رام الله-وفا-بلال غيث-قال رئيس سلطة الأراضي، رئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه القاضي يوسف شكارنة، اليوم السبت، إن قطار تسوية الأراضي في فلسطين بدأ، ولن يستطيع أحد وقف عمليات تسوية وتسجيل الأراضي، خصوصا أن نصف عمليات التسوية والتسجيل "الطابو" تجري في المناطق المستهدفة من الاحتلال وهي المناطق المصنفة "ج" وكذلك في محيط مدينة القدس المحتلة.
وأضاف القاضي شكارنة خلال لقاء مع "وفا"، أن مشروع تسوية أراضي الضفة الذي يجري حاليا هو مشروع استراتيجي لدولة فلسطين لحماية الأراضي وتثبيت ملكيتها، وأنه مشروع يجسد حق العودة عبر تسجيل الأراضي بأسماء أصحابها حتى المغتربين أو المهجرين منهم.
وأوضح أن هذا المشروع سينهي آلاف الخلافات التي نشبت بين المواطنين حول ملكيات الأراضي، وسيسهم في التخفيف من القضايا المقدمة أمام المحاكم في مواضيع تتعلق بملكية الأراضي، خصوصا أن 25% من مجمل القضايا التي يجري البت فيها في المحاكم متعلقة بالأراضي.
وقال، إن عملية تسوية الأراضي وتطويبها في الضفة الغربية بدأت بها المملكة الأردنية في خمسينيات القرن الماضي، ولكنها توقفت بعد الاحتلال الإسرائيلي بأمر عسكري من "الإدارة المدنية"، وعند قدوم السلطة الوطنية جرى استئناف عمليات التسوية وكانت تجري في إدارة خاصة تابعة لسلطة الأراضي، لكنها كانت تسير ببطء، لذلك جرى استحداث هيئة خاصة بهذا العمل.
وأضاف انه نظرا لأن دولة فلسطين والقيادة ترى أن الطابو وتسوية الأراضي من المشاريع الاستراتيجية، انطلقت الهيئة قبل سنتين في 22-3-2016، وهي متفرغة لتسوية الأراضي وتسجيلها.
وبين القاضي أن الارض هي جوهر الصراع مع الاحتلال والتسوية، والطابو هو أكثر المشاريع التي يمكن لها أن تحافظ على ملكية الأراضي، لأن الطابو يمنح شهادة ملكية للمواطن والمزارعين والمالكين ليدافعوا به عن أرضهم، والأوراق الموجودة حاليا من سندات للتصرف بالأرض ليست أوراقا ملكية وهي ضعيفة في إثبات الملكية، بينما أوراق الطابو هي أوراق ملكية رسمية لدى كل دول العالم بما فيها دولة الاحتلال، ولا يمكن بعد إصدار شهادات الملكية "الطابو" نزع ملكية شعبنا لأرضه.
ولفت إلى أن سند الملكية الذي يجري منحه للمواطنين يمكن استخدامه في الدفاع عن الأرض أمام أي محكمة كانت حتى أمام محاكم الاحتلال التي يجري عبرها تسهيل تسريب الأراضي.
وأوضح، أن الأرض المسجلة "طابو" لا يجوز بيعها أو شراؤها إلا داخل سلطة الأراضي، وأي بيع خارج سلطة الأراضي باطل ومن يقدم عليه يعاقب جزائيا، فالمواطن لا يستطيع أن يبيع سوى أرضه المسجلة باسمه، وتجري الرقابة والتحكم بالمشتري ولا يمكن أن نوافق على شبر واحد للاحتلال.
وبين القاضي شكارنة، أن مشروع تسوية الأراضي في فلسطين يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية أبرزها تشجيع الاستثمار، فالمستثمرون لا يستثمرون في أراض لم تثبت ملكيتها بعد، كما تسهل الاقتراض والرهن العقاري، فشهادة الطابو هي ضمان للاقتراض، وهو أقوى أنواع الضمانات لدى الجهاز المصرفي الفلسطيني.
وأضاف ان الأراضي غير المسجلة لا تدخل عجلة الاقتصاد ولا يجري بيعها وشراؤها بسهولة، فتسجيلها يمكن أن يحرك عجلة الاقتصاد الوطني، لأن كثيرا ممن يملكون أراضي لا يستطيعون الاستثمار فيها لعدم تسجيلها.
وأوضح أن تسوية الأراضي تقوم بالاعتماد على معايير الميراث الشرعية، فكثير من المواطنين لا يورثون النساء بينما مشاريع الطابو والتسوية تقوم بتسجيل الأراضي بأسماء جميع الورثة حسب الأصول، وحسب حجة حصر الإرث، وأن التسجيل يشمل أيضا المغتربين لإثبات حق المغتربين في أرضهم ويجعلهم يستثمرون في الوطن أيضا في أراضيهم التي لم تكن مسجلة بأسمائهم أصلا، فنحن نجسد حق العودة على الأرض من خلال تسجيل الأراضي بأسماء أصحابها المغتربين الذين فقدوا الكثير من أملاكهم.
