
رام الله-أخبار المال والأعمال- نظم المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء، اليوم الثلاثاء، مؤتمر ومعرض الأبنية الخضراء الثاني، تحت شعار: "صمود ومنعة"، بمدينة رام الله، بحضور ومشاركة واسعة من الخبراء والمختصين بقطاع الأبنية الخضراء، والمسؤولين.
وانطلقت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين متتاليين، باعتباره منصة وطنية مهمة لمناقشة سبل تعزيز مفاهيم الاستدامة في فلسطين، في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتفاقمة، ورغم العدوان المتواصل على شعبنا في قطاع غزة.
ويتضمن المؤتمر جلسات متخصصة، بمشاركة واسعة من المؤسسات والجهات الرسمية، والمؤسسات والشركات المهتمة بالاستدامة وقطاع الأبنية الخضراء وتلك العاملة فيه.
وفي السياق، قال نائب رئيس سلطة جودة البيئة أحمد أبو ظاهر، في كلمته نيابة عن رئيس سلطة جودة البيئة نسرين التميمي، إن شعار المؤتمر "صمود ومنعة" يعبر عن الجهود الحثيثة المبذولة لبناء مجتمع مستدام يمتلك القدرة على مواجهة التحديات العالمية، ولا سيما تلك التي تواجهها فلسطين بشكل خاص في ظل شح الموارد البيئية والطبيعية، وتعاظم التحديات الناجمة عن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مقدرات شعبنا، وتدميره الممنهج لهذه المقدرات، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي نهج الاستدامة كركيزة أساسية للصمود وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وأضاف، أن حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على شعبنا في أرجاء الوطن كافة، وخاصة في قطاع غزة، طيلة عام ونصف عام، ألقت خلالها ما يزيد على 85 ألف طن من المواد المتفجرة، وأدت إلى استشهاد ما يقارب 50 ألف مواطن، أغلبهم من النساء والأطفال، ودمرت البنية التحتية وعناصر البيئة كافة.
وتابع: كما أدت إلى تراكم ما يزيد على 48 مليون طن من الركام الملوث بالمواد الخطرة والملوثات العضوية، وانبعاث كميات هائلة من الغازات تقارب 600 ألف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهذا خلال الأشهر الأربعة الأولى فقط من العدوان.
وأردف، أن أهداف المؤتمر التي تركز على مبدأ إعادة إعمار قطاع غزة، وعرض القوانين والتشريعات التي تعزز الاستدامة، وكذلك تعزيز مفهوم المنتجات والخدمات والأبنية الخضراء، تأتي متسقة مع رؤية سلطة جودة البيئة ومتصلة بالأهداف الإستراتيجية الخمسة لمسودة إستراتيجية سلطة جودة البيئة عبر القطاعية للأعوام (2025-2027).
وأوصى بضرورة تضمين مفاهيم البناء الأخضر والاستدامة خلال عملية إعادة الإعمار في غزة، ما يقلل الأثر البيئي والتغير المناخي، ويحقق الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية ويحد من استنزافها.
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء سري سعادة، إن شعار المؤتمر هذا العام هو انعكاس دقيق للواقع الفلسطيني الذي نعيشه، هو انعكاس لعقود من التجربة والتحدي والصمود، مضيفا أن الصمود في سياقنا الفلسطيني لا يعني فقط الثبات على الأرض، وإنما يمتد ليشمل تمكين المجتمعات، والحلول المبتكرة في مجالات البناء والمناعة والابتكار، وذلك لإيجاد حلول ذكية محلية بأيدي شباب فلسطينيين، واستثمار مواردنا بأقصى طاقة.
وتابع: "انطلقت رؤيتنا بإيمان عميق بأننا نمتلك الطاقة البشرية المهنية، والإرادة للتحول نحو الاستدامة، ولا ننظر إلى حلول من الخارج بل نعمل عليها محليا، وسنشاهد اليوم نماذج ناجحة من وطننا في المدن والطاقة المتجددة، وإعادة الإعمار والتخطيط الأخضر".
وأشار إلى أن الاستدامة ليست رفاهية، بل مسؤولية أخلاقية واقتصادية تجاه مستقبل بلدنا، معربا عن شكره للشركاء والرعاة والداعمين.
إلى ذلك، قال مستشار الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في فلسطين سمير جراد، إن الأهمية الأساسية لهذا المؤتمر عرض مجموعة من القضايا التي تهم المجتمعات في المنطقة العربية ككل، نسعى أن تكون رسالتنا نموذجا تنمويا نحو التنمية المستدامة في فلسطين، وحريصون على متابعة المشروع التنموي.
وأعرب عن أمله ألا يكون هذا المشروع الوحيد في فلسطين حول هذا الموضوع المهم، ورؤية مشاريع أخرى تتناول كل القضايا حول الاقتصاد الأخضر، من مشاريع شبابية ريادية، خاصة أننا نعطي في الصندوق أولوية قصوى لتطوير الأعمال الريادية للشباب وتبنّيها.
