رام الله-الحياة الجديدة-أخبار المال والأعمال-طالب باحثون واقتصاديون الوزارات المشرفة على قطاع التبغ بالعمل ضمن اختصاصها، وتطبيق قانون التبغ وإجراءاته، وخاصة في وجوب حصول المزارع على رخصة تخوله بزراعة التبغ بمساحة محددة، ما سيسهم في تحديد المساحات المزروعة بالتبغ، ومن ثم الحد من تصنيعه بشكل غير منظم. ويتم ذلك من خلال تفعيل عمل اللجنة المكونة من كافة الأطراف والتي حددها قانون التبغ لمتابعة التنظيم.
جاء ذلك خلال ورشة نظمها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" لمناقشة دراسته التي أعدّها الباحث علي جبارين حول: قطاع التبغ في فلسطين: المشاكل والتدخلات الممكنة، بمشاركة مدير البحوث في المعهد د. بلال الفالح، والباحث والخبير الاقتصادي د. سمير عبدالله، والمستشار المالي في شركة سجائر القدس عمر العلمي، بحضور ممثلي شركات ومؤسسات وجمعيات زراعة وصناعة التبغ والقطاع الخاص، والوزارات والمؤسسات الحكومية والمجتمعية ذات العلاقة، وذلك في قاعة المعهد برام الله.
ودعا المشاركون الى إعادة النظر في آلية دعم الأصناف المحلية، مؤكدين أن الدعم السابق الذي تمثل بدعم صنف لكل شركة مرخصة لم يشترط فيه أن يكون كامل التبغ المستخدم في تصنيعه محليا، مما سمح لهذه الشركات بخلطه بتبغ مستورد، ما أثّر على حصة المنتجات المستوردة، وقلل من العوائد الضريبية الناجمة عن استيرادها، خاصة وأن غالبية إيرادات قطاع التبغ هي من السجائر المستوردة، ولم تعوضها إيرادات هذا الصنف.
وأكد الفالح في مستهل افتتاحه الورشة، أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت انتشارًا غير مسبوق في زراعة التبغ وإنتاجه في فلسطين، وخاصة في المنطقة الشمالية وبالتحديد منطقة يعبد في محافظة جنين.
ويعزى هذا التوسع إلى الارتفاع المستمر في أسعار السجائر الأجنبية والمحلية في السوق الفلسطيني جرّاء ارتفاع الرسوم الضريبية المفروضة عليها.
وذكر ان معدل الإنفاق الشهري للأسرة الفلسطينية على التبغ والسجائر بلغ 50.2 دينارًا أردنيًا أي بزيادة قدرها سبعة دنانير عما كان عليه عام 2011. بينما معدل الإنفاق على التعليم 38.8 دينارًا أردنيًا والعناية الشخصية 20 دينارًا أردنيًا، والأنشطة الترفيهية والثقافية 13.8 دينارًا أردنيًا.
وقال: "برزت مشكلة قطاع التبغ المتمثلة في ظهور صناعة السجائر غير القانونية، وبيعها بالتهريب بسعر زهيد مقارنة مع السجائر المحلية والمستوردة المتوفرة بشكل قانوني في السوق الفلسطيني، بعد ازدياد المساحات المزروعة بهذا المحصول بما يفوق حاجة الشركات الرسمية المصنعة للسجائر".
وفي عرضه للدراسة، طرح الباحث جبارين مبررات إعداد الدراسة والتي ترتبط بانتشار زراعة التبغ وإنتاجه وتسويقه بشكل غير رسمي في فلسطين، وخاصة في المنطقة الشمالية وبالتحديد منطقة يعبد في محافظة جنين.
وأشار جبارين كذلك الى العوامل المفسرة لتفشي هذه الظاهرة، وتضم ارتفاع نسب الضرائب، وانهيار قطاع صناعة الفحم النباتي الذي اشتهرت به بلدة يعبد بعد الانتفاضة الثانية، إضافة الى تفشي البطالة في تلك المنطقة.
وعرض الباحث تقديرات عن حجم الإيرادات الضائعة نتيجة لزراعة التبغ بشكل غير رسمي وكذلك التقديرات الخاصة بالإنفاق على التبغ المحلي والمستورد والمهرب عرب المعابر.
وذكر الباحث أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة، ومنها أن تقوم كل الوزارات المشرفة على قطاع التبغ بالعمل ضمن اختصاصها، وأن يتم تطبيق قانون التبغ وإجراءاته، وإعادة النظر في آلية دعم الأصناف المحلية، وأن تقوم الحكومة بعمل مشاريع إنتاجية للتصنيع الزراعي أو مشاريع أخرى حسب الحاجة.
وفيما يخص التهريب عبر الحدود مع الأردن، أوضح الباحث أهمية أن تقوم الحكومة الفلسطينية بالتدخل لدى الحكومة الأردنية الشقيقة من أجل ضبط التهريب عبر جسر الملك حسين من خلال تحديد الكميات التي يستطيع المسافرون شراؤها في السوق الحرة.
من جانبه، أكد العلمي على حجم مشكلة زراعة وتصنيع التبغ بشكل غير منظم.
وشدد على أن المشكلة تكمن في تحكم السلطات الإسرائيلية في فرض المكوس الخاصة بالسجائر ورفعها من دون الأخذ بعين الاعتبار المصالح الفلسطينية ومن ضمنها القدرة الشرائية للمواطن الفلسطيني.
بينما أشار عبد الله إلى وجوب تنفيذ القوانين والإجراءات التي تم إقرارها من قبل اللجان الفنية المختصة كمدخل أساس لتنظيم قطاع التبغ.
كما أشار الى أهمية تصريف مجمل محصول التبغ بشكل رسمي من اجل ضبط السوق وتنظيمه.
وتخلل الجلسة أيضا عدد من المداخلات المهمة من كافة الأطراف ذات العلاقة (مزارعو التبغ، والشركات الرسمية المصنعة، والحكومة).
وتناولت المداخلات الأسباب الكامنة وراء عدم نجاح السياسات الحكومية السابقة، وخصوصا تلك المتعلقة بالدعم الحكومي، وكذلك القصور في الرقابة على تنظيم زراعة التبغ وإصدار التراخيص، والمشاكل المتعلقة بتحسين جودة التبغ المزروع.
وفي نهاية الجلسة، أجمع المشاركون على ضرورة تنفيذ السياسات الحكومية ذات العلاقة.