رام الله-أخبار المال والأعمال- اعتمد مجلس الوزراء تقرير المجلس حول متابعة المستجدات في قطاع غزة الناتجة عن الحرب التي يشنّها جيش الاحتلال على شعبنا هناك، بما في ذلك القرارات الخاصة بتنسيق وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية، وإيصالها إلى المواطنين.
وقرر المجلس، خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها، اليوم الإثنين، في رام الله، برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية، تخصيص مبلغ مالي استثناء لتلبية جميع احتياجات العمّال من المحافظات الجنوبية الذين أجبرهم الاحتلال على المغادرة إلى المحافظات الشمالية.
وصادق على خطة وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة التربية والتعليم الخاصة بدوام الطلبة في الجامعات والمدارس، لتكون الدراسة دائماً بالأسلوب الوجاهي، إلّا في حالات محددة قد ينتج عنها تعريض حياة الطلبة أو العاملين للخطر الناتج عن اعتداءات قوات الاحتلال والمستعمرين.
واعتمد مجلس الوزراء موازنة وخطة طوارئ لوزارة الصحة، بما يشمل الأدوية والمستلزمات الطبية، لتلبية احتياجات المستشفيات الفلسطينية للثلاثة أشهر المقبلة.
وأكد أنه رغم ما يتعرض له القطاع من دمار ودماء، فإن مجلس الوزراء سيواصل الاضطلاع بمسؤولياته تجاه أهلنا الذين يتعرضون لحرب إبادة ومحاولات التهجير القسري، مشددا على أن شعبنا الذي يقدم التضحيات الجسام قادر على إفشال مخططات الاحتلال بالتهجير من خلال عمليات التقتيل والتجويع، وأنه لن يقبل بأية حلول مجتزأة.
وأعرب عن تقديره للدور الذي تضطلع به الطواقم الصحية في قطاع غزة والضفة الغربية، وخاصة الكوادر الطبية التي تعمل في القطاع وسط شح الإمكانيات وتحت القصف والخوف ونقص الدواء وانقطاع الماء والكهرباء والاتصالات، الأمر الذي يعيق عمل طواقم الإسعاف.
كما عبر المجلس عن تقديره للدور الذي تقوم به الطواقم الصحفية في نقل الصورة للعالم لفضح الفظاعات التي ترتكبها قوات الاحتلال من حرب إبادة تستهدف العائلات، مترحما على أرواح الشهداء من الصحفيين الذين استهدفوا مع عائلاتهم لمنعهم من نقل الصورة وتوثيق الجريمة باعتبارهم شهود الإثبات.
كما عبر مجلس الوزراء عن تقديره للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية التي تضطلع بدورها في القيام بواجباتها لضبط الأمن وعدم السماح بأية محاولات للمس بالوحدة الوطنية وبصلابة الجبهة الداخلية، وعدم السماح بصرف الانتباه وحرف البوصلة عما يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة من حرب إبادة ومحاولات للتهجير القسري.
وقدمت وزيرة الصحة مي كيلة تقريرا عن الأوضاع الصعبة التي يمر بها النظام الصحي في القطاع، والذي يتهدده الانهيار بسبب نقص الدواء والوقود لتشغيل المولدات لتعويض النقص بسبب انقطاع الكهرباء والماء. كما عرضت على المجلس خطة طوارئ لتأمين المستشفيات في الضفة الغربية للأشهر الثلاثة المقبلة.
وقدم وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني تقريرا حول حجم التدخلات التي قامت بها وزارة التنمية الاجتماعية للنازحين في مراكز اللجوء في قطاع غزة وفي مدارس "الأونروا"، وخاصة توفير الطعام والماء.
من جانبه، قدم وزير العمل نصري أبو جيش تقريرا حول أوضاع العمال الذين كانوا يعملون في إسرائيل وأجبرتهم إسرائيل على المغادرة إلى الأراضي المحتلة، الذين بلغ عددهم 5600 عامل، وجهود الوزارة في توفير المأوى والمأكل والحياة الكريمة لهم في أماكن الإيواء التي تم استضافتهم فيها، وكذلك توفير فرص عمل للعديد منهم.
وتحدث وزير التربية والتعليم العالي، المسير لأعمال وزارة التربية والتعليم محمود أبو مويس، حول واقع وظروف التعليم الجامعي والمدرسي في جميع المؤسسات الجامعية والمدارس في جميع المحافظات، مؤكدا أهمية استمرار التعليم الوجاهي في جميع المدارس.
وأكد أبو مويس أن مجلس التعليم العالي سيظل في حال انعقاد دائم لمتابعة أوضاع التعليم في مؤسسات التعليم العالي خاصة في المحافظات الجنوبية، ورصد الاستهداف الذي طال المؤسسات وطلبتها والعاملين فيها واتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات.
