مخاوف أميركية جديدة من إقدام سموتريتش على عزل البنوك الفلسطينية

Publishing Date
وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش-تصوير وكالات

رام الله-أخبار المال والأعمال- صرح مسؤولان أميركيان لموقع Axios بأن إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بقلق بالغ من قيام وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بفصل البنوك الفلسطينية عن النظام المالي الإسرائيلي الشهر المقبل والتسبب في انهيار اقتصادي في الضفة الغربية المحتلة.

وأشار الموقع الأميركي في تقرير نشره اليوم الجمعة، إلى أن انهيار النظام المصرفي الفلسطيني يمكن أن يؤدي إلى إسقاط السلطة الفلسطينية، مما يخلق فراغا في السلطة يمكن أن يلقي بالضفة الغربية في حالة من الفوضى ويؤدي إلى تفاقم الصراع في المنطقة.

وأضاف الموقع أن سموتريتش، وهو مستوطن قومي متطرف مناهض للفلسطينيين، اتخذ العديد من الخطوات على مدى العامين الماضيين لإضعاف السلطة الفلسطينية كجزء من أيديولوجيته المتمثلة في ضم الضفة الغربية. ووصف سموتريش السلطة الفلسطينية بأنها تهديد لإسرائيل، وقال إن "حماس" تمثل رصيدا لأن دعمها أدى إلى تقسيم سلطة الحكم الفلسطينية ويقلل من فرص إقامة دولة فلسطينية.

وتابع أن منصبي سموتريش كوزير للمالية ووزير في وزارة الجيش مسؤول عن الإدارة المدنية في الضفة الغربية تمنحه تأثيرًا كبيرًا على سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

ويتمتع سموتريتش بصلاحية السماح للبنوك الإسرائيلية بإجراء معاملات مالية مع البنوك الفلسطينية دون التعرض لخطر الاتهام بغسل الأموال وتمويل الإرهاب. ودون هذه الموافقة، سيتم عزل البنوك الفلسطينية عن النظام المالي الإسرائيلي وستنهار.

وفي حزيران/يونيو هدد سموتريتش بعدم تمديد التفويض للبنوك الإسرائيلية العاملة مع البنوك الفلسطينية. وسمح له التهديد بالضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للموافقة على آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وإضفاء الشرعية على خمس بؤر استيطانية غير قانونية (بحسب القانون الإسرائيلي).

في المقابل، مدّد سموتريش التفويض المصرفي لأربعة أشهر، بدلاً من سنة واحدة كما فعل أسلافه.

وقال مسؤولون أميركيون إن تفويض المراسلات المصرفية سينتهي في 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وتشعر الولايات المتحدة والعديد من حلفائها بالقلق من أن سموتريتش لن يقوم بتمديده.

وقال مسؤول من إحدى دول مجموعة السبع إنه خلال اجتماع عقد في الأسابيع الأخيرة لمسؤولي الخزانة والمالية من حكومات دول مجموعة السبع، أثارت الولايات المتحدة مخاوفها بشأن سموتريتش والبنوك الفلسطينية.

وقال المسؤول إن "الولايات المتحدة حذرت من أنه إذا تم عزل البنوك الفلسطينية عن البنوك الإسرائيلية، فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار الضفة الغربية بشكل كبير وخلق تصعيد عنيف قد يمتد إلى إسرائيل".

وأضاف أن الضفة الغربية ستتحول إلى "اقتصاد نقدي" يمكن أن تستفيد منه "المنظمات المسلحة" التي تستخدم النقد إلى حد كبير في عملها.

وتابع أنه "إذا تم إضعاف قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية بشكل أكبر، فلن تكون قادرة على محاربة الإرهاب"، حسب زعمه.

وأشار إلى أن انهيار النظام المصرفي سيكون مدمرا للمجتمع الفلسطيني بأكمله وسيقلل من وصول المدنيين الفلسطينيين إلى الغذاء والخدمات الأساسية.

بدوره، قال مسؤول أميركي إنه في الأسابيع التي تلت الاجتماع، أعربت إدارة بايدن وحلفاؤها في مجموعة السبع عن مخاوفهم للحكومة الإسرائيلية وشددوا على مخاطر مثل هذا الوضع على أمن إسرائيل.

وقال مسؤول مجموعة السبع إن الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع الأخرى لا تتعامل مع سموتريتش بشكل مباشر بسبب آرائه المتطرفة. وقد فكرت الولايات المتحدة في فرض عقوبات على سموتريتش بسبب أفعاله المزعزعة للاستقرار في الضفة الغربية.

وقالت المصادر إنه تم نقل الرسالة بدلا من ذلك إلى وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ونتنياهو نفسه.

