القاهرة (رويترز) - قال مكتب الرئاسة المصرية، يوم الأربعاء، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل استقالة محافظ البنك المركزي طارق عامر قبل أكثر من عام على انتهاء مدته الثانية وأصدر قرارا بتعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية.
ولم يتم الإعلان عن تعيين محافظ جديد للبنك المركزي ولم يتضح بعد ما إذا كان عامر قد استقال أو أقيل.
وقال التلفزيون الرسمي إن عامر استقال "للسماح للآخرين بإكمال عملية التنمية الناجحة بقيادة رئيس الجمهورية".
وشهدت السندات الحكومية المصرية عمليات بيع في أسواق الدين الدولية بعد استقالة عامر. وتراوحت الانخفاضات بين 0.6 و1.7 سنت للدولار، وشهدت العديد من السندات الطويلة الأجل في البلاد التحركات الأكبر.
وأدت المخاوف بشأن مستويات ديون مصر إلى انخفاض بعض سنداتها إلى أقل من نصف قيمتها الاسمية في يوليو تموز، على الرغم من أنها ارتفعت نوعا ما هذا الشهر مع تحسن الإقبال العالمي على الأصول ذات المخاطر العالية.
وخلال تولي عامر المنصب، شهدت مصر أزمتين في العملة في عامي 2016 و2022، وتضررت جراء جائحة كورونا والغزو الروسي لأوكرانيا.
كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لتصبح من بين أعلى المستويات في العالم، مما أدى إلى جذب تدفقات أجنبية كبيرة سرعان ما نضبت في وقت مبكر من هذا العام.
وجاءت هذه الخطوة قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية مساء الخميس، إذ توقع محللون استطلعت رويترز آراءهم أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة 50 نقطة أساس من أجل السيطرة على التضخم.
وتجري مصر مفاوضات للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي.
وقال صندوق النقد الشهر الماضي إن مصر بحاجة إلى إحراز "تقدم حاسم" في الإصلاحات المالية والهيكلية وحث على قدر أكبر من المرونة في سعر الصرف.
وقال وزير المالية محمد معيط أواخر الشهر الماضي إن المحادثات حققت "تقدما جيدا جدا".
وقالت سارة سعادة كبيرة الاقتصاديين في سي آي كابيتال "إذا كانت مصر تتطلع إلى إبرام اتفاق، فإن تبني محافظ البنك المركزي لسعر صرف أكثر مرونة سيدفع على الأرجح المحادثات مع صندوق النقد الدولي".
* تراجع العملة
في تصريحات أدلى بها لصحيفة الأهرام المملوكة للدولة في وقت سابق هذا الشهر، ألقى عامر باللوم على السياسات الاقتصادية الليبرالية منذ مطلع العقد الأول من القرن الحالي في استنزاف النقد الأجنبي في مصر وتأثيره على الصناعة.
وعندما تفشت جائحة كورونا في أوائل عام 2020، اتبع البنك المركزي استراتيجية غير تقليدية بأن رفع أسعار الفائدة على الودائع المحلية وخفض معدلات الإقراض المحلية وسمح للعملة بالبقاء دون تغيير تقريبا مقابل الدولار.
وقال عامر في ديسمبر كانون الأول في مؤتمر لمحافظي البنوك المركزية في الشرق الأوسط إن السلطات النقدية تشعر أن سعر صرف أضعف لن يجلب السياح أو يعزز الصادرات.
لكن في أعقاب زيادات أسعار الفائدة الأمريكية وغزو أوكرانيا، سمح البنك المركزي بتخفيض قيمة العملة بنحو 15 بالمئة في مارس آذار، واستمرت قيمتها في التراجع تدريجيا في الأشهر القليلة.
وجرى تداول الجنيه يوم الأربعاء عند 19.10 تقريبا للدولار. وفي الوقت نفسه تسارع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى 13.6 بالمئة في يوليو تموز من 13.2 بالمئة في يونيو حزيران، وهو أعلى مستوى في ثلاث سنوات.
وبين فبراير شباط ونهاية يونيو حزيران، سحب المستثمرون الأجانب 158.9 مليار جنيه مصري (8.3 مليار دولار) من سندات الخزانة المصرية وأموالا إضافية من سندات الخزانة التي تزيد آجالها على عام.
وقال المعلق الاقتصادي المصري هاني توفيق لرويترز "البنك المركزي على مدار السنوات القليلة الماضية أبقى أسعار الفائدة مرتفعة وثبت سعر الصرف لجذب الأموال الساخنة التي استخدمت لتثبيت سعر الصرف."
وقال جيسون توفي كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، إن عامر ربما كان يحاول السماح بتعويم العملة بحرية أكبر.
وأضاف قائلا "أعتقد أن ما رأيناه في الأشهر الأخيرة هو محاولة لتحقيق نوع من التوازن بين عامر من الجانب الذي يحاول اتباع سعر صرف أكثر مرونة، ومن الجانب الآخر بين راسمي السياسة داخل الحكومة الذين يضغطون من أجل إحكام قبضتهم على العملة، مما يؤدي إلى إجراءات أخرى غير تقليدية تحاول دعم الموقف الخارجي".
وأثار البنك المركزي غضب رجال الأعمال بفرض قيود على الواردات في وقت سابق هذا العام. لكن جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي، قال يوم السبت إن هذا ساعد في تضييق فجوة النقد الأجنبي في مصر واستبعد أي تخفيض كبير لقيمة العملة في القريب العاجل.
وتولى عامر، الذي يتمتع بخلفية مصرفية، منصب نائب رئيس البنك المركزي ورئيس البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك في مصر، قبل أن محافظا للبنك المركزي لولاية مدتها أربعة أعوام في نوفمبر تشرين الثاني 2015 . واُعيد تعييه في المنصب في نوفمبر تشرين الثاني 2019.
ويُسمح لمحافظي البنك المركزي بأن يظلوا في المنصب لفترتين فقط.