدفقات المساعدات بشكل كبير".

وتابع: "البديل الوحيد المتاح للسلطة هو الاقتراض من البنوك المحلية وزيادة المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص والموردين، إضافة إلى تأجيل دفع مستحقات صندوق التقاعد العام".

وأكد البنك الدولي في تقريره أن "معالجة هذه الأزمة الاقتصادية العميقة، وتجنب تفاقم الفقر، والحد من الانهيار الاجتماعي والاقتصادي يتطلب عدة إجراءات حاسمة وعاجلة من السلطة الفلسطينية، والحكومة الإسرائيلية، والمجتمع الدولي".

وأشار إلى أن "إنهاء الحرب أمر بالغ الأهمية لاستعادة الخدمات الأساسية وبدء عملية التعافي الاجتماعي والاقتصادي. كما أن التراجع عن الخصومات الأحادية وتحويل المبالغ المحتجزة من إيرادات المقاصة يعد أمرًا حيويًا لتوفير الموارد الأساسية للسلطة الفلسطينية لكي تتمكن من الوفاء بالتزاماتها المالية غير القابلة للتأجيل ولتوفير الخدمات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج المجتمع الدولي إلى زيادة تمويله بشكل كبير لضمان استمرار تقديم الخدمات العامة الأساسية، وللبدء في التخطيط لإعادة الإعمار والتعافي على المدى الطويل".

وأوضح: "تعد تدابير تسهيل توليد الدخل، وتعزيز التجارة، وتعزيز النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص أمرًا حيويًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وأخيرًا، يجب أن يظل صانعو القرار الفلسطينيون ملتزمين بتطوير أجندة إصلاح عاجلة تركّز على تعزيز الحوكمة، والشفافية، والاستدامة المالية".

المصدر: أجيال+بوابة اقتصاد فلسطين+أخبار المال والأعمال