لندن/بيروت (رويترز) - من المتوقع ألا ينجو سوى عدد قليل جدا من البنوك اللبنانية من خطة إنقاذ اقتصادي يعارضها بنوك كثيرة من بين أكبر الدائنين للحكومة، لأنها ستشطب رأسمال بقيمة 20.6 مليار دولار.
يسعى لبنان للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة ديون بنحو 90 مليار دولار لإنهاء أزمة اقتصادية تضمنت تعثرا سياديا وانهيار العملة واحتجاجات شعبية واسعة النطاق.
وسيكون على كبار المودعين المشاركة في العبء، مع خيار تحويل جزء من ودائعهم إلى رأسمال في بنوكهم أو حصص في صندوق للتعافي أُسس حديثا لتلقي ما تصفها الحكومة بأنها أصول محصلة بشكل غير مشروع، والتي تقول إنها تنوي استعادتها.
وشأنها شأن غيرها من الدائنين، سيكون على البنوك قبول تخفيضات في قيمة حيازاتها من السندات الدولية الحكومية والسندات بالعملة المحلية، وكذلك خسائر لانكشافها على المصرف المركزي بموجب خطة الحكومة، والتي تدعو إلى إعادة هيكلة وإعادة رسملة القطاع المالي في البلاد.
وقال رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير "إذا كان قطاعنا المصرفي سيتقلص من حيث عدد البنوك، فدع الأمر يأتي بشكل طبيعي، وسيأتي حتما بدون أي ضغط من السلطات".
وعبًر صفير أيضا عن القلق حيال فقدان الوظائف الذي سينتج عن المزيد من تقليص القطاع، والذي انكمش من 125 بنكا قبل عام 1994 إلى حوالي 40، لكنه لا يزال من مصادر التوظيف الكبيرة.
وتعكف الجمعية على وضع خطة إنقاذ مالي ستحافظ على بعض رؤوس أموال البنوك بدلا من شطبها كما تقترح الحكومة.
وحتى الأزمة، كانت البنوك اللبنانية تساعد في تمويل الحكومة من خلال اجتذاب ودائع إلى القطاع المالي من اللبنانيين في الخارج، وهو ما أدى إلى نمو ضخم للقطاع.
وينتقد رئيس الوزراء حسان دياب حجم القطاع المصرفي، وقال في مارس آذار إن البلاد ليست في حاجة إلى قطاع مصرفي بأربعة أمثال حجم الاقتصاد اللبناني.
تراخيص جديدة
وللمساعدة على إعادة فتح الاقتصاد من جديد، تتصور خطة الحكومة إصدار خمسة تراخيص لمصارف تجارية جديدة، بشرط وجود رأسمال لا يقل عن 200 مليون دولار، وأن يكون 50 بالمئة منها أموال جديدة.
ويضم الموقع الإلكتروني لمصرف لبنان المركزي قائمة تشمل 142 بنكا خاضعا لإشراف المصرف المركزي، غير أن بعض هذه البنوك وحدات محلية لكيانات أجنبية.
وشكك مصرفي في منطق عرض التراخيص الجديدة. وقال "ما الغرض؟ ... إذا كانت الفكرة هي اجتذاب مستثمرين أجانب، فدعهم يستثمرون في البنوك القائمة".
لكن أطراف القطاع ليست جميعها ضد المقترحات.
وقال مصدر بالقطاع المالي إنها خطة جيدة ضرورية من أجل الضبط الدقيق. وأضاف أن المستثمرين الذين يضخون سيولة جديدة للمساعدة في إعادة رسملة البنوك على سبيل المثال من المستبعد أن يقبلوا بدور أدنى لحائزي ديون ثانوية.
وقال المصدر "لا تزال هناك حالة من الإنكار في لبنان ... بعض الناس لا يقبلون فكرة أن عليك إعادة هيكلة الميزانيات العمومية للبنوك وإنها سيكون لها حتما تأثير على الودائع ويحاولون الحفاظ على رأسمال البنوك".
وقالت أرقام كابيتال في مذكرة بحثية إنها تفترض إنقاذا بنسبة 45 بالمئة من جميع الودائع، والذي سينطبق على جميع الودائع التي تتجاوز 100 ألف دولار، إذ أن المودعين الأصغر محميين بموجب الخطة.
ويشكك البعض في الأساس القانوني للخطط، وعينت جمعية مصارف لبنان شركة المحاماة دي.إل.إيه بايبر لتقديم المشورة لها بشأن العناصر الرئيسية مثل الإنقاذ المعتمد على المودعين.
وقال إبراهيم كنعان رئيس لجنة المال والموازنة بالبرلمان لرويترز يوم الأربعاء "يحتاج جزء كبير من الخطة، إذا كانت ستنفذ، لقوانين".
وقال إن ذلك سينطبق على إعادة الهيكلة المقترحة للقطاع المصرفي والمصرف المركزي والدين العام للبنان، إضافة إلى أي تغييرات في الضرائب وأي تعامل مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف كنعان أن اللجنة تراجع خطة الحكومة وستقترح تعديلات.
دفعت الأزمة الاقتصادية والضبابية البنوك اللبنانية، التي تكابد أزمة سيولة طاحنة، بالفعل إلى فرض قيود صارمة على عمليات السحب والتحويلات إلى الخارج.
وفي الشهر الماضي، سمح مصرف لبنان المركزي بسحب الودائع التي لا تزيد عن ثلاثة آلاف دولار بالليرة اللبنانية، لكن بسعر "السوق" بدلا من السعر الرسمي للعملة المربوط بالدولار.
وتتوقع أرقام كابيتال أن تظل القيود الرسمية على رؤوس الأموال قائمة للودائع الأكبر حتى يكون القطاع المصرفي على أساس أكثر استدامة، وهو ما قد يستغرق ثلاث سنوات.
وحذرت أرقام في مذكرتها من أن تسرب الودائع بالنقد الأجنبي قد يرتفع إلى 29.6 مليار دولار على مدار العام بكامله.
لكن الحكومة قد تتحرك لمحاولة منع هذا، إذ تقول ضمن خطتها للإنقاذ الاقتصادي: "إنها ستتخذ إجراء على المدى القصير لضمان تطبيق أكثر عدلا وأكثر شمولا لقيود رأس المال".