بالشراكة ما بين بنك فلسطين والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية
مصرفيون وخبراء يطالبون بإنشاء هيئة لحوكمة المخاطر البيئية في مؤسساتهم
محافظ سلطة النقد: الوطن العربي الأكثر تأثرا بالتغير المناخي رغم أنه الأقل مساهمة في انبعاثات الغازات الدفيئة
رام الله-الحياة الجديدة-إبراهيم أبو كامش- أكد خبراء المال والبيئة وممثلو القطاع البنكي على وجوب إعداد وبلورة خطط خاصة بالمؤسسات المالية المحلية والأوروبية، لا سيما البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD نحو الاستدامة، والتحضير لجاهزية دول المنطقة في مواجهة آثار التغير المناخي، مشددين على أهمية وضرورة انتهاج الممارسات الفضلى للتخفيف من آثار التغير المناخي في قطاع الأعمال ودراسة إجراءاته على المستوى العالمي في التعامل مع التغيرات المناخية.
جاء ذلك خلال إطلاق بنك فلسطين والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD فعاليات المؤتمر الأول تحت شعار "مخاطر التغير المناخي، ودور القطاع المصرفي في الحد منها عبر تبني سياسات مواءمة للبيئة"، بمشاركة محافظ سلطة النقد د. فراس ملحم، ورئيس مجلس إدارة مجموعة بنك فلسطين هاشم الشوا، والمديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية د.هايكا هارمجرت، ورئيس سلطة جودة البيئة د. نسرين التميمي، ومجموعة من الخبراء والمختصين من مصر والمغرب وتركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وذلك في قاعة مؤسسة عبد المحسن القطان برام الله، بحضور عدد من الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين في القطاع البنكي والمالي وخبراء البيئة التنموية في فلسطين والمنطقة العربية والعالم. وبحث الخبراء والمختصون المحليون والدوليون في مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية، بما فيها مؤسسات مالية ومصرفية محلية وعربية ودولية ممارسات التخفيف من آثار التغير المناخي، ودور القطاع المصرفي في مواجهة المخاطر.
وأكد محافظ سلطة النقد د. فراس ملحم، على دورهم في المساعدة كبنك مركزي في الحد من مخاطر المناخ، وقال: "الوطن العربي الأكثر تأثرا بالتغير المناخي مع انه الأقل مساهمة في الإنبعاثات التي تؤثر سلبا على البيئة في العالم، لذلك بدأت البنوك في الوطن العربي مناقشة هذا الأمر، وبدأنا في سلطة النقد العمل على تشجيع التمويل فيما يتعلق بالتحول الى الاقتصاد الأخضر ونركز أكثر على الطاقة المتجددة.
وأشار ملحم، الى أن انعقاد المؤتمر، الأول من نوعه في فلسطين، يأتي في ظل ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، التي ألقت بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية والبيئية، بما فيها القطاع المصرفي، الأمر الذي يستلزم التكاتف أمام هذه التحديات، والبحث عن حلول جذرية للحد من مخاطرها، خاصة أن المنطقة العربية تعد من بين مناطق العالم المعرضة لتأثيرات التغير المناخي، وما يمكن أن يحدثه من تداعيات بيئية واقتصادية.
وأشار إلى أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع المالي بشكل عام، والقطاع المصرفي على وجه الخصوص، في التكيف مع التغيرات المناخية، من خلال قرارات التمويل والاستثمار، وسياسات إدارة مخاطر الائتمان وممارسات الإقراض.
وأكد محافظ سلطة النقد أنهم يعكفون على دراسة حزمة من المحفزات للبنوك حتى تقوم ببدء التمويل الأخضر في المستقبل القريب.
بدورها، أكدت رئيس سلطة جودة البيئة د. نسرين التميمي، أن الخسائر والأضرار الناجمة عن الأحداث المتطرفة تتجاوز القدرات التكيفية لمعظم البلدان واقتصاداتها. على الصعيد الوطني، فان فلسطين تعاني من طبقات متعددة من التحديات بسبب تأثير تغير المناخ والاحتلال، ما قوض إلى حد كبير القدرة على الاستجابة لتحديات تغير المناخ في كل من التخفيف والتكيف.