وقال مصدران للموقع، إنه قبل الموعد النهائي في تشرين الأول/أكتوبر، وضع سموتريش شروطًا فنية تركز على مراجعة طرف ثالث للنظام المصرفي الفلسطيني كشرط لتمديد التفويض لمدة عام واحد.

لكن إدارة بايدن وحلفائها في مجموعة السبع يشعرون بالقلق من أنه عندما يقترب الموعد النهائي ويتم استيفاء شروط سموتريتش، فإنه سيطرح "مطالب جديدة لا علاقة لها بالعمل المصرفي بل تتعلق بشكل كبير بتوسيع المستوطنات" في الضفة الغربية. بحسب المسؤول في مجموعة السبع.

وقال المسؤول: "هدفنا هو أن نوضح أن مثل هذا السلوك لا يعرض الاستقرار في الضفة الغربية للخطر فحسب، بل يعرض أمن إسرائيل أيضا للخطر.

ولم يستجب مكتب سموتريش لطلب التعليق.

وتقدم الحكومة الإسرائيلية رسالتي ضمانات لبنكي "هبوعليم" و"ديسكونت" الإسرائيليين، اللذان يتوليان مهمة المراسلة بين البنوك الفلسطينية مع نظيراتها في إسرائيل والدول الأخرى.

والرسالة الأولى من وزارة "العدل" تعطيها حصانة من أي دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة "تمويل الإرهاب" جراء تعاملها مع البنوك الفلسطينية، والثانية من وزارة المالية تلتزم فيها بتعويض البنوك الإسرائيلية عن أي غرامات قد تتكبدها نتيجة دعاوى ترفع ضدها في دول أخرى جراء تعاملها مع البنوك الفلسطينية.

ومن شأن إنهاء الضمانات الممنوحة للبنكين الإسرائيليين شل النظام المصرفي الفلسطيني، وبالتالي الاقتصاد الفلسطيني، لكنه في نفس الوقت يوجه ضربة شديدة للبنوك ولاقتصاد إسرائيل.

وتجري تعاملات مالية بين البنوك الفلسطينية والإسرائيلية بمليارات الشواقل شهريا، وتشمل تحويل عائدات المقاصة (حوالي مليار شيقل) ومستحقات العمال الفلسطينيين في الاقتصاد الإسرائيلي (حوالي 1.5 مليار شيقل)، وأثمان السلع المتبادلة بين الجانبين، حيث تشكّل الواردات من إسرائيل حوالي 60% من الواردات الفلسطينية، فيما تشكّل الصادرات أكثر من 80% من إجمالي الصادرات الفلسطينية، ما يعني أن وقف التعامل مع البنوك الفلسطينية سيشكّل ضربة قاسية للمصدّرين الإسرائيليين.

كذلك، فإن العملة الإسرائيلية (الشيقل) هي العملة الرئيسية المتداولة في الأراضي الفلسطينية.

وتخشى إسرائيل من أن وقف التعامل مع البنوك الفلسطينية سيحد من حضور الشيقل في الاقتصاد الفلسطيني، وقد يدفع السلطة الوطنية إلى التعامل بعملة أخرى، وربما يدعم طموحها في إصدار عملة وطنية.

بدورها، أكدت سلطة النقد، أن الجهاز المصرفي الفلسطيني يدير مخاطره بكفاءة واقتدار، وأنها والمصارف تتخذ إجراءات تحوطية واستباقية لمواجهة المخاطر المحتملة.

وقالت سلطة النقد في بيان صدر عنها في 23 أيار/مايو الماضي، إن المصارف الفلسطينية تلعب دور الوسيط في التجارة البينية مع الجانب الإسرائيلي، وأن قطع العلاقة المصرفية المراسلة سيكون له أثر سلبي على الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي، وأيضًا على العلاقات التجارية.

وأضافت أنها "تعمل مع الجهات الفلسطينية المختصة وأطراف دولية عديدة للحفاظ على العلاقة المصرفية لتسهيل إجراءات التبادل التجاري وتسديد أثمان السلع والخدمات، ومنع أزمة إنسانية قد تقع نتيجة أي إجراء أحادي الجانب".

وأشارت إلى أن الجهاز المصرفي الفلسطيني يحتفظ بعلاقات مصرفية مراسلة مع شبكة واسعة من البنوك حول العالم تؤهله ليبقى مستمرا في تقديم الخدمات للمواطنين محليا وعالميا، مؤكدةً أن "العلاقات المصرفية مع العالم الخارجي لن تتأثر في كل الحالات".

ونوهت إلى أنها تنشر وبشكل دوري المؤشرات المالية والمصرفية حول أداء القطاع المصرفي الفلسطيني، وتدل المؤشرات كافة على متانته وقدرته على التعامل مع الأزمات المختلفة على النحو الذي ينفي الإشاعات والادعاءات الهادفة إلى زعزعة الثقة بالجهاز المصرفي الفلسطيني.