الخليل-(الحياة الجديدة-ميساء بشارات)- استطاع الشقيقان خالد وجمال أبو صبحة من بلدة يطا جنوب الخليل، تحويل التحديات إلى فرص، حيث قررا زراعة (12) دونما من الفراولة، بعد أن أُغلقت أمامهم أبواب العمل في أراضي الـ48، وأجبرا على التوقف عن العمل.
الشقيقان خالد وجمال عاشا قصصا طويلة في عالم الزراعة، حيث أمضى خالد البالغ من العمر (60 عاما) أربعين منها في زراعة الحمضيات، بينما تخصص جمال في زراعة الفراولة، في مدينة الخضيرة لمدة ثلاثين عاما، وكان يزرع مساحات واسعة تزيد عن (40) دونما.
العمل في داخل أراضي الـ48 لسنوات طويلة، كان يوفر لهما مصدر رزق عائلاتهم، ولكن مع المنع الذي فرض بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 على دخول العمال إلى الداخل، وجد الشقيقان نفسيهما في مواجهة أزمة معيشية.
يتجول خالد وحوله عدد من العمال في المزرعة بين ثمار الفراولة، قائلا: "كنا نقضي أيامنا في العمل بجد في الداخل لتأمين لقمة العيش، ولكن عندما أصبحت العودة مستحيلة، ولدينا أنا واخي جمال عائلات، قررنا أن نستثمر في أرضنا التي ظلت لسنوات دون استغلال".
ويتابع: "فكرنا بماذا سنعمل، وقرر أخي جمال نقل خبرته في العمل بالفراولة في الداخل إلى هنا، خاصة انه يعرف جيدا كيف يتعامل مع هذه النبتة من ألفها إلى يائها، وبدأنا بتنظيف الأرض التي ورثناها عن والدنا والتي كانت متروكة وغير مستثمر فيها، وقمنا بتنظيفها وفلاحتها وتجهيزها للزراعة".
وفي البداية، زرع الشقيقان قطعة صغيرة من الأرص بالفراولة كاختبار، وعندما نجحت قررا التوسع بالمشروع. يقول خالد: "الفراولة التي نزرعها صحية وعضوية تماما، لا نستخدم أي مواد كيميائية، وهذا جذب الكثير من الطلب على منتجنا من مختلف المحافظات".
ويوضح خالد أن البداية لم تكن سهلة، حيث واجها وما زالا تحديا كبيرا يتمثل في نقص المياه وارتفاع تكلفتها.
يقول لـ"الحياة الجديدة": واجهنا صعوبة كبيرة عند تطبيق الفكرة تتمثل في السعر المرتفع للمياه وخاصة أن الفراولة روحها المياه، وتحتاج إليها كثيرا، لكن بإصرارنا نفذنا المشروع، واضطررنا حتى الآن لشراء مياه بقيمة (70) ألف شيقل لتغطية احتياجات (12) دونما فقط.
ويوضح أن تكلفة زراعة الدونم الواحد من الفراولة تحتاج إلى (30) ألف شيقل تقريبا، وإلى الآن تم دفع ما يقارب الـ(70) ألف شيقل أثمانا للمياه.
ويتابع: "لم نستسلم، واليوم باتت الأرض من مهملة إلى مزهرة بمحصول الفراولة ومصدر دخل للعائلتين، حيث نعتمد على البيع المحلي والتوزيع في الأسواق القريبة".
ويعمل في المشروع إلى جانب خالد وجمال خمسة عمال، بالإضافة إلى أفراد العائلة. ويستخدمون تقنيات مثل تغطية الأرض بأسلاك دائرية ونايلون لحماية المحصول.
ويقول خالد: "هناك حوالي (15) دونما أخرى حولنا، ونخطط لتوسيع المشروع وتشغيل المزيد من الأيدي العاملة إذا توفرت المياه".
ورغم البداية المترددة بسبب نقص المياه، يعبّر خالد عن تفاؤله بالمستقبل: "الحمد لله، نجحنا في الخطوة الأولى، الآن نفكر في تطوير المشروع وزراعة المزيد من الدونمات".
ويأمل خالد أن تكون تجربتهما مصدر إلهام للشباب الباحثين عن عمل في استصلاح الأرض واستثمارها، فالأرض رمز للعطاء وكنز لمن يجيد استخدامها.
وقبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان هناك حوالي (178) ألف عامل فلسطيني يعملون في إسرائيل والمستوطنات، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، ويرتفع العدد إلى أكثر من (200) ألف عامل، حسب تقديرات اتحاد نقابات عمال فلسطين.