رام الله-وفا-أسيل الأخرس-في الوقت الذي يزداد فيه خطر انتشار فيروس "كورونا"، وترتفع أعداد ضحاياه، استنفرت دول العالم كوادرها الطبية ومختلف قطاعاتها ومؤسساتها لمواجهة هذا الخطر، ومنع وصوله الى مواطنيها.
في فلسطين، أعلنت نقابة الاطباء عن تعليق العمل في المرافق الصحية وتصعيد الفعاليات الاحتجاجية، لتحقيق بعض المطالب وتحسين أوضاع منتسبيها.
قد تكون المطالب النقابية للأطباء محقة، لكن توقيت تعليق العمل سيء ووضعها في خانة الشك والتقصير تجاه المواطنين، خاصة أن التهديد الذي يفرضه كورونا المستجد (كوفيد 19)- الذي يجتاح العالم دولة تلو أخرى، يحتاج تضافر جهود الجميع.
وقال الناطق باسم الحكومة ابراهيم ملحم، إن الحكومة ترحب بأي حوار مع النقابة، مشيراً إلى أن الحوار بدأ مع النقابة، وهناك لجنة حكومية خاصة برئاسة وزير العمل حاورت الأطباء ووافقت على 8 بنود من أصل 9، وتم رفض البند التاسع والمتمثل بالمطلب المالي الخاص برفع العلاوة إلى 200% بسبب الأزمة المالية التي تمر بها الحكومة ما منعها من الاستجابة.
وأضاف، إن الحكومة منفتحة على ظاهرة الإضرابات المكفولة بالقانون، مشيرا الى أن استخدام سلاح الاضراب في القطاع الطبي يعرقل الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا.
وأشار ملحم إلى أن الحكومة تقدّر نقابة الأطباء وتثمن استجابتها من خلال إلزام الأطباء في الطب الوقائي بالعمل، مؤكدا أن اللجنة الوزارية مستعدة للحوار للوصول لصيغة تضمن حقوق الاطباء.
وحول جهوزية فلسطين لمواجهة فيروس كورونا، قال إن الفيروس يعتبر تحديا لجميع دول العالم لمنع وصوله واحتوائه في حال وصل، وفلسطين اتخذت الاحتياطات الاحترازية لمنع وصوله، من خلال فحص القادمين من الدول التي وصلها المرض، سواء عبر المعابر أو حتى الواصلين من الجانب الاسرائيلي، إضافة إلى رصد الأماكن التي زارها مصابون وأغلقت، حيث نشرت وزارة الصحة الإرشادات للتعامل مع الوباء العالمي.
وأكد ملحم أن فلسطين خالية من المرض، وهناك أماكن حددتها الوزارة لعلاج أي اصابة يتم تسجليها، وسيتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة.
بدوره، قال نقيب الأطباء شوقي صبحة: إن النقابة قررت تعليق العمل لـ3 أيام من الثلاثاء وحتى الخميس، وتقليص العمل في الرعاية الصحية الأولية والعيادات والمستشفيات والعمليات المبرمجة.
وأوضح، أن الاضراب يستثني الطب الوقائي "الوبائيات" وهي الدائرة المختصة بمتابعة مرض كورونا وغيره من الأمراض السارية بسبب فيروس كورونا، مشددا على أنها ستبقى تعمل على مدار الساعة، رغم أن الأطباء فيها بحاجة لأدوات وألبسة خاصة غير مؤمنة من قبل الوزارة.
وأكد صبحة حرص النقابة والأطباء على سلامة المواطنين، مشيرا إلى أن اجتماعا سيعقد اليوم لأخصائيي الأمراض المعدية لمناقشة هذا الفيروس، مؤكدا أن النقابة مستعدة للتكامل مع الوزارة في مواجهة الوباء.
وحول مطالب النقابة، أوضح أن المطالب حسب النظام، وهي: مساواة الأطباء بزملائهم في العلاوة 200%، والذي تقدّر بـ 600 شيقل، لـ600 طبيب تقريبا، خاصة أن الاطباء يعملون 170 ساعة إضافية من دون مقابل مادي، وطالب أيضا بزيادة الكادر الطبي في المستشفيات والصحة، حيث إن أعداد الأطباء تراجعت عن السنوات السابقة الى أكثر من 700 طبيب، لأنه لا يتم توظيف أطباء بديل عن المتقاعدين.
وتابع صبحة: رفضنا برنامج البصريات الذي تقدمه الجامعة العربية الأمريكية، لأنه لم يحصل على موافقة النقابة ولا المجلس الطبي، ويشكّل اجحافا بحق الأطباء الذين يدرسون 14 عاما، في حين أن البرنامج في الجامعة الأمريكية والذي صادق عليه وزير التربية والتعليم العالي محدد بـ6 سنوات ولا يشترط دراسة الطب.
وأشار إلى أن النقابة في سبيل إنهاء الأزمة، تواصلت مع الحكومة وتم التوقيع على مسودة اتفاقية قبل أسبوعين بين وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية وديوان الموظفين، على أن يقوم المستشارون القانونيون في الوزارات الثلاث بمتابعتها، إلا أن رئيس لجنة الحوار، وزير العمل نصري أبو جيش رفض التوقيع على الصياغة النهائية للاتفاق بين النقابة والحكومة، والتي تم إقرارها بين الطرفين في اجتماع سابق.
وأكد أن المطالب قانونية وليست رفاهية، من شأنها تحسين الوضع الصحي العام، وتحسين وضع الأطباء والخدمات التي يقدمونها، لافتا إلى أن النقابة منفتحة على الحوار لإنهاء الاحتجاجات.
من جهته، قال الاعلامي المختص في حقوق الانسان ماجد العاروري: إن "على نقابة الأطباء التراجع عن خطواتها التصعيدية، وأن تواصل الحوار مع الحكومة لتحقيق مطالبها".
وأضاف، رغم دعمي المبدئي للحركة النقابية والحق في الإضراب، لكن أعتقد ان إعلان النقابة عن الإضراب والخطوات التصعيدية في هذا الوقت الذي كان يفترض أن تعلن فيه أعلى درجات الجاهزية لمواجهة مخاطر انتشار مرض كورونا الذي يهدد الأمن المجتمعي.
وتابع: الإعلان يفتقر لأدنى درجات المسؤولية، وفيه انتهازية عالية ومخالفة لأخلاقيات مهنة الطب، وعلى النقابة والأطباء مراجعة هذه الخطوة والتراجع عنها.
وأشار العاروري إلى أن الجهود يجب أن تنصب على منع وصول المرض والوقاية منه، وهذا يتطلب نشاطا صحيا غير عادي لجميع الأجهزة الصحية والاعلامية والتربوية.
وأكد أن اجراءات نقابة الأطباء التصعيدية الآن ليس بمكانها بل أن قرارهم سيضع الأطباء في ورطة "لو لا قدّر الله وصل المرض إلينا"، داعيا النقابة الى الاستجابة للحكومة والوقوف عند مسؤولياتها المهنية والأخلاقية.