رام الله-أخبار المال والأعمال- قالت وكيلة وزارة الاقتصاد الوطني منال فرحان إن إجمالي خسائر الاقتصاد الفلسطيني نتيجة توقف عجلة الإنتاج في قطاع غزة، وتداعيات العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية تقدّر بنحو مليارين و300 ألف دولار منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر 2023.
وأضافت في حوار مع "الجزيرة نت" أن إجمالي عدد المنشآت التي توقفت عن الإنتاج أو تراجع إنتاجها خلال العدوان تجاوز 80 ألف منشأه، في وقت قُدّر فيه عدد العاطلين عن العمل بنحو 651 ألفا.
وفيما يلي نص الحوار مع وكيلة وزارة الاقتصاد، الذي تناول -أيضا- تأثير الحرب في وفرة المواد الغذائية وأسعارها، واستمرار احتجاز الاحتلال لأموال الضرائب الفلسطينية، منذ بدء العدوان.
تقديرات أولية
بداية هل من تقديرات أولية لخسائر قطاع غزة وفلسطين عموما، جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023؟
تُقدّر قيمة خسائر فلسطين خلال العدوان الاسرائيلي المستمر (تشرين الأول/أكتوبر- كانون الأول/ديسمبر 2023) بنحو مليارين و300 ألف دولار، نتيجة توقف شبه تام في عجلة الإنتاج لقطاع غزة وتداعياتها على الضفة الغربية، بما يعادل حوالي 25 مليون دولار يوميا، باستثناء الخسائر المباشرة في الممتلكات والأصول.
وما القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الأكثر تضررا من الإجراءات الإسرائيلية؟
تراجعت القيمة المضافة لكل النشاطات الاقتصادية في فلسطين خلال الربع الرابع الأخير من 2023 مقارنة بالربع المماثل من 2022.
فقد سجل نشاط الإنشاءات أعلى نسبة تراجع وصلت إلى 39% (27% في الضفة الغربية، 96% في قطاع غزة)، تلاه نشاط الزراعة بنسبة 38% (12% في الضفة الغربية، 93% في قطاع غزة)، ثم نشاط الخدمات بنسبة 33% (21% في الضفة الغربية، و77% في قطاع غزة)، ونشاط الصناعة بنسبة 28% (24% في الضفة الغربية، و92% في قطاع غزة).
ونتيجة لذلك، تراجعت النشاطات الاقتصادية في فلسطين على أساس سنوي خلال 2023 بأكمله مقارنة مع 2022، حيث سجل نشاط الإنشاءات أعلى تراجع بنسبة وصلت إلى 12%، تلاه نشاطي الزراعة والصناعة بنسبة 8%، ونشاط الخدمات بنسبة 6%.
تضرر 80 ألف منشأة
في الضفة الغربية، كيف أثرت الإغلاقات الإسرائيلية في عجلة الاقتصاد والمنشآت الاقتصادية، بما في ذلك الشركات التي تعثرت أو أعلنت إفلاسها؟
نتيجة تداعيات العدوان؛ فإن حوالي 29% من منشآت الضفة الغربية تأثر إنتاجها بالتراجع، أو التوقف عن الإنتاج بواقع 35 ألف منشأه.
بينما توقفت معظم منشآت قطاع غزة عن ممارسة نشاطها الاقتصادي؛ نتيجة الدمار الجزئي أو الكلي في المنشآت ليتجاوز إجمالي عدد المنشآت التي توقفت عن الإنتاج، أو تراجع إنتاجها 80 ألف منشأه في فلسطين.
ونتيجة العدوان الإسرائيلي، فمن المتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6% في 2023.
كما تسببت إجراءات العدوان بتراجع أداء نحو 80% من المنشآت الاقتصادية، بينما تعاني 75.6% من المنشآت من صعوبة التنقل وتوزيع البضائع بين محافظات الضفة الغربية.
فقدان السيولة النقدية
ما خطط الحكومة لمواجهة البطالة المتزايدة، خاصة مع منع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم في إسرائيل؟ وأي أثر تركه هذا القطاع في اقتصاد الضفة؟
تواجه الحكومة حصارا ماليا واقتصاديا تسبب في عدم تمكنها من الإيفاء بالتزاماتها، وتحديدا دفع رواتب الموظفين العمومين، ومستحقات القطاع الخاص.
وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 651 ألف عاطل عن العمل في فلسطين، منهم 393 ألفا في قطاع غزة، و258 ألفا في الضفة الغربية.
ومن المتوقع أن تصل نسبة البطالة إلى 30% في 2023 صعودا من 24% في 2022، ولذا تبذل الحكومة جهودا كبيرة لتصميم برامج تمكّن العمال -على وجه الخصوص- من إنشاء مشروعات صغيرة خاصة في القطاع الزراعي.
لا بد هنا من الإشارة إلى أن السوق الفلسطيني يفقد شهريا أكثر من 250 مليون شيقل (67 مليون دولار)؛ جراء عدم تمكن العمال من العمل في الداخل الفلسطيني (أراضي 48)، وهذا تسبب في فقدان أحد مصادر السيولة النقدية في السوق، وتراجع حاد في القوة الشرائية.
