نابلس-وفا-بسام أبو الرب-تصحو المواطنة سوريا ابراهيم (53 عاما) من قرية فروش بيت دجن في الأغوار الوسطى شرق نابلس، بعد الخامسة والنصف فجرا، تعد الفطور لعائلتها، وتكنس، وتجلي، وترتب مفارش البيت في واجبات يومية أشبه بـ"المقدسات"، قبل ان تباشر علمها في عناية الخضروات المزروعة في البيوت البلاستيكة، بالعزف والري وازالة الأعشاب.. وصولا لرش المحاصيل بالمبيدات..
هكذا، على أول النهار، عند الساعة الثامنة صباحا وما قبل ذلك بقليل، تجد الأم وربة المنزل والمزارعة سوريا، نفسها في الدفيئات اليانعة بالخضروات، وهي مهنة اعتادت عليها منذ 25 عاما.
"الايام كلها تشبه بعضها" تقول سوريا، لا يوم أم ولا يوم إمرأة.. أو ما يمكن اعتبارها أياما مميزة.
وتحتفل دول العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من شهر آذار من كل عام، ويقام للدلالة على الاحترام العام، وتقدير وحب المرأة لإنجازاتها الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية.
وترى المواطنة ابراهيم، أن يومها العالمي يكمن وسط عائلتها ومزروعاتها التي اعتاد عليها واصبحت جزءا من حياتها، ولا راحة لها في يوم المرأة الذي يحتفل به العالم وفقط تسمع به النساء العاملات، خاصة في قطاع الزراعة.
وترأس النساء في فلسطين حوالي 11% من الأسر، بواقع 12% في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة، وذلك بناءً على بيانات مسح القوى العاملة للعام 2019، والتي تشكل نحو النصف من المجتمع الفلسطيني بنسبة 49%، مقارنة بنسبة الذكور التي وصلت إلى 51% وفق احصاءات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في منتصف عام 2020 في فلسطين.
احلام المواطنة ابراهيم الشخصية التي لم تحققها في حياتها بعد، وجدت ان بعضها قد تحقق باحلام اولادها خاصة الاناث منهم، عبر تشجيعهن على الالتحاق في الجامعة، الى أن وصلت احداهن (..) الى الدراسات العليا، والأخرى (..) حاصلة على شهادة التمريض، فيما لا تزال اصغرهن (..) على مقاعد الدراسة في مدرسة فروش بيت دجن.
وبلغت معدلات الالتحاق الإجمالية للذكور في المرحلة الثانوية حوالي 71% مقابل 91% للإناث. كما بلغت نسبة الطالبات الملتحقات في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 60% من مجموع الطلبة الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي، وذلك وفق بيانات وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعام الدراسي 2018/2019.
تدخل المواطنة ابراهيم احدى الدفيئات البلاستيكة والتي زرعتها باشتال البندورة، فيما كانت درجة الحرارة تصل الى نحو 25 درجة في أحد أيام شهر اذار في الأغوار الوسطى، وتقول: "لا فرق بين المرأة العاملة في احدى المؤسسات او التي تعمل في الزراعة او اية مهنة اخرى".
وتشتهر سوريا كأم مُلهمة في المنطقة، باعتبارها سيدة بارعة وعرَابة في مهنة زراعة الخضروات بشتى انواعها والتي تشكل اكتفاء ذاتي لعائلتها، والتي تغنيها عن شرائها من الاسواق، وفي بعض الأحيان تجدها أفضل الهدايا عند زيارتها لأحد اقاربها.
وتمارس سوريا وهي أم لـ6 ابناء (ثلاثة ذكور وثلاث إناث) مهنة الخياطة وحياكة الملابس، التي وجدت منها هواية والتي تجد لها وقتا في ساعات المساء، اضافة الى مهنتها كمزارعة، وتقول: "حتى ملابس أولادي وبناتي من صنعي يدي، وخضروات منزلي من أرضي".
ورغم انها تقضي وقتا طويلا في العمل يقارب الـ16 ساعة يوميا، الا أن الأم المثالية والمزارعة سوريا، تواكب التطور والثورة التكنولوجية، فهي تتصفح حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، التي تعتبره نافذة على العالم ووتتابع اخبار المجتمع المحلي من خلاله.
وتظهر بيانات المسح الأسري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2019، أن نسبة الأفراد (10 سنوات فأكثر) الذين يستخدمون الانترنت بلغت 72% للذكور مقابل 69% للإناث، والذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي أو المهني بلغت 88% للذكور مقابل 84% للإناث.
المواطنة سوريا التي تعرف بكنية (سريا) فتحت عيونها على الدنيا، وتحمل هذا الاسم، بين اخوات يحملن اسماء عدد من المدن السورية، وذلك تعبيرا عن مدى حب والدها للشام.. وعالمها لا ينحصر بزراعة الخضروات وحدها، فهي تعشق الورود ايضا، ولديها معرفة واسعة في زراعة ورود الصبار التي تزين مدخل منزلها باكثر من 12 نوعا.