ما الذي يدفع الدول لتقليل الاعتماد على الدولار؟

Publishing Date

بكين-أخبار المال والأعمال- هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مؤخرا، بفرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على دول مجموعة "بريكس"، إذا "ابتعدت" عن استخدام الدولار الأميركي.

ومثل هذه التهديدات تعكس قلقا أميركيا عميقا بشأن تراجع الثقة العالمية في النظام المالي العالمي القائم على الدولار، إضافة إلى مقاومة واشنطن للتكيف مع النظام العالمي المتغير ومحاولتها للحفاظ على هيمنتها من خلال وسائل قسرية.

على مدى عقود، منح الدولار واشنطن مزايا لا مثيل لها، من انخفاض تكاليف الاقتراض إلى النفوذ للتأثير على دول أخرى من خلال مؤسسات بريتون وودز (اتفاقية بريتون وودز للعام 1944)، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

إلا أن الأمور بدأت تتغير مع تزايد تشكيك الدول، لا سيما في الجنوب العالمي، في عدالة واستدامة النظام الذي يهيمن عليه الدولار.

وأثار الاستقطاب السياسي وسياسة حافة الهاوية المتكررة حول سقف الدين الفيدرالي شكوكا جدية حول استقرار الحوكمة الأميركية. فمنذ الحرب العالمية الثانية، رفعت واشنطن سقف ديونها أكثر من 100 مرة، وهو مؤشر واضح على سوء الإدارة المالية الذي يزعزع استقرار الأسواق العالمية.

وحقيقة، هذه تشكل أخبار سيئة بالنسبة للاقتصاد العالمي الذي ما يزال يكافح من أجل التعافي، لأن مشكلة الديون الأميركية المزمنة تثير شكوكا هائلة في الأسواق العالمية.

وكما أشار مقال رأي نشرته وكالة "بلومبرغ" للأنباء، فإن "نفوذ أميركا على الاقتصاد العالمي بات يتآكل بسبب سياساتها التي تلحق الضرر بنفسها، مع تسبب المواجهات الخطيرة حول سقف الديون في فرض تدقيق متجدد في المكانة البارزة للدولار في التجارة والتمويل العالميين".

ومما يزيد من تآكل الثقة، فرض واشنطن العقوبات الاقتصادية بطريقة متهورة. فمن خلال استخدام الدولار كسلاح، وكذلك النظام المالي العالمي القائم عليه، دفعت واشنطن الكثير من الدول إلى تنويع احتياطياتها.

وأثار تنمر واشنطن بالفعل ردود فعل عكسية عالمية، حيث تسعى العديد من الدول جاهدة إلى بناء أنظمة مالية محصنة من التدخل الأميركي.

ويبحث المزيد من الدول عن بدائل لنظام "سويفت"، وإنشاء خطوط مقايضة عملات ثنائية يمكنها من خلالها تجاوز الدولار في التعاملات المباشرة بين عملاتها الخاصة.

وبدلا من الانخراط في حوار هادف وإصلاح نظام معيب، ردت واشنطن بالتهديد والترهيب كما فعلت في قطاعات أخرى مثل التجارة والتكنولوجيا المتقدمة. وفي الواقع، فإن تهديد ترامب الصريح للجنوب العالمي سيؤدي فقط إلى تعزيز إدراك المزيد من الدول للمخاطر المرتبطة بممارسة سيادتها الاقتصادية المشروعة ضمن نظام مالي عالمي قائم على الدولار يزداد هشاشة.

وبما أن التعددية القطبية هي موجة المستقبل في العالم، يتعين على الولايات المتحدة أن تختار العمل مع الدول الأخرى لتحسين النظام المالي العالمي، بدلا من السعي لتحقيق مصالحها الذاتية المطلقة على حساب البقية. وختاما، فإن واشنطن نفسها هي مَن يجب أن يُلام على تراجع مصداقية الدولار.

المصدر: شينخوا