واشنطن-(وكالات)- تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، في وقت متأخر أول من أمس، بإنجاح برنامجه الاقتصادي لتحفيز المفاوضات بين نواب الحزب الديمقراطي لتجاوز خلافاتهم حول خطتَيه الاقتصاديتَين، في وقت تزداد المخاوف من أزمة مالية جديدة قد تضرب العالم؛ إذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها، ما لم يوافق الكونغرس على رفع سقف الدين.
وقال بايدن للصحافيين، بعد اجتماعه في الكونغرس مع أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين المنقسمين بشدة بشأن خطته التي يقول، إنها ستدعم الطبقة الوسطى: "أقول لكم، سننجز ذلك".
وأضاف: "لا يهم متى، لا يهم ما إذا كان ذلك في غضون ست دقائق أو ستة أيام أو ستة أسابيع، سنقوم بإنجازه".
تأتي الزيارة الرئاسية غير المعتادة إلى مبنى الكونغرس بعد زيارات لقادة الحزب إلى البيت الأبيض مع سعي بايدن لإقرار خطتَي إنفاق طموحتَين.
وتدعم إحدى الخطط الطبقة الوسطى المأزومة في أميركا من خلال إنفاق ضخم على التعليم ورعاية الأطفال، في حين تعنى الثانية بتحديث البنى التحتية المتقادمة وتشجيع اللجوء إلى الطاقة النظيفة.
من الناحية السياسية، يضع الخلاف إرث بايدن على المحكّ، ويقوّض فرص الديمقراطيين في الحفاظ على سيطرتهم على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل.
أما الجمهوريون، وفي مقدمتهم ترامب الذي يستمر في ادعاء أن الانتخابات شهدت غشّاً، فيراقبون الاقتتال الداخلي بين الديمقراطيين بسعادة واضحة.
لا يسيطر الديمقراطيون على البيت الأبيض فحسب، بل كذلك على غرفتَي الكونغرس، ما يمنحهم نظرياً فرصة نادرة لتنفيذ برامجهم.
لكن أغلبيتهم ضعيفة للغاية لدرجة أن معارضة عضو منهم للمشاريع في مجلس الشيوخ أو حفنة في مجلس النواب يمكن أن تعرقل أي مبادرة.
والمعركة حول خطة البنية التحتية البالغة 1.2 تريليون دولار، ومشروع قانون الإنفاق الاجتماعي الأكثر كلفة، تلقى معارضة من ديمقراطيين في المجلسَين، ولم يتم إقرار أي منهما حتى الآن.
وقد أعلنت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي سحب التصويت على خطة البنية التحتية، مساء أول من أمس، لليوم الثاني على التوالي، وسط استمرار الخلافات بين الوسطيين واليساريين في الحزب الديمقراطي بشأن الخطة.
وقال بيان صادر عن مكتب زعيم الغالبية في مجلس النواب ستاني هوير: إن التصويت على قضية منفصلة سيكون الأخير هذا الأسبوع.
وسبب المأزق على الجانب الديمقراطي خلافات سياسية حول المبلغ الذي يجب أن تنفقه الحكومة، ولكن أيضاً انعدام الثقة المطلق بين أجنحة الحزب.
من جهة، يرفض السيناتوران الديمقراطيان المعتدلان، جو مانشين وكيرستن سينيما، كلفة حزمة الإنفاق الاجتماعي المقترحة البالغة 3.5 تريليون دولار.
ويدعو كلاهما إلى خفض قيمتها إلى 1.5 تريليون دولار، وقد صوتا لصالح مشروع قانون تطوير البنية التحتية الذي تبلغ قيمته 1.2 تريليون دولار.
أما في مجلس النواب، فيصر نواب شباب من ممثلي الجناح اليساري على رقم 3.5 تريليون دولار للإنفاق الاجتماعي، أو رقم قريب منه، وكورقة تفاوض، يرفضون دعم مشروع قانون البنية التحتية، ويشددون على عدم التصويت لصالحه قبل إقرار حزمة الإنفاق الاجتماعي.
وبايدن الذي قضى ما يقرب من أربعة عقود في مجلس الشيوخ وثماني سنوات نائباً للرئيس باراك أوباما، لديه خبرة طويلة في طريقة سير الأمور في واشنطن.
لكن رغم التنقلات المكوكية المستمرة لشخصيات حزبية بين الكونغرس والبيت الأبيض، إلا أنه لم يجد بعد حلاً للخلاف الداخلي.
قد يسمح إرجاء التصويت على الخطتين بالتقاط الأنفاس، بينما يركز الكونغرس على تحدٍ هائل آخر هو السماح برفع سقف الدين السيادي للولايات المتحدة، وهو أمر صار يتكرر سنوياً.
عادة ما يكون ذلك مسألة غير معقدة، لكن يرفض الجمهوريون هذا العام دعم الديمقراطيين في هذه الخطوة، بينما يجادل الأخيرون بأنه لا يجب عليهم تحمل مسؤوليتها بمفردهم.
يجعل ذلك الولايات المتحدة على شفا التخلف عن سداد ديونها البالغة 28 تريليون دولار، قبل ثلاثة أسابيع من استنفاد وزارة الخزانة قدرتها على الحصول على قروض جديدة.
وقد يتسبب احتمال تخلف الحكومة الأميركية عن سداد ديونها، إذا ظل سقف ديونها دون تغيير، في سلسلة من العواقب وأزمة عالمية في نهاية الأمر، وفقاً لما حذر منه تحليل إخباري نشرته شبكة "سي أن أن"، الأربعاء الماضي.
وجاء في المقال أن "الولايات المتحدة تتجه نحو هاوية، وتأخذ العالم معها".
وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الثلاثاء الماضي: إن أمام المشرعين الأميركيين فسحة حتى الـ18 تشرين الأول، لرفع أو تعليق حد الدَين قبل احتمال أن تتخلف البلاد عن سداد ديونها الوطنية.
وفي حال تخلف الحكومة الأميركية عن السداد، قال المقال: إنها ستفشل في دفع الفائدة على ديونها، ما يؤدي إلى ارتفاع المعدلات التي تدفعها لاقتراض الأموال، وهو ما يعني أن الرهون العقارية وقروض السيارات وفواتير بطاقات الائتمان، سترتفع، و"من المحتمل أن يفقد ملايين الأميركيين أعمالهم، وسينهار التعافي البطيء في ظل الوباء".
وستنفد أيضاً رواتب العسكريين ومدفوعات التقاعد الحكومية والفوائد الأخرى، وفقاً للمقال.
وجاء بالمقال أيضاً: "وبما أن استقرار ديون الولايات المتحدة هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، فإن التخلف عن السداد من قبل واشنطن، يمكن أن يضع بقية العالم في أزمة".
كان الرئيس الأميركي جو بايدن وقّع، الخميس الماضي، على مشروع قانون تمويل قصير الأجل، بعد أن أقر الكونغرس هذه الخطوة، لتفادي إغلاق جزئي للحكومة، كان من المقرر أن يبدأ منتصف الليل.
ومع الموافقة على مشروع قانون تمويل مؤقت، سيتعين على الديمقراطيين التحرك بسرعة في الأيام المقبلة بشأن سقف الديون.
يذكر أن حدّ الدَين، المعروف عامة بسقف الدَين، هو المبلغ الإجمالي للأموال التي يحق للحكومة الأميركية اقتراضها للوفاء بالتزاماتها القانونية القائمة، بما فيها منافع الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، والفائدة على الدَين القومي، ومدفوعات أخرى.
تاريخ النشر