رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) أولى لقاءات الحوار الوطني الاجتماعي لمناقشة مسودة قانون الضمان الاجتماعي المقترحة بمشاركة الحكومة ممثلة بوزارة العمل، والعمال ممثلين بالاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، والقطاع الخاص ممثلاً باتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية، وبحضور ممثلي منظمة العمل الدولية ومجموعة من المختصين والخبراء، وجاهيا بمقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الزووم من قطاع غزة.
وأوضح المدير العام للمعهد رجا الخالدي أن المعهد يرى ضرورة العمل على الوصول إلى توافق وطني وإجتماعي حول مسودة القانون من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة، بما يتيح إخراج مسودة هذا القانون المهم الى حيز التنفيذ في سياق بناء منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة، التي طالما استحقها الشعب الفلسطيني.
كما بين أن هذا الحوار سيكون تشاوري واسع النطاق قدر الإمكان، ويشمل كافة أطياف المجتمع الفلسطيني، وضمن سلسلة لقاءات تشاورية تغطي كافة المناطق الجغرافية.
وطالب الخالدي بالتفكير الجدّي بمستقبل المجتمع الفلسطيني وضرورة الحفاظ على مصالح الفئات المستضعفة والمهمشة والحفاظ على الكرامة الإنسانية والعمل على تغيير نوعي في المجتمع الفلسطيني من توفير الحماية الإجتماعية اللازمة للمستفيدين وأسرهم.
بدوره، أكد وزير العمل نصري أبو جيش أن الضمان الإجتماعي يقدم وسائل حماية مهمة لجميع أفراد المجتمع بحيث يضمن الكرامة للمستفيدين وأسرهم، وخاصة الأسر التي تفقد معيلها. وسبق أن كشفت لنا جائحة كورونا أن هناك هشاشة في نظام الحماية الإجتماعية في فلسطين، حيث تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن 78% من حجم القوى العاملة في فلسطين لا يتوفر لديهم نظام حماية اجتماعية، و70% من القوى العاملة لا يحصلون على نهاية خدمة، وعليه لا بد من اتخاذ العبر من خلال السعي إلى توفير نظام حماية اجتماعية عادل وعصري، ويوفر أسس الحياة الكريمة للمستفيدين.
كما أكد أن مسودة قانون الضمان الاجتماعي المقترحة تعتبر مكملاً للحقوق التي نص عليها قانون العمل.
فيما يتعلق بمسودة القانون، بين أبو جيش أن هناك 42 مادة جرى تعديلها عمّا كانت عليه في القانون السابق وذلك بناء على جلسات حوارية مع الأطراف الشريكة من العمال وأصحاب العمل، بالإضافة إلى خبراء ومختصين. وقد استمرت الحوارات لمدة عامين خلصت إلى مسودة القانون التوافقية المطروحة حالياً للنقاش.
وأشار أبو جيش إلى العديد من المزايا الجديدة التي تضمنتها المسودة الحالية للقانون، وقدم مثالاً لهذه المزايا تأمين البطالة كإضافة نوعية، بالإضافة إلى التعديلات التي طالت نسب المساهمات والاشتراكات للتأمينات المشمولة، وأشار إلى المرونة في تطبيق تأمين الشيخوخة والوفاة والعجز الطبيعيين بحيث أصبح تطبيق هذا التأمين بشكل تدريجي بسقف زمني لا يتجاوز الخمس سنوات. كما نصت المسودة الحالية على تعديل قواعد وأنصبة الورثة والمستحقين بحيث شملت تعديل النسب للمستحقين، بالإضافة إلى إضافة مستحقين جدد لم يتم النص عليهم سابقاً مثل الأخوة والأخوات.
كما لفت إلى أن مسودة القانون أفردت جزئية خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، بحيث منحتهم أفضلية في الحصول على راتب تقاعدي بعد مرور 10 سنوات من إشتراكهم في المنظومة مقارنة ب 15 سنة للأشخاص الطبيعيين.