وتطرق إلى قضية الطاقة المتجددة في الهيئات المحلية، داعيا الحكومة إلى الانتباه إلى هذا الموضوع والعمل على تبنّيه وتطويره والتركيز عليه، معبرا عن تمنياته للمؤتمر بالنجاح والخروج بتوصيات محددة تساعد على التوجه وتحديد المسار الصحيح.
من جهتها، قالت رئيسة التعاون في القنصلية البلجيكية تينا تينديمانز، إن هناك تحديات كثيرة يواجهها الجميع في قضية الأبنية، لذلك نحن اليوم هنا لتسليط الضوء على هذا الموضوع، مشيرة إلى أن بلجيكا كانت دوما مشاركة في نشاطات في فلسطين.
وأكدت دعم بلادها لفلسطين خلال المؤتمرات المناخية، وبرنامج التنمية الحالي الذي يتضمن منهجا أخضر نحو الاستدامة، وندعم الجهود والاستثمار في المواضيع من خلال تحسين جودة الحياة والموارد الطبيعية، وإعادة استخدامها، وإدارة النفايات، وكلها أسس من أجل العدالة والبيئة.
وأشارت إلى أن حكومة بلجيكا تدعم كل ذلك من خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، ووكالة التنمية البلجيكية ENABEL، ونحن ملتزمون بتطوير الخبرات والتحول البيئي ودعم البلديات، من خلال المجالس المشتركة، وتطبيق معايير بناء الطاقة، وجهود إعادة الإعمار، عبر بناء مساحات خضراء في المناطق المختلفة في الضفة وغزة، وأن تكون منيعة من أجل ضمان الكرامة لمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني وتعزيز الصمود، وصولا إلى الاستدامة.
من جانبها، قالت مديرة المشاركة والتنفيذ في المجلس العالمي للأبنية الخضراء دومينيكا تشيروينسكا عبر منصة "زوم"، إن المجلس يسعى لمستقبل أفضل والوصول إلى مدن صحية ومستدامة، وأبنية منيعة وخالية من التلوث الكربوني على كوكب الأرض، وبناء مجتمعات بيئية من خلال الأنشطة المختلفة وتطبيق الحلول.
وأضافت، أن هناك أكثر من 75 مجلس بناء أخضر في العالم، تحاول تخفيض الانبعاثات الكربونية، لحماية الإنسان من الانبعاثات والتغيرات المناخية، في ظل وجود فقر في الطاقة.
وتابعت، أن المجلس يركز على الوصول إلى بيئة خالية من الكربون وإيجاد موارد طاقة قليلة التكلفة، ووضع خرائط طرق في مجال الطاقة، وتقديم المناصرة العالمية ودعم السياسات والمعايير، من أجل الحد من التأثيرات السلبية والعمل مع الحكومات المحلية على دعم المعايير التي تقود أجندتنا من أجل وضع مبادئ أساسية تكون مناسبة لرسالة المجلس.
من ناحيته، قال مدير دائرة الائتمان في بنك فلسطين حنا سحّار، إن المساهمة في دعم هذا المؤتمر تأتي انسجاما مع أهداف التنمية والاستدامة التي تبنتها ضمن إستراتيجية تتحقق عبر مجموعة من السياسات والإستراتيجيات والأنشطة الجديدة، من بينها؛ تمويل المشاريع الخضراء، وحماية الموارد الطبيعية من مخاطر التلوث ومسبباته، بما يضمن الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، وتقليل النفايات، والحد من التلوث البيئي، وزيادة عمر المبنى إلى أقصى حد.
وأضاف: "حرصت مجموعتنا على تبني نهج الاستدامة في عملياتها المصرفية والمالية كافة، وما زالت من المؤسسات المالية القليلة السباقة في دعم مختلف القطاعات الاقتصادية، والتنموية، والبيئية المستدامة، والتزمت المجموعة بمواصلة العمل على تقييم أدائها نحو الاستدامة بشفافية ومصداقية عبر تقارير الاستدامة الدورية".
وأقيم على هامش المؤتمر، معرض مرافق يوفر بيئة لعرض الجوانب العملية والتجارية ذات العلاقة بالبناء الأخضر من مواد بناء وأجهزة وخدمات وأعمال هندسية، وتوظيف لتكنولوجيا المعلومات، باعتبارها أمثلة حية على تعزيز سوق البناء الأخضر ومتطلباته. وقد وفر المعرض متسعا للمبادرات الريادية في هذا المجال.
وتخلل اليوم الأول من المؤتمر عدد من الجلسات، الجلسة الأولى بعنوان: "مدن مستدامة ومنيعة"، والجلسة الثانية بعنوان: "الترميم وإعادة الإعمار، أما الجلسة الثالثة وهي حلقة نقاش فهي بعنوان: "التمويل الأخضر والمنح وإعادة الإعمار".
وتُعقد في اليوم الثاني جلسة تستعرض الأبحاث ودراسات الحالة، ومن ثم إجراء مسابقات بين طلبة الجامعات.