غزة (رويترز) - دفعت قطر يوم الجمعة رواتب نحو 30 ألف موظف مدني في قطاع غزة مما أدخل البهجة على قلوب الموظفين لكن البعض في القيادة الفلسطينية المنقسمة بشدة عبر عن الغضب مجددا من التدخل الخارجي.
واصطف الآلاف في برد الشتاء للحصول على الرواتب من مكاتب البريد، التي زين أحدها بصورة جدارية كبيرة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورسالة شكر لقطر.
وقال الموظف العمومي عمار فياض (45 عاما) الذي يعول أسرة من 13 فردا ”إذا المنحة بتقف بنتدمر“.
وقالت مصادر فلسطينية إنه يُعتقد أن قيمة الرواتب التي حصل عليها موظفو غزة يوم الجمعة تبلغ نحو 15 مليون دولار، وهي جزء من منحة قطرية تبلغ 90 مليون دولار وبدأ صرفها في نوفمبر تشرين الثاني الماضي ويستمر صرفها على مدى ستة أشهر.
وصار الموظفون رمزا للصراع الطويل والمرير على السلطة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير قطاع غزة والسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والتي تدير الضفة الغربية بقيادة الرئيس محمود عباس.
وعينت حماس الموظفين بعد فوزها غير المتوقع في انتخابات عام 2006، ثم سيطرتها العسكرية على القطاع من السلطة الفلسطينية في العام التالي.
وشكت حماس من أنها ورثت إدارة مدنية تدين بالولاء لعباس ولذلك عينت آلافا من الموالين لها بصورة أوجدت فعليا إدارتين مدنيتين متوازيتين في القطاع.
انقسامات
لكن بعد سنوات من الحصار الإسرائيلي والحروب المتتالية والفشل المستمر في جهود المصالحة الداخلية تقلصت إمكانيات حماس المالية. وفي وقت تستطيع فيه الحركة بالكاد دفع رواتب موظفيها، ويرفض فيه عباس دفع الرواتب، صار الموظفون كرة قدم سياسية يتقاذفها الجانبان.
كانت استراتيجية عباس ترمي للضغط على حماس لتعود إلى مائدة المفاوضات وذلك من خلال خفض الرواتب وإحالة آلاف من موظفي الحكومة إلى التقاعد المبكر مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في غزة.
وقال واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المؤيد لعباس لرويترز يوم الجمعة ”دخول الأموال القطرية بهذه الطريقة يعطي أملا لأولئك الراغبين في تكريس الانقسام“.
وأضاف ”هناك جهة شرعية هي منظمة التحرير مسؤولة عن الشعب الفلسطيني، عندما يتم تجاوزها عن طريق حكومة الاحتلال وإدخال الأموال عن طريق السفير القطري محمد العمادي من خلال كشوفات يتسلمها من الاحتلال فإن هذا يعمق الانقسام ويكرسه“.
وقالت قطر، التي تعمل لتعزيز موقفها الدولي وسط خلاف مع السعودية ودول خليجية أخرى، إنها تدخلت لتخفيف حدة الأوضاع واستعادة الاستقرار في قطاع غزة الفقير.
وقال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن بلاده وافقت على دخول الأموال القطرية إلى غزة. وأبلغ نتنياهو دبلوماسيين أجانب يوم الخميس بأن هناك نظام توزيع يخضع لرقابة صارمة من خلال بصمات الأصابع والصور والتوقيعات بما يضمن أن تذهب الأموال إلى الأشخاص المعنيين وليس إلى حماس.
ولم تتحدث حماس علنا في السابق عن التدخل القطري وفعلت نفس الشيء يوم الجمعة. ويقول محللون إن ضخ أموال أجنبية إلى غزة التي تسيطر عليها الحركة يمثل معضلة لإسرائيل.
وأضافوا أن ضخ الأموال يخفف الضغوط الداخلية على حماس في الوقت الذي يخفف فيه المصاعب الاقتصادية التي تثير القلاقل والاضطرابات في غزة.
وقال المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب إن الأموال القطرية ”تخفف عنهم بعض الضغوط المحلية من قبل موظفيهم وتعمل على تنشيط السوق المحلي ولكن في إطار ضيق محدود“.