وقال أبو جيش: "بناء على مرسوم سيادة الرئيس رقم 4 لسنة 2019 والذي نص على إستمرار الحوار الوطني الإجتماعي بهدف الوصول إلى توافق وطني على أحكام القانون وموعد نفاذه، وعليه نطلق اليوم هذا الحوار الوطني الإجتماعي من أجل خلق حالة من التوافق على بنود القانون، ونؤكد على استعدادنا التام لقبول أي ملاحظة وجهوزيتنا للحوار لتوفير شراكة حقيقية".
من جانبه، بين رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية، ممثل القطاع الخاص، عبده ادريس بأن المبدأ الأول في الضمان الاجتماعي هو العدالة وتحصيل حقوق العامل بشكل صحيح، ويجب الحفاظ على صاحب العمل والعامل، وتجنب أية تضارب مع قانون العمل وبخاصة مسألة نهاية الخدمة.
وأوضح أنه إذا تم إدارة الصندوق بشفافية وإدارة رشيدة سيعود بالنفع على الاقتصاد الفلسطيني في القطاع الخاص مع ضمان اجتماعي قابل للديمومة والاستمرار.
من جهته، أوضح رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، ممثل العمال، شاهر سعد بأن مسودة القانون وضعت بمساعدة خبراء من كافة الأطراف، وتم عمل دراسات اكتوارية وهي مسودة للنقاش الجاد، ونحن نعتبر أن الضمان الاجتماعي أحد عناصر السيادة، فهو يؤدي إلى استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي.
وبين سعد بأن إسرائيل قد أحالت حقوق العمال الفلسطينيين العاملين فيها إلى شركة خاصة داخل أراضي الـ48، مما قد يهدر حقوق العمال، مشيرا إلى أن التقديرات تشير إلى أن حجم استقطاعات العمال في إسرائيل يقدر بحوالي 20 مليار شيقل، وأن إسرائيل تتنصل منها.
وشارك كل من: مدير عام المؤسسة العامة للضمان الإجتماعي الأردني محمد طراونة، ود. محمد خريس، ود. عاطف علاونة كخبراء منتدبين من منظمة العمل الدولية، والذين أكدوا ضرورة أن يكون لفلسطين حماية اجتماعية أسوة بباقي الدول، حيث أن فلسطين من الدول المحدودة التي لا يتوفر بها ضمان اجتماعي.
وفي هذا السياق، أشار الخبراء إلى الإيجابية القصوى لإنشاء ضمان اجتماعي في فلسطين وبخاصة الآثار الايجابية المتعلقة بحقوق المستضعفين والعاملين وأصحاب العمل.
كما أشار الخبراء إلى إيجابية مسودة القانون الحالي، وبينوا أن إجماع الاطراف على أهمية الضمان الاجتماعي يعود بالنفع على سوق العمل والتنمية الاقتصادية.
كما قدم الخبراء رسائل إطمئنان واضحة بخصوص حقوق المنتسبين المحمية بالأنظمة والقوانين الدولية والمحلية، والتي لا يمكن المساس بها بأي شكل من الأشكال.
فيما شدد الحضور على ضرورة توفير الضمانات اللازمة لتطبيق بنود القانون وآلية إدارة نظام الضمان الاجتماعي والحافظ على حقوق المنتسبين بشفافية وعدالة، وبخاصة المستحقات المتراكمة للعاملين داخل الخط الأخضر. بالإضافة إلى أهمية وجود مذكرات تفسيرية ولوائح تنفيذة لقانون الضمان الاجتماعي.
يذكر أن هذه الجلسة هي الأولى من ضمن مجموعة من الجلسات التي ستنظم تباعا على مدار ثمانية أسابيع بمشاركة كافة الأطراف وذوي العلاقة وصولاً إلى قانون ضمان اجتماعي عصري وحديث يستجيب لتطلعات كافة الأطراف وشرائح المجتمع.