نابلس-بشار دراغمة-حياة وسوق: قال البروفيسور طارق الحاج، أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية ان تراجع الوضع الاقتصادي بفعل الأوضاع التي تعيشها فلسطين وكذلك الأوضاع في الدول المحيطة يعد سببا لارتفاع نسبة الشيكات المعادة، بالإضافة لاعتماد الكثير من الباعة والمشترين على الشيكات كوسيلة للدفع وتسوية الحسابات حتى وصل الأمر إلى تدوير الشيكات بين عدد كبير من المواطنين، بالإضافة للعقوبات غير الرادعة والمخففة، والأهم هو ارتفاع حجم المنافسة بين البنوك وبالتالي الذهاب نحو تقديم تسهيالت وخدمات أكثر للمعتمدين لديها ومن ضمن تلك التسهيالت السهولة في الحصول على دفاتر الشيكات دون ضمانات قوية.
وأشار الحاج لـ"حياة وسوق" إلى أن المعايير المحددة من سلطة النقد لحصول معتمد البنك على دفتر شيكات بحاجة إلى تشديدات أكبر، مضيفا "الأداء الائتماني للمعتمد قد يكون جيدا له عند اصدار دفتر شيكات، لكن بعد ذلك يتراجع الأداء ويكون المعتمد حصل على عدد كبير من دفاتر الشيكات وبالتالي تقع هنا المشكلة الأكبر، والقوانين التي تضعها الجهات المختصة تبقى في إطار عام وتتعلق بتصنيف المعتمد وعدد الشيكات المعادة سابقا، أما بقية التفاصيل مثل المبالغ وعدد دفاتر الشيكات والأوراق فهي تخضع للبنك، وبالتالي فإن البنوك تواصل المنافسة فيما بينها وتقدم التسهيلات لجذب المزيد من المعتمدين.
وحسب أحدث بيانات لسلطة النقد، ارتفعت نسبة الشيكات المعادة في الربع الأول من العام الجاري بنسبة الـ 13% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ووصلت قيمة الشيكات المرتجعة إلى 287 مليون دولار بواقع عدد أوراق تجاوز 186 ألف ورقة شيك.
وأوضح الحاج أن "معالجة ممكنة لقضية الشيكات المعادة سهلة وممكنة إذا تم التسريع في إجراء مراجعة شاملة لمنظومة القوانين سواء تلك المتعلقة بمعايير إصدار دفاتر الشيكات وهذا مطلوب من قبل سلطة النقد، بالإضافة لمراجعة منظومة العقوبات المتعلقة بإعادة الشيك وتغليظها"، مضيفا "المعالجة تتم عندما تكون العقوبة رادعة جدا ليس فقط بحق من يصدر شيكات من دون رصيد وإنما أيضا على الجهة التي تمنح دفتر الشيكات، فالمنافسة يجب أن تكون راقية وشريفة بين البنوك وتحافظ على السيولة النقدية في فلسطين، ودون ذلك التهاون سترتفع نسبة الشيكات إلى أضعاف مضاعفة مما هي عليه الآن، والسيولة لن تكون أكثر من شيكات متداولة بين الناس وعندها ستكون المعالجة صعبة".
وحسب الحاج فإن طبيعة المجتمع تلعب دورا في ارتفاع نسبة الشيكات المعادة، فالكثير من هذه القضايا يتم حلها عشائريا بعيدا عن تطبيق القانون وهذا يؤدي إلى تراكمات واضرار اقتصادية كبيرة و"يتم حلها بفنجان قهوة"، داعيا إلى "عقد ورشات عمل ومؤتمرات تُدعى لها كل الجهات المعنية من ضمنها مؤسسات المجتمع المدني ووجهاء العشائر والقبائل للحفاظ على السيولة التي تمثل عصب الحياة والشريان األساسي في أي دولة.
وقال الحاج: هناك انعكاسات خطيرة لارتفاع نسبة الشيكات المعادة، فانسياب حركة البضائع يتم بين التجار وصولا إلى المستهلك، دون أن تكون هناك سيولة وبالتالي عدم مقدرة المنتج أو التاجر على انتاج او شراء سلعة جديدة لطرحها في السوق، والتأثير على العملية الإنتاجية سيؤدي إلى إشكالية لدى المنتجين في توفير رواتب، وفي خلق فرص عمل جديدة ومؤشر البطالة سيرتفع، وكذلك تنعدم الثقة في لحظة ما بين البائع والمشتري، لأن البائع يعتبر الشيك وسيلة لحفظ حقوقه، لكن مع الارتفاع المتزايد في نسبة الشيكات المعادة تقل أهمية هذه الوسيلة، والشيكات المعادة أيضا هي كلفة إضافية على خزينة الدولة، لأنها تعني جلسات محاكم إضافية وعمل إضافي لألجهزة التنفيذية وهذا كله يتطلب نفقات مالية. وشدد الحاج على أن سوء عدد من أصحاب رأس المال إدارة أموالهم وتجارتهم هي من سمحت لارتفاع ظاهرة الشيكات المعادة والذهاب إلى منافسة بين أصحاب التجارة الواحدة ومحاولة تحقيق الربح الفاحش عن طريق البيع بالشيكات، قائلا: "لا يجوز بأي حال من الأحوال إلغاء دور النقود وأن يكون الشيك دائما هو البديل عنها".