واعتبرت د. التميمي، جميع التحديات بما فيها سيطرة الاحتلال على الموارد الطبيعية الفلسطينية عوامل مقيدة للجهود الفلسطينية المضطربة للاستجابة لتحديات تغير المناخ والذي يحتل مكانة عالية في جدول أعمالنا الوطني، منوهة الى تمكن فلسطين من تأمين تمويل للعديد من المشاريع المناخية، "مشروع بنك المياه وتكييف الزراعة مع تغير المناخ في شمال غزة" (48 مليون يورو) من صندوق المناخ الأخضر و"سلسلة قيمة الزيتون منخفضة الكربون" (9 مليون يورو) من مرفق نما، بالإضافة إلى موافقة الصندوق الأخضر للمناخ على مشروع إقليمي يشمل فلسطين يهدف إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الإجراءات المناخية، مما سيساعد في إلقاء المزيد من الأضواء على المشاركة المحتملة للقطاع الخاص في المشاريع ذات الصلة بالمناخ.
من جهته، دعا رئيس مجلس ادارة مجموعة بنك فلسطين هاشم الشوا، الى التصرف بمسؤولية وأخذ المبادرة بإشراك العملاء وتثقيفهم حول مخاطر ومزايا إدارة المخاطر المناخية والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، كما دعا الحكومة وسلطة النقد لدعم هذا التوجه، حاثا على وضع مخاطر الاستدامة البيئية والاجتماعية المتعلقة بالحوكمة كجزء أساسي من سياسات البنوك والمؤسسات المالية، وإشراك كافة الجهات ذات العلاقة بمن فيهم المشرعون والعملاء، والعمل مع الهيئات الحكومية المختصة حول المبادرات المتعلقة بتخفيف مخاطر المناخ، والعمل بشفافية والتأكد من دمج مخاطر المناخ في عملية إدارة المخاطر في المؤسسات، وإنشاء هيئة لحوكمة المخاطر البيئية في المؤسسات المالية والمصرفية على المستويين العمل والإداري، والتعامل مع الإدارة المناخية كمصدر للكفاءة والتعامل مع كافة المشاريع لتحقيق الربح من الأعمال، وتقديم الدعم الفني لعملية الانتقال إلى درء مخاطر المناخ.
وقال: "يهدف هذا المؤتمر الى قيادة السجال حول تخفيف المخاطر المناخية في فلسطين بين مجتمع المصارف وغيرهم من الأطراف المعنية، بالرغم من كافة التحديات التشغيلية والمخاطر التي نواجهها في فلسطين فانه من المهم بالنسبة للمصارف أن نأخذ بالاعتبار المخاطر المناخية الجديدة التي تفرض نفسها على عملنا ويشجعنا على التعامل معها في سياساتنا، ولكن ومع ذلك لا يشكل جزءا من البيئة التشريعية والتنظيمية ونأمل من محافظ سلطة النقد ادراج هذا الأمر في السياسات".
وأكد الشوا، أن المصارف تحقق تقدما كبيرا في تخفيف مخاطر المناخ وتنفيذ الأنظمة والسياسات التي من شأنها تخفيف انبعاث الكربون والمضار البيئية، ونرى ايضا أن المساهمين والمستثمرين يطلبون من المصارف والشركات أن تأخذ بالاعتبار المعايير المتعلقة بالبيئة والعمل الاجتماعي والحوكمة.
وأضاف الشوا: "يجب تحمل مسؤولية شركاتنا وألا تكون أعمالها تؤثر على البيئة، ويجب أن نهتم بشروط المحافظة على البيئة عند منح القروض للعملاء والمشاريع التي نمولها، والاهتمام بالمخاطر المرتبطة بالبيئة والعمل الاجتماعي والحوكمة، وتقديم حوافز لتشجيع للاقبال على صرف قروض خضراء للكفاءة في الطاقة، وعلينا بذل جهد أفضل للتوعية بين العملاء وتوفير الحوافز لانتقال شركات عملائنا نحو أعمال صديقة للبيئة".
أما المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط لدى البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية د.هايكا هارمجرت، فأبدت استعدادتهم لاتخاذ كافة التدابير اللازمة للتأكد من قيام الحكومة الفلسطينية بكل جهد ممكن لتخفيف انكشاف القطاعات الأكثر انكشافا، ولا سيما انها شاركت بفاعلية على أعلى المستويات من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د. محمد اشتية في الفعاليات الدولية لدرء مخاطر التدهور المناخي والإنبعاث الكربوني.