إمدادات الغذاء
على صعيد المواد الغذائية، كيف أثرت الحرب والإجراءات الإسرائيلية في وصولها لمواطني الضفة؟
تركزت المشكلات -خاصة في الشهر الأول من العدوان- على حجز جزء من البضائع في المواني الإسرائيلية، وزيادة مدة التفتيش والفحص الأمني، مما ترتب عليه تكاليف إضافية في التخزين أو بدل أرضيات، إضافة إلى تحويل جزء من البضائع من ميناء أسدود إلى ميناء حيفا، وأسهم هذا في زيادة تكلفة النقل.
بالإضافة إلى ما سبق ارتفعت قيمة التأمين البحري، ووصل متوسط الارتفاع في تكاليف النقل 15% مقارنة مع الوضع ما قبل العدوان، في حين أن متوسط الارتفاع في تكاليف الأرضيات والتخزين بلغ 22%، مقابل ارتفاع بنسبة 57% في تكاليف التأمين، وتسبب كل ذلك بمشكلات لـ60% من مستوردي المواد الغذائية في عملية الاستيراد من دول العالم.
وأود هنا الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال تفرض حصارا على مدن الضفة الغربية، وتسببت إجراءاته في تقطيع أوصالها وصعوبة حركة الأشخاص والبضائع بين مختلف المحافظات، ومن ثم فإن أغلب المستوردين يواجهون مشكلات في عملية التوزيع؛ نتيجة لتلك الإجراءات، كإغلاق الطرق وإقامة الحواجز، واقتحام المدن والتجمعات الفلسطينية.
كما تعرضت المركبات التجارية للعديد من الهجمات الإرهابية من المستوطنين، أثناء عملية نقل البضائع وتوزيعها بين محافظات الضفة.
وزارة الاقتصاد وبالتنسيق مع القطاع الخاص وكبار المستوردين، حافظت على تدفق السلع وسلسلة الإمدادات للمواد الغذائية للسوق، وزيادة كمية المواد المستوردة للمواد الغذائية، حيث أصدرت الوزارة أكثر من 5 آلاف رخصة استيراد على مدار 3 أشهر(تشرين الأول/أكتوبر-كانون الأول/ديسمبر 2023).
اقتطاعات المقاصّة
في 8 كانون الثاني/يناير الحالي، أعلن رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية أن إسرائيل حسمت خلال كانون الأول/ديسمبر الماضي 517 مليون شيقل (نحو 138 مليون دولار) من أموال المقاصة التي بلغت 750 مليون شيقل (نحو 200 مليون دولار) للشهر الثاني على التوالي، فرُفضت، ما تأثير الاحتجاز والاقتطاعات من أموال الضرائب التي يجبيها الاحتلال في المنافذ نيابة عن السلطة (المَقاصّة) في أداء الحكومة ودورها؟
قرصنة إسرائيل لأموال المقاصة غير قانونية، وابتزاز سياسي، وجزء من الضغط المالي والاقتصادي على الشعب الفلسطيني.
تلك القرصنة فاقمت الوضع المالي والاقتصادي مما حد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه القطاعين العام والخاص، وهذا أدّى إلى تراجع أداء النشاط الاقتصادي، والحركة التجارية في مختلف محافظات الوطن، يضاف إلى ذلك التراجع الحاد للدعم الخارجي.
وفي ظل هذا الحصار فإننا نطالب الدول العربية بتفعيل شبكة الأمان العربية لمواجهة قرصنة الاحتلال لأموال شعبنا من المستحقات الضريبية، مع الإشارة إلى أن الحكومة اضطرت إلى أخذ قرض مجمّع صُرِف بموجبه 65% من راتب شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وصُرف ما نسبته 14% من رصيد المتأخرات المتراكمة للموظفين، وصرف قيمة السلفة البالغة 50% التي صرفت من البنوك لصالح الموظفين عن شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبالمجمل العام الوضع المالي في بالغ الصعوبة.
أخيرا، ماذا عن المعطيات المتعلقة بالتعثر في سداد الديون، بما في ذلك القروض والشيكات وواقع الجهاز المصرفي؟
رصدنا ارتفاع قيمة الشيكات المرتجعة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبلغت 240.8 مليون دولار، صعودا من 97.7 مليون دولار في أيلول/سبتمبر السابق له.
وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية، تعليمات للمصارف، بهدف الحد من آثار شح السيولة في الاقتصاد الوطني، ومساعدة المقترضين من الأفراد والشركات، على معالجة آثار توقف الدخل، أو تراجع حجم التدفقات النقدية بسبب الحرب، وبما يحمي تصنيفاتهم الائتمانية. بالمجمل العام فإن الجهاز المصرفي في فلسطين قوي ومتين، ويتمتع بالملاءة المالية اللازمة لمواجهة التحديات المختلفة.