رام الله-(الحياة الجديدة)- كشفت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء أن نسبة البطالة بين صفوف خريجي مؤسسات التعليم العالي في فلسطين (دبلوم متوسط أو بكالوريوس) بلغت مع نهاية العام الماضي 48%، بواقع 28% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة. في حين كان هذا المعدل حوالي 53% في العام 2021، بواقع 35% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة.
التخصصات الأكثر بطالة
وأظهرت بيانات "الإحصاء" أن خريجي العلوم الاجتماعية هم الأكثر معاناة من البطالة إذ بلغت نسبة البطالة في صفوفهم 64% من مجمل خريجي هذا التخصص، ثم التعليم بنسبة 62%، واللغات بنسبة 61%، والرفاه بنسبة 61%، والعلوم الفيزيائية بنسبة 56%، وتكنولوجيا الاتصالات بنسبة 52%، والفنون بنسبة 51%، والأعمال والإدارة بنسبة 47%، والقانون بنسبة 45%، والصحافة والإعلام بنسبة 42%، والصحة بنسبة 40%.
ومن بين مجالات دراسية مختارة في العام 2022، سجل أعلى معدل بطالة بين الذكور (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في تخصص اللغات بنسبة 52%، في حين سجل أعلى معدل بطالة بين الإناث (20-29 سنة) الحاصلات على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في تخصص العلوم الفيزيائية، وتخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية، بنسبة 78% لكل منهما.
فجوة واضحة بين الضفة وغزة
وأظهرت بيانات "الإحصاء" أنه من بين مجالات دراسية مختارة في العام 2022، سجّل أعلى معدل للبطالة بين الأفراد (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة في تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية بنسبة 97%، تلاه تخصص الرفاه بنسبة 88%.
في حين سجّل أعلى معدل للبطالة بين الأفراد (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في العام 2022 في الضفة الغربية في تخصص العلوم الفيزيائية بنسبة 47%، تلاه تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية بنسبة 45%.
الأعداد الأكبر من الخريجين في تخصص الأعمال والإدارة
وأوضحت البيانات أنه من بين المجالات الدراسية المختارة في العام 2022، سجّل تخصص الأعمال والإدارة النسبة الأعلى في البطالة بين الأفراد (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس، مع العلم أن نسبة الحاصلين على تخصص الأعمال والإدارة كانت الأعلى من بين التخصصات الأخرى للأفراد في نفس الفئة العمرية خلال العقد الماضي.
في حين سجّل تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية أعلى معدل بطالة بين الأفراد في الفئة العمرية نفسها الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في فلسطين في العام 2022.
13 إلى 20 شهرًا للحصول على أول فرصة عمل
وأظهرت البيانات أنه من بين مجالات دراسية مختارة في العام 2022، بلغ أعلى معدل فترة تعطل بالأشهر بين الأفراد (20-29 سنة) في فلسطين والحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في تخصص القانون بمعدل 20 شهرا، في حين بلغ أدنى معدل فترة تعطل في تخصص الهندسة المعمارية والبناء وتخصص الهندسة والحرف الهندسية بمعدل 13 شهرا لكل منهما.
آلاف الخريجين يتنافسون على عدد محدود من الوظائف
يذكر أن عدد المتقدمين لامتحان شهادة الثانوية العامة بلغ 87,817 في العام الدراسي 2022/2023، فيما بلغ عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 46,225 خريجا وخريجة في العام الدراسي 2021/2020.
ويستوعب السوق المحلي سنويًا بمعدل 3 آلاف فرصة عمل للأفراد الخريجين.
ما الذي تعكسه هذه الأرقام؟
وفي معرض تعليقه عن الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للاحصاء، يقول المدير التنفيذي للصندوق الفلسطيني للتشغيل رامي مهداوي إن "هذه الأرقام تعكس واقع سوق العمل الفلسطيني وكذلك العربي إلى حد بعيد فيما يتعلق بعدم قدرة السوقين الفلسطيني والعربي على اللحاق بالتطور الحاصل في العالم خاصة على المستوى التكنولوجي الذي ألقى بظلاله على عدد من التخصصات الاجتماعية والإنسانية"، متسائلا حول قدرة الجامعات المحلية على مواكبة التطورات والتغيرات في سوق العمل سواء فلسطينيا أو عربيا أو عالميا.
ولفت مهداوي إلى أن المعطيات الرقمية الحالية تشير إلى تراجع طفيف في نسبة البطالة في صفوف الخريجين مقارنة مع سنوات سابقة، مرجعا ذلك إلى الجهود التي يبذلها الصندوق الفلسطيني للتشغيل ووزارة العمل ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي لإطلاق برامج تستهدف الخريجين، من بينها استحداث تخصصات جديدة في التعليم المهني التي تلبي حاجة السوق، وكذلك إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والهادفة لخلق فرص عمل من خلال توفير التمويل اللازم لأصحاب المشاريع الصغيرة بفوائد صفرية، مشيرًا إلى أن جائحة "كورونا" غيرت من طبيعة وخصائص الوظائف المطلوبة التي باتت تعتمد أكثر على التكنولوجيا والعمل عن بعد ونجح بعض أبنائنا وخاصة في قطاع غزة من تسجيل قصص نجاح باهرة في هذا السياق.
وأشار مهداوي إلى الفجوة الرقمية الكبيرة في صفوف البطالة بين الضفة وغزة، قائلا "سوق العمل في قطاع غزة مغلق، ولهذا أثر ذلك على نسبة البطالة الإجمالية على الصعيد الوطني، وذلك بسبب عدم وجود أفق اقتصادي في القطاع".
ونوه مهداوي إلى أن العالم اليوم بات يحتاج إلى تخصصات دقيقة تنبثق عن التخصص الرئيسي، فمثلا السوق لا يحتاج إلى خريجي صحافة وإعلام لكنه يحتاج على سبيل المثال إلى صحفيين متخصصين في الاقتصاد أو الرياضة وكذلك إلى صحفيين يتقنون التطبيقات التكنولوجية الحديثة.
السوق بين العرض والطلب
من جهته، رفض الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم حصر مشكلة البطالة على ما تضخه الجامعات من خريجين، مشيرا إلى أن المشكلة تتعلق بالطلب أكثر منها من العرض، بمعنى انغلاق الأفق أمام الاقتصاد الفلسطيني نتيجة إجراءات الاحتلال الذي يسيطر على المساحات الأكبر من الأرض خاصة في مناطق (ج) ما حد من وجود فرص استثمارية تخلق فرص عمل للشباب.
وأضاف "قدرة القطاعين الحكومي والخاص على التشغيل محدودة جدا، فالحكومة غير قادرة على التشغيل في ظل أزمة مالية خانقة تمر بها، والقطاع الخاص غير قادر على الاستثمار وإطلاق مشاريع اقتصادية في ظل الحالة الأمنية والسياسية المعقدة وسيطرة الاحتلال على المناطق الجغرافية الواسعة من الضفة الغربية، ما جعل الاقتصاد الفلسطيني يدور في حلقة مغلقة، وانحصر النشاط الاقتصادي في الملاذ الآمن وتحديدا في مناطق (أ).
أما بخصوص انخفاض نسبة البطالة في صفوف الخريجين نسبيا مقارنة مع سنوات سابقة، فأرجع د. عبد الكريم ذلك إلى التحاق أيدي عاملة ماهرة بالسوق الإسرائيلية، ما دفع العديد من الخريجين إما إلى التوجه للعمالة داخل الخط الأخضر أو البحث عن فرص عمل في السوق الفلسطيني في ظل ارتفاع الطلب على الأيدي العاملة الماهرة.