كما شدد على أن يكون التعليم في مؤسسات التعليم العالي في المحافظات الشمالية وجاهيا، ما لم يحول دون ذلك أسباب تتعلق بحرية التنقل بين المحافظات، على أن يترك للجامعات والكليات القرار بشأن الدوام وجاهيا أو عن بعد.
وقال اشتية، في كلمته بمستهل الجلسة، إن ما يتعرض له أبناء شعبنا في قطاع غزة من حرب إبادة فاق كل وصف، مضيفا أن قتل الاحتلال لآلاف الأطفال وهم نائمون بين أحضان أمهاتهم وآبائهم وبين أجدادهم وجداتهم، يعكس المدى المفجع الذي بلغته تلك الحرب المجرمة، التي يجب أن تتوقف فوراً، بالتوازي مع فتح ممرات آمنة لتمكين مئات الشاحنات المحملة بالغذاء والدواء والوقود من الدخول لإغاثة أهلنا في القطاع المحاصر بالنار والدخان، وسط انقطاع الكهرباء والماء.
وأشار إلى أن أكثر من نصف الشهداء الذين ارتقوا في قطاع غزة من الأطفال والنساء، وهم يرتعدون خوفاً وجوعاً في منازلهم، بينما تتربص الطائرات وقذائف الدبابات بمن نجو حتى الآن بانتظار اللحظة التي تنقض عليهم لتخطفهم من بين أيدي آبائهم وأمهاتهم، وتردم البيوت فوق رؤوسهم وتحولها إلى مقابر جماعية، وأن 100 عائلة أبيدت حتى الآن، بينما ما زال المئات إن لم يكن الآلاف محاصرين تحت الركام.
وقال: في غزة يموت الأطفال بين أيدي آبائهم، وفي أرحام أمهاتهم، ويموت الخدج في الحاضنات التي انقطعت عنها الحياة بانقطاع الكهرباء، وتجري العمليات دون تخدير وخارج غرف الإنعاش وفي ساحات المستشفيات التي فاضت بالجرحى والشهداء، ويسكن النازحون في بيوت المنكوبين ويتقاسم المنكوبون الموت وهم في بيوتهم، وأثناء نزوحهم وخلال وقوفهم في طوابير الحصول على شربة ماء أو رغيف خبز، أو داخل المستشفيات قصفاً بالطائرات أو موتاً بانقطاع الدواء.
وشدد رئيس الوزراء على أن المطلوب الآن وفوراً وقف العدوان والسماح بعلاج المصابين لإنقاذ حياة الآلاف الذين يتهددهم الموت، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإدخال الغذاء والدواء والماء والوقود، ووقف التهجير القسري.
وقال: إن عشرين شاحنة يوميا لا تمكّن الناس من مواجهة أدنى احتياجاتهم الإنسانية.
وثمّن اشتية مواقف الدول والحكومات والشعوب التي انحازت إلى قيم الحق والعدل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ودعا الدول الصامتة إلى الخروج عن صمتها والدول الراعية لحرب الإبادة المتدحرجة بالتوقف عن رعايتها للمقتلة الجماعية المتواصلة، وأن تنحاز إلى القيم والقوانين الإنسانية وعدم الوقوف في الاتجاه الخاطئ للتاريخ، فالتاريخ لن يرحم من يخاصمه.
وأكد أن الرئيس محمود عباس ومعه الحكومة يواصلون الجهود مع مختلف الأطراف من أجل لجم العدوان، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، وفتح مسار سياسي يعالج جذور القضية.
وقال رئيس الوزراء: سنواجه مخطط التهجير، وسنواجه الحلول المجتزأة، مسؤوليتنا تجاه أهلنا في غزة لم تبدأ اليوم، ونحن على مدار السنين ومنذ تأسيس السلطة بقينا نقدم لغزة كل ما نستطيع من كهرباء وماء ودواء وكتب مدرسية وبنى تحتية ومشاريع تطويرية ودعم للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وهذه المسؤولية لن تتوقف، ومثلما هدموا في الماضي وأعدنا البناء، فسنعمل كل الممكن لإعادة بناء ما هدموه.
وأشار إلى أن العدوان يستهدف أبناء شعبنا في الضفة الغربية بما فيها القدس، سواء أكان من جيش الاحتلال أو من عصابات المستعمرين الإرهابية، التي تم تسليحها لتمارس جرائمها المروعة بحق شعبنا، والاستيلاء على الأراضي وتقطيع الضفة إلى بانتوستانات ومربعات عزل.
وقال رئيس الوزراء: شعبنا سينتصر، والاحتلال إلى زوال، ورغم نزف الجراح ووجع المعاناة والظلم والظلام، فإن الحرية هدفنا وإلى القدس طريقنا عاصمة دولتنا المستقلة ذات السيادة، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وهذه الدولة هي أملنا المنشود.