البحر الميت-أخبار المال والأعمال-قال محافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، إن التكنولوجيا الحديثة تندمج مع الخدمات المالية التقليدية لتنتج جيلاً جديداً وشكلاً فريداً من الخدمات المالية المبتكرة التي تتسم بالكفاءة والسرعة والشمول لتشكل أساساً ورافعة رئيسية للاقتصاد الرقمي الحديث والمستدام الذي نسعى ونطمح للوصول إليه في دولة فلسطين المستقلة.
وأضاف في كلمته خلال انطلاق أعمال الدورة الثالثة من مؤتمر القطاع المصرفي الفلسطيني في محيطه العربي أن المؤتمر يركّز على التحديات التي تواجه مقدمي الخدمات المالية في ظل التسارع الكبير في مجال التكنولوجيا والابتكارات المالية، لتقييم التجارب وتحديد الخطوات اللازمة لاستثمار واستخدام التكنولوجيا في الخدمات المالية والمصرفية، وليشكّل نقطة البداية لبناء خطة استراتيجية وطنية شاملة تسير بخطى ورؤيا ثاقبة نحو تطوير الصناعة المالية والمصرفية بالاعتماد على التكنولوجيا وللتأسيس لشراكة حقيقية فريدة من نوعها بين سلطة النقد الفلسطينية والقطاع المالي وقطاع تكنولوجيا المعلومات لنشكل مجتمعين معاً الرافعة الاساسية ومعول البناء لهذه الصناعة الحديثة التي ستساهم في مواكبة التطورات المالية العالمية وتسهل اندماج القطاع المالي الفلسطيني في نظيرة العالمي بكل سهولة ويسر.
وتابع: "إن الاهتمام الذي توليه سلطة النقد لصناعة التكنولوجيا المالية ينبع من جانبين أساسيين، يتمثل الجانب الأول في الإدراك العميق للدور الهام الذي تلعبه تلك الصناعة في كافة مناحي الحياة واعتباره أداة لتقديم الخدمات المالية لكافة فئات المجتمع ويعزز من وصول وانتشار الخدمات المالية الى كافة القطاعات، خاصة البعيدة والتي يصعب فيها توفير خدمات مالية تقليدية، اضافة الى تسهيل تنفيذ خدمات التحويل والدفع والحصول على التمويل والاستثمار والخدمات المالية الأخرى ويعزز من تحسين الدورة الاقتصادية والاسهام المباشر في خلق تنمية اقتصادية مستدامة".
وأردف قائلاً: "فيما يتمثل الجانب الثاني في استخدام التكنولوجيا في تطوير وابتكار خدمات مالية ومصرفية جديدة من خلال تشجيع الابتكارات والابداع وتطوير الأفكار والمشاريع الريادية وبالتالي خلق فرص عمل لجيل من الشباب من ذوي القدرات المميزة والتأهيل العلمي والمهني عالي المستوى من ناحية، وتخفيض التكاليف المرتبطة بتنفيذ هذا الخدمات، وبالتالي تشجيع استخدامها من قبل كافة الفئات".
ولفت المحافظ إلى مدى مساهمة التكنولوجيا المالية في تحقيق الاستقرار المالي من خلال استخدامها في ضمان الامتثال للقواعد التنظيمية الداخلية والخارجية وزيادة كفاءة عمليات ادارة المخاطر، وفي تيسير التجارة الداخلية والخارجية وتسهيل تحويلات العاملين في الخارج وللمدفوعات العابرة للحدود، إضافة الى تسهيلات مدفوعات الحكومة وبالتالي رفع كفاءة الأداء الاقتصادية للحكومة.
وقال الشوا: "لإطلاق هذه الإمكانات، ينبغي تضافر الجهود على كافة المستويات الرسمية ممثلة بالحكومة وغير الرسمية ممثلة بالقطاع الخاص، وذلك من خلال إجراء مزيد من الإصلاحات لسد الفجوات في الأطر التشريعية والتنظيمية وتحسين بيئة الأعمال وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات".
وأكد الشوا أن الاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات يجب أن يحظى بأولويات الخطط التطويرية للمصارف، وخاصة تطوير بيئة الأعمال اللازمة لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة في تطوير الخدمات المالية لتعزيز فرص الوصول الى المجتمعات الفقيرة والمهمشة وتقديم خدمات مالية تتناسب مع احتياجاتهم ورغباتهم وبما يسهم في تعزيز الشمول المالي مع التأكيد على ضرورة حماية حقوق صغار المستهلكين والمتعاملين".
وأضاف: "يدفعنا الشباب الطموح الى التفكير والعمل لتوفير المناخ المناسب لأصحاب الأفكار الريادية للإبحار في عالم التكنولوجيا وتعزيز الابتكارات من خلال توفير البيئة الحاضنة لتلك الابتكارات وتوفير التمويل اللازم لهم والاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات وفتح المجال للجميع حكومة وقطاع خاص للمساهمة في إرساء تلك الصناعة على أسس متينة وتسهم في توفير فرص العمل وتوفير البرمجيات المناسبة لتطوير وتسهيل تقديم الخدمات المالية لكافة شرائج المجتمع بكافة أماكن تواجدهم بكفاءة عالية وبتكاليف عادلة".
ولفت إلى أن اهتمام سلطة النقد بتلك الصناعة ينبع من واقع إن المسؤولية المجتمعية والوطنية ولتوجيه القطاع المالي والجهات الخاضعة للرقابة للمساهمة في تحقيق الشمول المالي وتعزيز صمود شعبنا على أرضه ووطنه خصوصاً في الأماكن الأكثر تضرراً من إجراءات الاحتلال الاسرائيلي والتي يصعب تقديم الخدمات المالية التقليدية فيها وتوفير خدمات مالية مبتكرة تناسب التطور الهائل في ذات المجال على الساحة الدولية".
وأوضح بأن الاستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية شهدت ارتفاعًا ملحوظا، حيث ارتفعت قيمة الاستثمارت من 928 مليون دولار عام 2008، إلى 4 مليارات دولار عام 2013، ثم نمت تلك إلى 20 مليار دولار عام 2015، وذلك وفقًا لمنشورات شركة البحوث "فاليو أد". فيما من المتوقع أن تصل هذه الاستثمارات إلى 46 مليار دولار بحلول عام 2020، بفضل التقدم التكنولوجي والمنتجات المالية المبتكرة.
وأكد المحافظ أن أخذ زمام المبادرة والولوج لذلك العالم الرقمي في الوقت المحدد ودون تأخر سيسهم في اللحاق بالركب، لتبقى فلسطين على الساحة الدولية، نزاحم العالم على كافة الأصعدة، ماليا واقتصاديا وسياسيا، بخطىً ثابتة للوصول الى تحقيق حلمنا بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مشدداً على أن التعاون البنّاء وتضافر الجهود يعتبر اساسياً للنهوض بتلك الصناعة، مؤكداً على دور القطاع الخاص وحاضنات الأعمال وتكنولوجيا المعلومات ومراكز الأبحاث والجامعات لتشكّل أساس تلك الصناعة وتعمل على جعل فلسطين مركزاً اقليماً رائداً في تطوير وتصدير تلك الخدمات لما سيكون له بالغ الأثر في تحسين الوضع الاقتصادي في فلسطين.
وأضاف: "كما من المأمول أن تعمل تلك الصناعة كقنوات مالية رقمية لحشد الاستثمارات والمدخرات وتوجيهها لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز صمود أبناء شعبنا في وطنه وعلى ثرى أرضه المباركة".