بيت لحم-الأناضول-للشهر الرابع على التوالي، يعاني قطاع السياحة في فلسطين من ركود جراء استمرار فيروس كورونا، غير أن جهود رسمية تبذل لإعادة إنعاش القطاع الذي تراكمت على مرافقه غبار الجائحة.
لا تلوح بالأفق أية بوادر لعودة السياحة في فلسطين إلى ما كانت عليه؛ غير أن وزارة السياحة، تسعى لإنعاش القطاع بالسياحة الداخلية، في الوقت الذي يزداد فيه عدد الإصابات بالفيروس.
تتجلى صورة واقع السياحة في محيط "كنيسة المهد" بمدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، التي تفتقد إلى الحد الأدنى من الزوار المحليين، مع توقف السياحة الوافدة.
وتعد بيت لحم، واحدة من أكثر المدن الفلسطينية تأثرا بالجائحة، حيث يعتمد غالبية سكانها على قطاع السياحة، وخاصة الأجنبية.
في محيط "كنيسة المهد" التي يعتقد أنها شيدت على المغارة التي ولد فيها السيد المسيح، نحو 70 متجرا مغلقا منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، حيث أعلن في حينه عن أولى الإصابات بفيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية.
وعادة ما كانت تعج أسواق بيت لحم، وخاصة بلدتها القديمة بالسياح الأجانب، حيث تعد الكنيسة أقدس مكان ديني للمسيحيين، ويقصدها آلاف الحجيج سنويا.
في متجر للتحف الشرقية قريب من الكنيسة، يعمل الفلسطيني لويس ميكيل (53 عاما)، على تنظيف وتفقد متجره، بعد إغلاق دام عدة أشهر.
يقول "ميكيل" للأناضول: "منذ مطلع مارس لم يفتح المتجر، لا يوجد سياحة، واعتمادنا الكلي على السياحة الخارجية.. بدأت الحياة تعود للبلد، باستثناء قطاع السياحة".
يملك "ميكيل" وزوجته المتجر منذ 42 عاما، ويعمل بشكل رئيسي دليلا سياحا، بينما تتولى زوجته أعمال المتجر.
وأشار إلى أن حجوزات سياحية لأشهر قادمة ألغيت بسبب "كورونا".
في الجوار، يعمل إدوارد طبش، مالك محل تحف شرقية، على إعادة تأهيل متجره؛ ويقول للأناضول: "لا يوجد عمل نهائيا منذ مطلع مارس، لذلك نعيد تأهيل المتجر لما بعد كورونا".
"طبش" المالك لمعمل صناعة تحف شرقية من خشب الزيتون، بجانب متجره، يطمح إلى عودة الحياة لطبيعتها؛ موضحًا: "لدي 30 عاملا في المتجر والمعمل، بلا عمل منذ شهور، والخسائر كبيرة جدا".
ويمضى قائلًا: "السياحة الخارجية نبض قلب قطاع السياحة، بدونها يندثر القطاع السياحي".
وباستثناء "طبش" و"ميكيل"، لا يفتح أي متجر أبوابه.
من جهتها، تقول وزير السياحة الفلسطينية، رولا معايعة، إن قطاع السياحة في فلسطين الأكثر تضررا من جائحة كورونا.
وتضيف الوزيرة في حديثها للأناضول: "قطاع السياحة أول من تأثر بفيروس كورونا، وآخر من يستعيد عافيته".
وتلفت إلى أن طواقم الوزارة تعمل على كيفية إنعاش السياحة، مشيرة أن ذلك يرتبط بالوضع الصحي وانتشار الفيروس في البلاد.
وتسعى فلسطين إلى إنعاش السياحة الداخلية، ثم العمل على استقطاب الزوار من "فلسطيني 48" (من داخل إسرائيل).
وتستدرك "معايعة" قائلة: "الطريق طويل أمامنا حتى نتحدث عن سياحة، وهناك تخوفات حتى أمام السياح المحليين.. الفنادق، والمطاعم السياحية، ومكاتب السياحة، والتحف، والمشاغل الحرفية، أصيبوا بضرر كبير".
وتتوقع الوزيرة أن تبلغ خسائر قطاع السياحة حتى نهاية العام الجاري بنحو مليار دولار.
وقبل أيام سجلت مدينة بيت ساحور (ملاصقة لبيت لحم) مدينة حرفية، من قبل مجلس الحرف العالمي، لتكون ثاني مدينة فلسطينية تحصل على اللقب بعد مدينة الخليل التي سجلت في العام 2016.
وعبرت "معايعة"، عن أهمية تسجيل بيت ساحور، وقالت "بعد كورونا سيكون لهذا التسجيل أثرا إيجابيا على صورة فلسطين والسياحة".
وتشكل السياحة مصدر دخل رئيسي لغالبية سكان محافظة بيت لحم، حيث تساهم بـ 6 بالمئة من إجمالي الدخل القومي الفلسطيني.
وزار فلسطين في 2019 نحو 3 ملايين سائح، بحسب وزيرة السياحة الفلسطينية.
وسجلت أولى إصابات بفيروس كورنا في فلسطين مطلع مارس، لفلسطينيين خالطوا وفدا سياحيا يونانيا، وعلى إثرها أعلن الرئيس محمود عباس، حالة الطوارئ، تبعها تقييد للحركة ومنعا للتجوال.
وفي الأيام الأخيرة تصاعد عدد الإصابات بفيروس كورونا في أراضي السلطة الفلسطينية، وبلغ العدد الإجمالي 1028 حالة.
وقالت وزير الصحة الفلسطينية مي الكيلة، في بيان صحفي وصل الأناضول: "دخلنا موجة ثانية من جائحة كورونا، ونشدد مجددا على أهمية وضرورة تقيد جميع المواطنين بإجراءات السلامة والوقاية".