أبرز عمليات التسوية
وعن أبرز عمليات التسوية الجارية حاليا، قال القاضي شكارنة إنه يجري حاليا تنفيذ عشرات مشاريع التسوية في مختلف أرجاء الضفة الغربية، ويتجاوز عدد هذه المشاريع قرابة 70 مشروعا في الضفة الغربية، حيث جرى إنشاء 70 مكتبا لهذه المشاريع.
وأضاف انه قبل إنشاء الهيئة لم يجر التسجيل في مناطق "ج"، في حين يجري حاليا تسجيل الأراضي في كل شبر من الضفة الغربية، وأكثر من نصف العمل عندنا يجري في المناطق "ج"، فأي شبر نستطيع الوصول إليه سيجري تسجيله وتسويته.
ولفت إلى أن التسوية تسهم في تطوير التخطيط العمراني، إذ يجري عبرها تخطيط الأراضي وتحديد الطرقات والشوارع أيضا، لاستغلالها بالشكل الامثل، بالاعتماد على صور جوية دقيقة ومخططات دقيقة جدا، كما أن مشروع التسوية والطابو بحسب القاضي شكارنة، يسهم في إعادة الحقوق لأصحابها حتى لو ذهبت معالم تلك الأرض، لأنه يجري التخطيط ضمن إحداثيات مرتبطة بالأقمار الصناعية.
وبين أن أبرز عمليات التسوية تجري حاليا في محيط القدس المحتلة من أجل تسوية جميع الأراضي خصوصا شرق القدس وفي شمال غرب القدس بعد الانتهاء من أعمال التسوية في بلدات كبيرة في محيط القدس مثل بير نبالا، لمنع تسريع الأراضي للاحتلال وتمليك المواطنين وثائق يدافعون فيها عن ملكيتهم لأراضيهم.
التسوية تحظى بدعم كامل من القيادة
وعن حجم الدعم الذي تتلقاه هيئة التسوية وسلطة الأراضي من القيادة، قال القاضي شكارنة، إنه لم يكن بالإمكان لهذه العملية أن تنطلق بهذه السرعة وهذه الفعالية لولا الدعم الكامل واللامحدود من القيادة، وعلى رأسها رئيس دولة فلسطين محمود عباس، ومن رئيس الوزراء رامي الحمد الله.
وأضاف انه خلال العامين الماضيين تم توظيف عدد كبير من الكوادر للعمل في هذا المشروع، ونحن عملنا شراكات مع المواطنين والنقابات حتى القطاع الخاص ومع الهيئات المحلية من أجل تسريع تنفيذ مشاريع التسوية وتثبيت الأراضي بأسماء أصحابها.
وقال، إن إجراءات التسوية غالبا ما تكون طويلة لأنها إجراءات فنية قانونية، لكن المطلوب من المواطن في التسوية أن يرافق فرق المساحة لتحديد أرضه وتحضير الأوراق المطلوبة، وتقديم ادعاءات بحقوقه.
وقال، إنه في العام الماضي تم مسح 283 ألف دونم في مختلف أرجاء الضفة الغربية، وفي هذا العام نأمل أن تتضاعف مساحة الدونمات التي يجري مسحها وتسويتها وتحديد ملكيتها، ونتوقع أنه خلال 5 سنوات سيجري مسح جميع أراضي الضفة الغربية وتسجيلها بأسماء أصحابها بشكل قانون وعصري.
تشكيل لجنة لتنظيم قطاع المساحة في فلسطين
وأوضح القاضي شكارنة ان مهنة المساحة يحكمها نظام المساحة، ولكن هي مهنة مليئة بالفوضى والارتجالية والاجتهادات التي تكن أحيانا خاطئة، لذلك وعبر هذه اللجنة نسعى لعمل دليل للإجراءات وضوابط لمهنة المساحة، وكذلك مسودة قانون لتعديل النظام الحالي المعمول به للمساحين، وهي تابعة لسلطة الأراضي.
وأضاف ان اللجنة تتكون من القطاع العام والجامعات وأهلنا بالداخل وخبراء في موضوع المساحة من أجل تطوير عمل هذه اللجنة وتقديم أفضل الخدمات المتعلقة بالمساحة في فلسطين.
وأضاف ان سلطة الأراضي تعمل على إيجاد بنك لمعلومات الأراضي، وسيصبح لدينا أرشيف وطني لمعلومات الأراضي، بحيث يمكن أن تكون كل أراضينا مسجلة ومؤرشفة، لتصبح معلومات الأراضي متاحة لكل المالكين بسهولة ويسر، وأن أي إجراء يجري على الأرض يعرف بها أصحابها ويصبح المواطن مطمئنا على ملكيته وعلى حقوقه، وهذا يساعد الشركات العقارية على عمل المزيد من المشاريع التي تخدم أبناء شعبنا.