ما هو الفرق بين الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق؟

Publishing Date

رام الله-أخبار المال والأعمال- تغير المناخ، والتلوث، وفقدان الموارد الطبيعية، وعدم المساواة الاجتماعية، والتفاوت في الدخل، والمجاعات، والأزمات المالية - كلها قضايا ملحة تواجهها البلدان في جميع أنحاء العالم حاليًا بطريقة أو بأخرى.

وأصبحت الحاجة الملحة لمعالجة كل هذه الأمور العالمية محور التركيز في العقد الماضي، خاصة بسبب خطة عمل الأمم المتحدة المكونة من 17 هدفًا للتنمية المستدامة، والتي تهدف إلى خلق عالم أكثر استدامة ومساواة بين السكان والبيئة.

لسنوات عديدة، حاولت الحكومات التغلب على هذه الصعوبات، وكان يُنظر إلى العامل الاقتصادي، باعتباره المحرك الذي يدفع البلدان إلى الثروة والازدهار، على أنه طريق محتمل لتحقيق الاستدامة والتوازن العام بين الطبيعة والإنسان.

لذلك، من أجل التوفيق بين فكرة أن الاقتصاد يمكن أن يوفر لمواطنيه الرفاهية بالإضافة إلى حماية البيئة، تم تقديم مفاهيم الاقتصادات "الزرقاء" و"الخضراء" وتبنيها فيما بعد من قبل البلدان في جميع أنحاء العالم.

على الرغم من أننا قد نعتقد أن "الاقتصاد الأزرق" يقتصر على المحيط والنظام البيئي البحري - تمامًا كما قد نفترض افتراضًا مشابهًا حول الاقتصاد الأخضر - فإن هذا ليس هو الحال.

الفكرة وراء هذه الاقتصادات هي أن تقوم البلدان والشركات بإنشاء نماذج أعمال جديدة تستفيد من الموارد الطبيعية وتقلل من الهدر وسوء الإدارة إلى الحد الأدنى لتلبية احتياجات الجميع على نطاق عالمي، مع السعي في نفس الوقت إلى حماية الموارد الطبيعية لكوكبنا.

ماذا يعني الاقتصاد الأخضر؟

تمت صياغة مفهوم الاقتصاد الأخضر لأول مرة في عام 1989 في تقرير بتكليف من مجموعة من الاقتصاديين البيئيين لحكومة المملكة المتحدة.

وقد ارتبط التعريف إلى حد كبير بمصطلح "التنمية المستدامة" ومشاركته في السياسات والممارسات الاقتصادية.

وفي وقت لاحق، بينما كانت الحكومات تبحث عن طرق للفرز ما بين أزمات الطاقة والغذاء والأزمات المالية العالمية، تم توسيع نطاق هذا الاقتصاد ليشمل ليس فقط السياسات البيئية لدولة واحدة، ولكن للتعامل مع القضايا العالمية مثل تغير المناخ وإزالة الغابات وحرائق الغابات وتلاشي طبقة الأوزون وما إلى ذلك.

وقد عرّفت الأمم المتحدة الاقتصاد الأخضر بأنه "منخفض الكربون، يتسم بالكفاءة على مستوى استخدام الموارد، ويحقق الشمول الاجتماعي".

وفي هذا النوع من الاقتصاد، يكون النمو في التوظيف والدخل مدفوعًا بالاستثمار العام والخاص في مثل هذه الأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية والأصول التي تسمح بتقليل انبعاثات الكربون والتلوث وتعزيز كفاءة الطاقة والموارد ومنع فقدان التنوع البيولوجي وخدمات النظام البيئي.

يعمل الاقتصاد الأخضر على مستوى الاقتصاد الكلي ويسعى جاهداً نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام عن طريق التركيز على إدارة الموارد والاستثمارات، ومعدلات التوظيف، والتضخم.

ولتحويل القطاعات الاقتصادية المختلفة إلى اقتصاد أخضر، سيكون من الضروري تطوير أدوات وسياسات، فضلاً عن تعزيز اللوائح والمعرفة، على المستويين الوطني والإقليمي.

وسيؤدي الاقتصاد الأخضر الناتج إلى تحسين رفاهية الإنسان والعدالة الاجتماعية، وفي نفس الوقت يقلل بشكل كبير من المخاطر البيئية والندرة البيئية والاستنزاف.

ما هو الاقتصاد الأزرق؟

ينبع مفهوم "الاقتصاد الأزرق" أو "اقتصاد المحيط" من فكرة ربط مفاهيم الحماية والاستدامة، هذه المرة فقط فيما يتعلق بالمحيطات والمخلوقات البحرية التي تعيش فيه.

وظهر المصطلح لأول مرة في عام 2012 في مؤتمر للأمم المتحدة حول التنمية المستدامة في البرازيل، حيث كان الشاغل الرئيسي هو الحاجة إلى إنشاء اقتصاد مستدام، وكذلك الحاجة الملحة إلى منع المزيد من تدهور البيئة.

ووفقًا لمنظمة اليونسكو، فإن مفهوم الاقتصاد الأزرق "يسعى إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاندماج الاجتماعي والحفاظ على سبل العيش أو تحسينها مع ضمان الاستدامة البيئية للمحيطات والمناطق الساحلية في نفس الوقت".

هذا يعني أنها موجهة بشكل أساسي نحو استدامة المحيط وأي مسطح مائي رئيسي، حيث إنها مصدر غذاء الإنسان والحيوان.

تتمثل الأهداف الرئيسية للاقتصاد الأزرق في التعرف على قيمة رأس المال الأساسي كأساس لبيئة بحرية صحية، وللحفاظ على النمو، وكذلك تعزيز الأعمال والوظائف المرتبطة بالمناطق البحرية.

ويجب أن يشجع الاقتصاد الأزرق أيضًا المصادر البديلة للطاقة المتجددة، وإدارة وتعزيز كفاءة الموارد والتعامل مع قضايا الندرة، ومرافقة هذه الأهداف بالمعدات التقنية والمعرفة اللازمة لتحقيقها.

ويتعلق الاقتصاد الأزرق بالقطاعات الاقتصادية التي تمارس أنشطة في المحيطات والمياه الداخلية.

وتشمل هذه الأنشطة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية والملاحة والأمن البحري والتعدين والنفط والغاز والطاقة المتجددة. لذلك من المهم إدخال سياسات وممارسات مستدامة في هذه القطاعات لأنها الأكثر تأثيراً بصورة مباشر على النظم البيئية البحرية.

الفرق بين الاقتصاد الأزرق والأخضر

باختصار، الاقتصاد الأزرق والأخضر مفهومان لهما نفس الهدف النهائي: جعل العالم مكانًا أكثر استدامة لكل من الكائنات الحية والبيئة.

ويكمن الاختلاف الرئيسي بينهما في مجال عملهما، رغم أنهما لا يقتصران عليه، فالاقتصاد الأزرق يركز على رعاية المحيط وسكانه والوظائف المرتبطة به، بينما سيركز الاقتصاد الأخضر على الموارد الطبيعية للأرض والتأكد من وفرتها وتلبية احتياجات السكان.

وباعتبارهما ركيزة مهمة لرفاهية أي بلد، فإن هذين الاقتصادين هما المفتاح لضمان بيئة آمنة ومستدامة ومتساوية للناس، كما أنهما أيضًا الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه للحفاظ على موارد العالم، ومنع البشر بشكل فعال، من أي إجراءات تضر الكوكب وتلوثه.

المصدر: CNBC عربية